شكراً على كل اللحظات
أهدانِي الكاتبُ الكبيرُ الأستاذُ محمد بن أحمد الحسَّاني، كتابًا بعنوانِ «مؤسَّسة النقدِ العربيِّ السعوديِّ.. شكرًا علَى كلِّ اللحظاتِ»، من تأليفِ الأستاذِ عدنان محمد يماني، الموظَّفِ السَّابقِ بالبنكِ عامَ 1391هـ حتَّى تقاعدِهِ عامَ 1427هـ.
الكتابُ من نوعِ الكتبِ التِي يُطلقُ عليهَا كتبُ «الكبسولةِ»؛ لصغرِ حجمِهَا بعددِ صفحاتٍ لا تتعدَّى 38 صفحةً، سريعة القراءةِ، جميلة المحتوَى، يحكِي قصَّةَ إنشاءِ مؤسَّسةِ النقدِ العربيِّ السعوديِّ، إلى أنْ تمَّ تغييرُ الاسمِ إلى البنكِ المركزيِّ السعوديِّ.
البدايةُ مِن العامِ 1938م، الذِي شهدَ أُولى لَبِناتِ ازدهارِ مستقبلِ المملكةِ الماليِّ، وذلكَ بالتزامنِ معَ بدءِ إنتاجِ النفطِ بكميَّاتٍ تجاريَّةٍ مِن بئرِ الدَّمام رقم (7)، الذِي أُطلقَ عليهِ اسمُ «بئرِ الخيرِ».
كانَ مِن نتائجِ اكتشافِ النفطِ، وزيادةِ العائداتِ الماليَّةِ عامًا بعدَ عامٍ أنْ جعلَ الاقتصادَ السعوديَّ ينمُو ويزدهرُ، الأمرُ الذِي استوجبَ أنْ يكونَ لدَى الدولة جهةٌ تعملُ كمصرفٍ مركزيٍّ، مهمتهَا إصدارُ العملةِ النقديَّةِ حتَّى يتمَّ تثبيتُ قيمتهَا، وبالتَّالي التصرُّف فِي العملاتِ الأجنبيَّةِ، ومراقبة أداءِ البنوكِ، إضافةً للعاملِينَ فِي مجالِ الصيرفةِ.
نتيجةً لتلكَ الطفرةِ الماليَّةِ، قدَّمتِ المملكةُ طلبًا إلى رئيسِ البعثةِ الماليَّةِ الأمريكيَّةِ فِي المملكةِ السيِّد (آرثر يونج) لإجراءِ دراسةٍ للأوضاعِ الماليَّةِ في المملكةِ؛ الهدفُ منهَا إيجادُ مؤسَّسةٍ أو إدارةٍ تهتمُّ بالأمورِ الماليَّةِ والنقديَّةِ.
بعد انتهاء الدراسة المستفيضة، حول الوضع المالي من قِبل رئيس البعثة الأمريكية، أوصت الدراسة بأهمية إيجاد مؤسسة تكون مهمتها تدبير الحالة المالية، واعتبارها وكيلا مالياً عن الدولة، وتمت الموافقة، على أن يكون مقر هذه المؤسسة مدينة (جدة)؛ لأنها كانت تمثل المركز المالي والتجاري للمملكة في تلك الفترة. أصدرَ الملكُ المؤسسُ عبدالعزيز -رحمهُ اللهُ- مرسومًا ملكيًّا فِي العشرينِ مِن أبريل عام 1952م بتأسيسِ مؤسسةِ النقدِ العربيِّ السعوديِّ.
ولبسطِ أعمالِ المؤسسةِ فِي جميعِ أنحاءِ المملكةِ، قامت بإنشاءِ عشرةِ فروعٍ داخلَ الوطنِ، كانَ أوَّل فرعٍ لهَا في مدينةِ (مكَّة المكرَّمة) الذِي تمَّ افتتاحهُ في شهرِ رجب من عامِ 1372هـ، وأدارهُ الأستاذُ حامد بن أحمد الدخيل، في الفترةِ مِن 1372م إلى 1374م.
كانَ أوَّلَ رئيسٍ لمؤسسةِ النقدِ العربيِّ السعوديِّ هُو الأمريكيُّ (ورج بلوا رزا) للفترةِ من 1952م وهي سنةُ التأسيسِ إلى عام 1954م، ثمَّ تولَّى بعدهُ مواطنهُ الأمريكيُّ (رالف ستاندش) من عام 1954م إلى نهاية عام 1958م، وبعدَهُ حملَ حقيبةَ المؤسسةِ السيِّد (أنور علي)، الباكستانيُّ الجنسيَّة، والذِي كانَ يشغلُ قبلهَا إدارةَ الشرقِ الأوسطِ فِي صندوقِ النقدِ الدوليِّ، وخلفهُ الأستاذُ عبدالعزيز القريشي، كأوَّل شخصيَّةٍ سعوديَّةٍ تتقلَّدُ هذَا المنصبَ مِن عامِ 1974م إلى 1982م.
وتتابعَ بعدهَا المحافظُونَ إلى أنْ تغيَّرَ مسمَّى مؤسسةِ النقدِ العربيِّ السعوديِّ؛ ليصبحَ «البنكَ المركزيَّ السعوديَّ»، وذلكَ فِي الرابعِ والعشرِين من نوفمبر سنة 2020م، مع إبقاءِ التسميةِ الأوَّليةِ الإنجليزيَّةِ «SAMA» لأهميَّتهَا التاريخيَّة ومكانتها المحلية والعالمية.
حاليًّا يحملُ حقيبةَ البنكِ المركزيِّ السعوديِّ معالي الأستاذُ الدكتور فهد بن عبدالله المبارك للفترةِ الثانيةِ، كانتْ فترتهُ الأُولى مِن 2011م إلى 2016م، ثمَّ أُعيدَ تعيينهُ محافظًا للبنكِ المركزيِّ السعوديِّ اعتبارًا من 2021م.
نقلا عن جريدة المدينة | 14 يوليو 2024