أين السوق الصغير؟

 

 

لو طرحت سؤالا على أي من أبناء الجيل الحالي عن السوق الصغير بمكة المكرمة، فمن المؤكد أنني لن أجد إجابة لسؤالي، فجل الشباب يجهلون السوق الصغير وتاريخه وخدماته، ولعل السبب في هذا أن السوق قد تمت إزالته ودخلت مساحته ضمن توسعة الحرم المكي الشريف.

وكان السوق الصغير باسمه الكبير بمحتوياته واحدا من أبرز أسواق مكة المكرمة التي توفر الخدمات الأساسية للأهالي والحجاج ـ ولم يكن قدوم المعتمرين خلال تلك الفترة بما هو عليه حاليا ـ، فمن مواد غذائية خفيفة إلى خضروات وفواكه وأسماك ووجبات غذائية طازجة بنكهة حجازية.

وحينما بدأت عمليات التوسعة للحرم المكي الشريف في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ تمت إزالة ذلك السوق الذي تحول مسماه من سوق إلى نفق، فأصبح الكثيرون يطلقون عليه «نفق السوق الصغير»، وهو ما يعني أن اسم السوق لم يغب عن الأذهان فبقى مسماه حتى وإن غاب وجوده.

والمتابع لنفق السوق الصغير حاليا يرى أنه ليس بذاك الاسم، فهو واحد من أهم وأكبر الأنفاق تحت الأرض في مكة المكرمة، ويمتاز بوجود مواقف للسيارات للتحميل والتنزيل وسلالم للصعود إلى سطح الأرض والتوجه صوب الحرم المكي الشريف.

وما جعلني أتطرق للحديث عن السوق الصغير اليوم ما بتنا نراه غائبا للكثير من المسميات القديمة للأسواق والأحياء القديمة بمكة المكرمة، التي أزيل البعض منها لأعمال توسعة الحرم المكي الشريف والساحات المحيطة به والطرق المؤدية إليه.

فهل تسعى أمانة العاصمة المقدسة لإعادة مسميات هذه الأحياء والأسواق عبر المناطق الحديثة الجاري تنفيذها، وإن كنت قد قرأت وسمعت قبل سنوات عن مشروع تعتزم أمانة العاصمة المقدسة تنفيذه بمنطقة بوابة مكة المكرمة، يتضمن إقامة مناطق سكنية وأسواق ومحلات تجارية بمساحات مختلفة وبطراز عمراني قديم يحفظ جمال البناء القديم بمكة المكرمة.

غير أن هذا المشروع، أو لنقل الفكرة، لم نعد نرى لها وجودا أو ذكرا، ولا تعرف ما هي الأسباب، أهي عائدة إلى معوقات في تنفيذ المشروع؟، أم أن أمانة العاصمة المقدسة رأت إلغاء الفكرة والسعي لتنفيذ مشاريع ذات طراز عمراني حديث؟، أو أن مساحات الأراضي المخصصة لإقامة مثل هذا المشروع، والتي سلمت لشركة البلد الأمين التابعة لأمانة العاصمة المقدسة، تحولت إلى مربعات سكنية للاستثمار التجاري الخاص؟، أم أن هناك نية لتوزيع هذه الأراضي كمنح؟.

إن هناك أكثر من سؤال يطرح عن أسباب تراجع شركة البلد الأمين عن تنفيذ مشاريعها، فمنذ أن أسست الشركة وحتى تاريخه لم نر أو نسمع عن مشروع واحد نفذته، فكل الذي قرأناه وسمعناه وجود شركة تحمل اسم «شركة البلد الأمين»، لديها كوادر إدارية وفنية من مهندسين ومساحين وغيرهم من منسوبي الأمانة، وتمتلك مساحات شاسعة من الأراضي.

صحيفة مكة 1436/6/20هـ