حكاية زمزم ... السقاية من أقبية المسجد الحرام إلى المصانع الحديثة
تعد سقاية الحجاج والمعتمرين شرفا لا يضاهيه شرف عند المكيين وفخرا يتوارثه الزمازمة جيلا بعد جيل وهي مهنة تولاها أهل مكة قبل 14 قرنا حتى باتت هذه الأيام تقليداً موجوداً في كل المناسبات المكية، حتى إنه يندر أن ترى مناسبة من دون زمزم والزمازمة.
مهنة الزمازمة، كما يرويها أستاذ التاريخ الإسلامي الحديث سعد الجودي الشريف، نشأت منذ عهد عبد المطلب بن هاشم، جد النبي عليه الصلاة والسلام، وتوارث عقبها المكيون هذا الشرف المعني بخدمة الحجاج والمعتمرين تعظيما لهذا البيت وتشريفا له.
وأفاد الشريف بأنه فيما بعد تجمعت جميع العائلات المعنية بسقاية الحجاج تحت قبة واحدة أسندت إلى مكتب الزمازمة الموحد في مكة المكرمة وتشمل شرف استقبال المعتمرين على مداخلها الشريفة، وأثناء وجودهم في داخل العاصمة المقدسة، ومن ثم توديعهم بعد أن يكونوا قد أدوا مناسكهم بكل أريحية فأصبحت السقاية لطائفة الزمازمة نوط شرف يتفاخرون به في كل الأوقات وعلى مختلف العصور.
وأوضح الشريف أن عمل الزمازمة تغير عن الوضع الحالي بعد أن دخل في العمل المؤسساتي وبات منظما، حيث كان في السابق يعتمد على جلب ماء زمزم من البئر عن طريق الدلو وتعبئته في البراميل التي كانت تصنع من الزنك. ومخصص لكل عائلة مهتمة بالسقاية أماكن من أقبية المسجد الحرام، ولكل عائلة فرد ينتخب من قبلها ليمثلها أمام الزمازمة، كما أن لك دورقا وهو وعاء مصنوع من الفخار بعلامة مميزة يعرفها الزمازمة فيما بينهم تكتب بشمع العسل مع الرماد وتحفر على الدورق، فأصبح الدورق كالهوية التي تتفاخر بها كل عائلة.
الزمزمي أحمد هيون، في أحد الاحتفالات المكية يغني بصوت حجازي «شربة من زمزم وسقاني سبيل الله يا عطشان» يحكي بلباسه المتخصص والمتحزم بما يعرف بـ«البقشة» وهي تحمي الظهر من الوزن الزائد ومتزينا بالسديرية على صدره، موضحا أن مياه زمزم تبخر بالمستكة من اللبان العربي وأن صبة زمزم لها تقاليدها حيث تغطى فوهة الدورق بالشاش لحمايته، ويسقى زمزم في طاسات نحاسية.
بدوره، قال نائب رئيس مكتب الزمازمة الموحد أمير عبيد إنهم يهدفون نحو تطوير وتحديث برامج خدمات الحجاج، وتشتمل الخطة في تنفيذها على أربع مراحل عملية؛ وهي المرحلة الأولى وتبدأ مع وصول أولى طلائع الزوار إلى مكة المكرمة؛ حيث يقوم المكتب باستقبالهم بمراكز الاستقبال بمداخل مكة ويقدم لهم ماء زمزم مبردا ضمن البرنامج الترحيبي.
وأفاد عبيد بأن المرحلة الثانية تشمل إيصال ماء زمزم لمقار سكن الحجاج في مختلف الأحياء التي يسكن فيها الزوار ويقوم بتنفيذها مجموعة من الزمازمة وأبنائهم المؤهلين والمدربين للعمل في هذا المجال، إضافة إلى مجموعة مختارة من الكوادر السعودية المؤهلة، وجميعهم مدعمون بأسطول متكامل من السيارات الحديثة ومعدات النقل والأيدي العاملة التي تخضع جميعها للاشتراطات الصحية.
وحول مركز التعبئة الآلية لماء زمزم وكم تبلغ طاقته الإنتاجية في الساعة، قال عبيد إن مكتب الزمازمة يمتلك مركزا آليا لتعبئة ماء زمزم المبارك دون أن تتدخل الأيدي البشرية في ذلك؛ وذلك حرصاً من المكتب على سلامة هذه العبوات من أي تلوث، والمركز يقع بحي الوسيق بالتخصصي بطريق مكة - جدة السريع، وهو مقام على مساحة من الأرض تقدر بعشرة آلاف متر مربع، وقد بدأ الإنتاج قبل أربع سنوات بخطي إنتاج لتعبئة ماء زمزم آليا لعبوات سعة 20 لترا وبطاقة إنتاجية تقدر بنحو 2000 عبوة في الساعة الواحدة لكل خط إنتاج وبإجمالي إنتاجية قدرت آنذاك بأكثر من 4000 عبوة في الساعة الواحدة.
أما منشآت التخزين فيضم مبنى المركز منشآت لتخزين العبوات مراعى فيها الاشتراطات الصحية اللازمة، إضافة إلى وجود مرافق خدمية تم تصميمها وتشييدها وفق أعلى المواصفات الهندسية والفنية والتصميمية المعتمدة من مراكز أبحاث زمزم بهيئة المساحة الجيولوجية.
0 تعليقات