جبل المدافع .. معاناة تسابق الصوت وتعانق رائحة البارود

جبل المدافع نشأ بينه وبين الصائمين علاقة حب وعشق امتدت إلى أكثر من 100 عاماً يجسدها

جبل المدافع نشأ بينه وبين الصائمين علاقة حب وعشق امتدت إلى أكثر من 100 عاماً يجسدها ذلك المدفع الذي تتلذذ به مسامع الصائمين قبل الإفطار استعداداً له ، كما ينبئهم بحلول موعد الإمساك قبيل الفجر . يقع الجبل في الناحية الشمالية الغربية لبيت الله العتيق وهو ضخم كبير يمتد من شمال الحرم إلى جنوبه ويحده من الناحية الشمالية الحجون و المدابغية ومن الجنوبية جبل قرن وجبل هندي ومن الناحية الشرقية السليمانية و المعلا والفلق ومن الناحية الغربية جرول ودحلة المغاربة نسبة الى اول من سكن هذا الجبل وهم من المغرب ولعل مايميز هذا الجبل أكثر فأكثر قربه الشديد من الحرم المكي الشريف ووجود عدة طرق تؤدي إليه سواءً طريق مفتوح تمرمعه المركبات أو طرق أخرى متدرجة لا تتسع إلا لخطوات شخص واحد.ومن أبرزها طريق رئيسي من ناحية أسفل الجبل يطلق عليه مسمى دحلة حرب نسبة إلى أسم الرجل الأول الذي سكن بهذه المنطقة وطريق أخر من ناحية الشامية ينفذ إلى الحرم وأخر من ناحية العتيبية يمر من أعالي قمة الجبل إلى الحرم المكي الشريف . ومع كثرة هذه الطرقات وتعددها إلا أنها تحمل صفة واحده مشتركة وهي تعرجات و منحنيات وهاويات خطرة تهدد حياة من لا يعرف طبيعة هذا الجبل الذى يختزن في جنباته عدة بيوت وأحواش قديمة متهالكة تهدد أمن الجبل وساكنيه. ومن اوائل من سكن هذا الجبل احمد محمد واحمد مبارك ورجب الزهراني ومسماه يعود إلى عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه عندما وضعت فيه مدافع الإفطار والإمساك لتنبأهم بقدوم شهر رمضان وموعد الإفطار والامساك ومما يروى أنه من ضخامة تلك المدافع لم تستطع الأيادي البشرية حملها إلى قمة الجبل فتم الاستعانة بالبغال

محبة الجبل
وأثناء جولة قامت بها المدينة لهذا الجبل العزيز على نفوس أهالي مكة تحدث عدد من سكان الحي عما يلمسونه من مصاعب قد تفقدهم شيئاً فشيئاً محبة هذا الجبل .

في البداية تحدث حسن عسيري عن معاناته فقال : حدث قبل فترة في بيته حريق وعند الاتصال بالدفاع المدني تجاوبوا معي ولكن تأخروا لصعوبة الطريق وضيقه وبعد ذلك اضطرالى ترك أهله في موقع الحريق ونزل إلى أسفل الجبل ليساعدهم ويدلهم على الطريق وعند وصولهم إلى موقع الحريق وجد ان الجيران وأهل الحي سيطروا على الحريق بالكامل واشار ايضاً الى إن الطرقات ايضاً تتسبب في تأخر الهلال الأحمر

خطر العمالة
ويذكر يحي ان احد جيرانه في الحي أراد إن يفتح طريق إضافي مؤدي إلى منزله ليسهل عليه مهمة الخروج والدخول من والى البيت ومع ذلك الطريق انحدرت به سيارته من هذا الجبل لتردي به قتيلاً

واشار سعيد سفر ان تكاثر عدد العمال بشكل ملحوظ يهدد امن الحي مما يدخل في النفوس الخوف على النساء والابناء لاسيما في ظل عدم وجود مركز شرطة يمكن الاستعانة به سريعا لانقاذ الموقف وكرر الأهالي مطالبهم بالعمل على إبعاد المتخلفين للأنظمة وأوضح محمد احمد انه من سكان الحي منذ أكثر من 50 سنه ويذكر أنه كان هو وشخص آخر يسكنون الحي فقط وكانون يعانون كثيراً عند صعودهم والى منازلهم ولكن ظروف المعيشة أجبرتهم على تحمل هذه المصاعب ومع التطور الجارى الا أنهم مازالوا يعانون من ضيق الطريق و كثرة الحشرات لعدم قدرة سيارات البلدية على الصعود للجبل مشيرا ايضا الى ان التجمعات الشبابية بعد منتصف الليل تؤدى الى ازعاج الاسر

وقال عبدالله الغامدي انه يضايقهم كثيراً صعوبة الدخول والخروج لوعورة بعض الطرقات وتعرجاتها بسبب توقف الحافلات في مداخل الجبل لفترة تتعدى الساعة مما ينعكس على احتياجاتنا التي تستوجب السرعة كالمريض الذي نريد إيصاله للمستشفى وغيرها من المتطلبات الأخرى

وذكر عمر محمد عسيري انه عندما اشتعلت النيران في منزل جاره تم إبلاغ فرق الإطفاء الا إن وعورة الطريق وضيقه حالت بين رجال الإطفاء وموقع الحريق ولم يتوقف هذا عند التأخير بل وعند وصولهم لم تستطع فرقة الإطفاء الوصول مباشرة بل اضطرت إلى إمداد وصلات ليات للسيطرة على الحريق و اضاف إن عدم وجود مصدات خراسانية تحيط بالطريق يجعل أصحاب المركبات دائماً في خطر وقد تسبب ذلك في تلف بعض السيارات التي تنحدر من الجبل بسبب عدم سيطرة قائدها عليها . واشار الى حدوث سرقات للمركبات لبعد المواقف عن المنازل و ذكر سالم الأنصاري أنه عند هطول الإمطار ومع شدة الانحدارات الموجودة في الطرق المؤدية إلى الجبل لا يستطيع سائقى المركبات السيطرة عليها مما يؤدي إلى انزلاقها وبسرعات عالية حتى تصطدم بمن تواجهه في طريقها و تستقر في أحدى المنازل الموجودة بجانب الطريق . وأبدى استياءه من ضيق الطرقات مطالباً الأمانة باستحداث مواقف متعددة الأدوار لمثل هذه الجبال .وأضاف حسن الزهراني نعانى من شح متكرر في المياه خلال موسمى الحج والعمرة مما يوجب علينا الاستعانة بوايتات صغيره يستغل أصحابها احتياجنا ليرفعوا أسعارها بصورة خيالية

معاناة 80 عاماً
ويستعيد المواطن حسين العمري معاناة عمرها أكثر من 80 عاماً . ويقول عندما جئت إلى مكة من المنطقة الجنوبية قبل أكثر من 80 عاماً أبحث عن عمل سكنت في جبل المدافع . وفي ذلك الوقت كان معي نفر قليل أستأجرنا صنادق حشبية بإجار يبلغ ريال ونصف الريال العربي الفضة ولم يكن هناك عمائر كما هو موجود حالياً كما لم يكن هناك طريق للسيارات وكنا أذا أردنا أن ننقل بعض الأغراض أو مستلزمات البناء نستعين بالبغال كما لم تكن هناك أنارة وأن كنا نشعل القناديل لاستخدامها وقت الحاجة

المعاناة مستمرة
يقول المواطن مفرح أحد سكان الجزء العلوي من جبل المدافع : المعاناة تكاد تكون متشابهة ويمثل الصعود الى الجبل قمة المعاناة وقال حين ننزل للعمل او للصلاة في الحرم أو للتسوق فأن اول مانفكر به هو الطلوع الى منازلنا مرة ثانية ، مضيفا ان المريض إذا كانت حالته الصحية صعبة فأننا حين ننزل به مسرعين إلى المستشفى ندعو الله أن يكون الطريق سالكاً أما حين ينغلق الطريق أو تصادفك سيارات نستغرق وقتاً طويلاً وأنات المريض تتواصل كما أن الحرائق تجعلنا نعتمد على أنفسنا بصورة أساسية لأن الدفاع المدني لا يصل إلينا وأن وصل إلى مكان قريب فإنه قد يستغرق وقتاً طويلاُ . وقال مفرح مازحاً نحن في قمة جبل المدافع لا يزعجنا الضيوف فنادراً ما يأتيك أحد في رأس هذا الجبل مضيفا نحن مرتاحون لأصوات المدافع لانها أخف من ذلك الصوت الهائل أيام كانوا يستخدمون فتائل الخيشة

اغلب صخور مكة جراتينية شديدة الصلابة
مكة تبعد عن المدينة المنورة حوالي 400 كم في الاتجاه الجنوبي الغربي، وعن مدينة الطائف حوالي 120 كم في الاتجاه الشرقي ، وعلى بعد 72 كم من مدينة جدة وساحل البحر الأحمر، وأقرب الموانئ لها هو ميناء جدة الإسلامي، وأقرب المطارات الدولية لها هو مطار الملك عبد العزيز الدولي. تقع مكة المكرمة عند تقاطع درجتي العرض 25/21 شمالاً، والطول 49/39 شمالاً، ويعتبر هذا الموقع من أصعب التكوينات الجيولوجية، فأغلب صخورها جرانيتية شديدة الصلابة. تبلغ مساحة مكة المكرمة حوالي 550 كم² ، منها 88 كم² مأهولة بالسكان، وتبلغ المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام حوالي 6كم²، ويبلغ ارتفاع مكة المكرمة عن مستوى سطح البحر حوالي 330 مترًا.

يرجع تاريخ تأسيس مكة إلى أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد، وكانت في بدايتها عبارة عن قرية صغيرة تقع في واد جاف تحيط بها الجبال من كل جانب، ثم بدأ الناس في التوافد عيها والاستقرار بها في عصر النبي إبراهيم عليه السلام والنبي إسماعيل ، وذلك بعدما ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وابنه إسماعيل في هذا الوادي الصحراوي الجاف، وذلك امتثالاً لأمر الله، وبقيا في الوادي حتى تفّجر بئر زمزم، ثم وفدت بعد ذلك أولى القبائل التي سكنت مكة وهي قبيلة جرهم إحدى القبائل اليمنية الرحالة، وقد بدأت خلال تلك الفترة رفع قواعد الكعبة المشرفة على يد النبي إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل. يبلغ عدد سكان مكة (حسب إحصائيات عام 2007) حوالي 1,700,000 نسمة موزعين على أحياء مكة القديمة والجديدة.