النَّظَافَة النَّظَافَة.. يَا حُجَّاج..!

‏كُلما رَأى المرء كمية المُخلَّفات وأكوام الزَّبائِل في المَشاعر المُقدّسة، شَعَر بالحَسْرَة ‏وحسَّ بالمَرارة لهذا المنظر، الذي ينفي وجود أي علاقة بين المُسلمين والنَّظافة!‏
وإذا كان هذا حالهم في «يوم الحج الأكبر»، فما بالك في غيره من الأيام؟!.. لأن يوم ‏الحج الأكبر شيمته النَّظافة، وعلامته الرُّقي، ودلالته لا رفث ولا فسوق ولا جدال!‏
يا إلهي.. ما أكبر المسافة بين لون الإحرام المُشع بياضاً ونقاءً، وبين لون الشَّوارع ‏المُمتلئة بألوان الطِّيف المُقزِّز وَسخاً وَتَلوثاً!‏
لا ريب أن الحُجَّاج تسلَّموا المشاعر من أهلها نظيفة نقيَّة، خَالية من كُل ما يُعيق ‏الطَّريق ويَحرج الحَجيج، فهل من الأمانة أن يَردوا هذه «البُقعة» وقد تَمزَّقت أحشاؤها ‏من المُخلَّفات، وتَلطَّخت جهاتها من المُلوِّثات والمُشوِّهات؟!‏
هل وصل الأمر بأن تتدخَّل الفتاوى لصيانة المشاعر، وتنقية شوارعها من مُؤذيات ‏الطَّريق ومُستلزمات الأذى، ليُصدر الدكتور علي جمعة - مفتي مصر - فتوى رسميَّة ‏يقول فيها: (إنَّ تَرك المُخلَّفات في الشَّوارع والطُّرقات في مكة المكرمة والمشاعر ‏المقدسة، وعدم القيام بتنظيفها، من «السيئات العظام والجرائم الجسام»، لأن في ذلك ‏إساءة للنَّاس.. ومن يقوم بهذا العمل يتخلَّق بأخلاق بعيدة عن الإسلام)!‏
أين هؤلاء الذين يُمارسون «رمي المُخلَّفات وإلقاء النِّفايات» من قول المولى جلَّ وعز: ‏‏(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدْ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً ‏عَظِيماً)؟!‏
بل أين هُم مِن قوله صلّى الله عليه وبارك: (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ ‏وَيَدِهِ)؟!‏
ولعلّّ كثيرًا من النَّاس يعلم أن أحد الصَّحابة جَاء إلى الرَّسول صلّى الله عليه وبارك، ‏وقال: (عَلِّمْنِي شَيْئاً أَنْتَفِعُ بِهِ)، فقال له رسول الله: (اعْزِلْ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ ‏المُسْلِمِينَ)!‏
أكثر من ذلك.. يعلم كل مُسلم أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة، ولله درّ مفتي مصر ‏الدكتور علي جمعة عندما قال: (يجب على جميع المُسلمين أن يُحافظوا على نظافة ‏الشَّوارع من القَاذورات ومُخلَّفات الأطعمة، وأن يَقوموا بِذبح الأضاحي في الأماكن ‏المُعدَّة والمُجهزة لذلك، ويحرصوا على اتباع كُل ما ينفع مُجتمعهم ويَنأوا بأنفسهم عن ‏كُل ما يُؤذي أحاسيس ومشاعر وأبدان الآخرين)!.‏
والله من وراء القصد..‏
أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com

المدينة /الجُمْعَة ٠٧ ذو الحجة ١٤٢٩ - الموافق: ٠٥ ديسمبر ٢٠٠٨