الجنرال يضرب مجددا

شاءت الأقدار أن تكون مكة المكرمة محطة لآخر جولات الجنرال مطر التفتيشية، يوم الخميس الماضي، بعد عدة جولات سابقة على بعض مدننا كبيرها وصغيرها، وندعو الله تعالى أن تكون هذه آخر الجولات. جاست سيول الخميس خلال أحياء مكة قديمها وحديثها، فخربت وجرفت ما اعترض طريقها، وحاست شوارعها بمركبات متراكبة متراكمة أعادت للأذهان صور سيول جدة المرعبة، التي صادف يومها تحديدا إعلان تبرئة 9 متهمين بالرشوة والواسطة بكارثتها الشهيرة التي كاد الناس أن ينسوها لطول العهد بتحقيقاتها.

لم يعد غريبا أن يضرب السيل بعض المدن، لم يعد غريبا أن تحاصر العمائر وتطفح الشوارع حتى في الأحياء الحديثة، وقد سلم الله فانحصرت الخسائر في حالة وفاة واحدة وتلف عدة مركبات.

سأفترض أقصى درجات حسن النية، مخططات سمح لها بالبناء على مجاري سيول لأسباب ما زال معظمها مجهولا، إلا أن المهم أنه جارٍ تصحيح أوضاعها، ما يأتينا من أمطار يفوق حجمها في كل مرة تقديراتنا العلمية الميدانية، وأن هيئة الأرصاد لأسباب أخرى عديدة لم توفق للمرة الألف، لا بأس حتى إذا أنهار جسر جديد لم يشطب بعد أو سقف سوق تجاري حديث العهد، كل هذا قد يحدث في ظل ورشة العمل الكبيرة بمكة، وارد أيضا حدوث بعض الأخطاء وظهور بعض القصور، الغريب وغير الوارد حقا هو تكرار الأخطاء والقصور دون عقاب رادع يمنع تكرارهما.

وأزعم أن مكة غير، لا لعاطفة دينية، بل لأنها قبلة مسلمي المعمورة ومهوى أفئدتهم ومنتهى أبصارهم كل يوم، يبحثون عنها وعن أخبارها كل حين. تناقل صور ما حدث فيها يسيء لا إلى سمعة مهندسي مشاريعها أو مخططيها ومنفذيها، بل إلى سمعتنا جميعا في المحافل الدولية، ظهور الخلل حول تنفيذ بعض مشاريع الحرمين الشريفين يأخذ بعدا أقوى، ليس فقط تجاه مصالح مواطنين وأرواح تعرض للخطر، بل سمعة بلد صارت على المحك، إن لم يضرب بيد من حديد على من تسبب بخطأ كهذا. لنقل رب ضارة نافعة، أن يحدث هذا في بداية عهد جديد لأمير جديد نأمل فيه كل الخير، بعد أن وضع جنرال مطر بين يديه كامل ملف التعثر في برامج مكته ومكتنا ومكة أبيه وقرة عينه والمسلمين أجمعين، وإنا لمنتظرون.

عكاظ 1435/7/12هـ