على بعد 500 متر من جمرة العقبة الكبرى، يلحظ الحجاج العابرون لمنطقة الجمرات مصلى لا سقف له يحوي محرابا وملحقا معه فناء أكبر من مساحته، يطل على منى من الناحية الشمالية في السفح الجنوبي لجبل «ثبير» المطل على شعب المعروفة باسم «شعب الأنصار» أو «شعب البيعة». ورغم أن موقع البيعة الكبرى (الثانية) يعود إلى السنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية عندما بايع 72 رجلا وامرأتان من الأوس والخزرج النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام والنصرة، إلا أن تاريخ «مسجد البيعة» الأثري يعود إلى سنة 144هـ عندما بناه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في الموضع الذي تمت فيه البيعة تخليدا لهذه الذكرى. والملاحظ أن بعض من يمر على المسجد يجتهد في تمرير معلومات خاطئة عن تاريخ المصلى للزائرين، مستغلا غياب لوحة إرشادية تشرح تاريخ وترصد أهمية المكان، وعدم وجود مرشد يقوم بهذه المهمة، وقد يكون المبرر الوحيد لغض الطرف عن تلك النواقص التخوف من اعتقاد الحجاج أن زيارة المسجد تعد من النسك.

هذا المسجد فيه حجران كتب في أحدهما عبارة «أمر عبد الله ـ أمير المؤمنين أكرمه الله ـ ببنيان هذا المسجد»، في إشارة إلى الخليفة العباسي، وبه رواقان من الجهتين الشامية واليمانية بطول 23 ذراعا وعرضه 14 ذراعا ونصف الذراع، كل منهما مسقوف بثلاث قبب على أربعة عقود، وبابين، وطول المسجد من محرابه إلى آخر الرحبة 38 ذراعا وسدس.

ومازال المسجد يحتفظ بشيء من مساحته ونقوشه الإنشائية، إذ يوجد به نقش إنشائي يؤرخ لعمارته، وآخر تذكاري من نفس الفترة، ونقش إنشائي مؤرخ في سنة 625هـ.

وقد ظل المسجد متواريا عن الأنظار خلف الجبل، ومع التوسعة الجديدة وإزالة الجبل في إطار التوسعة في المشعر لطرق المشاة والحافلات ضمن مشروع منشأة الجمرات، ظهر جليا للجميع بالقرب من جسر الجمرات.

المصدر / عكاظ / ( السبت 08/12/1429هـ ) 06/ ديسمبر/2008  العدد : 2729 /طالب بن محفوظ .

* موضوع سابق عن مسجد البيعة بالموقع ...أضغط هنا