علي جابر.. تفاصيل خاصة

علي جابر.. تفاصيل خاصة
وصلني الأسبوع الماضي كتاب "الشيخ علي جابر " إمام المسجد الحرام: سيرته وأثره 1373-1426هـ"، من جمع وإعداد الصديق التربوي الأستاذ عبدالكريم عبدالعزيز السيف، في 875 صفحة بطباعة فاخرة، جمع فيه حياة الشيخ رحمه الله، كما قال، من "المهد إلى اللحد". 

توقفت أمام هذا العمل رغم أن المؤلف حدثني عنه قبل سنوات، عندما أسعدني بزيارة لداري في مكة 20 صفر 1442هـ، مُقدراً له نشر صور الزيارة في الكتاب والمقال الذي كتبته في البلاد عنه ، وخطاب لي حول فكرة تأليف الكتاب عن الشيخ ، إلا أنني لم أتوقع أن يتعمق في حياة الشيخ بهذا الشكل الدقيق، حتى لو كُلِّف بهذه الدراسة، فإن ما وقفت عليه يشير إلى عمل استغرق سنوات، تطلّب زيارات للعديد من المناطق، وتصويرًا دقيقًا بلغ حد تسجيل الركعات التي أخطأ فيها الشيخ والآيات التي قرأها في مواقع عدة، وأفرد لها المؤلف مساحات كبيرة في الكتاب. 

وكما قال السيف: "لقد قضيت سنوات عدة أتتبع سيرته من مهده للحده، ضاربًا في الأرض، متنقلًا بين المدن والبلدان، آخذًا من الرواة الثقات ممن عاصروه وصحبوه وعرفوه ولازموه، ولم أترك بابًا من أبواب المعرفة إلا طرقته، ولا مصدرًا إلا استقيت منه." كُنت قد التقيت بالشيخ علي جابر سنوات عدة خلال شهر رمضان، بداية من 1401هـ فترة إمامته للحرم المكي، حيث كنت أصلي خلفه صلاة الفجر يوميًا، وزرته في داره في مكة المكرمة القريبة من الحرم، ووافق في أيام عدة بعد أداء الصلاة، ان نقوم بجولات داخل شوارع مكة بسيارتي، ووجدت فيه نعم الرجل الصادق، النقي، طيب الرفقة، وما آلمني أنني لم أعلم بوفاته ودفنه في مكة إلا بعد فترة، فكتبت عنه مقالًا نُشر في جريدة البلاد بعنوان "ذكريات مع الشيخ علي جابر في المسجد الحرام" بتاريخ 15 ذو القعدة 1426هـ - 17 ديسمبر 2005م. 

مادة الكتاب أثارت لدي العديد من التساؤلات حول المنهجية التي اتبعها الأستاذ السيف، حتى إنك تجد جداول لتلاوات الشيخ في صلاة القيام والتراويح والتهجد للأعوام من 1401هـ إلى 1409هـ، والسور التي اختارها، كما وثّق زياراته لمن اختارهم للحديث عن الشيخ في العديد من المدن في المملكة، بالصور التوضيحية والمساجد التي قرأ فيها. كما أفرد المؤلف صفحات عدة للملك خالد رحمه الله، موضحًا أسباب اختياره علي جابر إمامًا في الحرم المكي، ووصلت به دقة التوثيق إلى نشر صور المتعلقات الشخصية للشيخ، من ملابس وأشياء ربما يعتبرها البعض عادية، لكنها تبرز جزءًا من شخصيته. في هذا المقال، لا يمكنني نقل إلا بعض مما وجدت أن الإشارة إليه "مُلزمة"، فمؤلف الأستاذ عبدالكريم السيف ليس مجرد كتاب، بل هو عدة كتب ومؤلفات وقصص وتوثيق دقيق، وجهدٌ استغرق سنوات، وتواصلٌ مع مختلف أصحاب العلاقة، بل إنني لا أستطيع إلا أن أنقل ما يعطي صورة مقبولة للقارئ، إذ إن الأمر مهمة صعبة، طالما حدثني عنها المؤلف، لكن ما وجدته في الكتاب هو أدق التفاصيل، التي وفق الله المؤلف لتسجيلها، رغم حاجتها إلى دقة في النقل والاختيار. 

وليعذرني الصديق عبدالكريم، فإن ما سجلته هنا هو أقل القليل مما يضمه الكتاب، والذي لا أعدّه مجرد إضافة، بل أمرًا مُلزمًا لاقتناء الكتاب، فهو لا يتحدث فقط عن شخص أو سيرة، بل يقدم أسلوبًا جديدًا من أدق ما مر عليّ، أو حتى ما كنت أتوقع أن هناك من سيصل به الإهتمام تسجيل معلومات في غاية الدقة، لشخصية مهما بلغت أهميتها. تقبل الله منه لقاء ماقدمه عن الشيخ علي ،، توفى الشيخ في ١٢ القعدة ١٤٢٦هـ ٢٠٠٥م ،، 

أسأل الله القبول والتوفيق للصديق عبدالكريم عبدالعزيز السيف، نظير ما قدمه للمكتبة العربية عن شخصية وطنية تركت أثرًا في الناس بعلاقتها بالقرآن الكريم، والحرم الشريف، وما لقيته من اهتمام ولاة الأمر.،، رحم الله الشيخ علي جابر الذي ترك للناس سيرة قامت على كتاب الله ووجد القبول من الناس ولازالت قراءته في مختلف القنوات بصوته الذي احبه الناس في الحرم واين ماكان ،،