الحارثي كان يعاني اكتئابا ولم يواصل العلاج
فصل جديد في قضية رحيل أستاذ الآثار الإسلامية الدكتور ناصر الحارثي، تمثل في أدلة جديدة تغلب فرضية انتحاره
فصل جديد في قضية رحيل أستاذ الآثار الإسلامية الدكتور ناصر الحارثي، تمثل في أدلة جديدة تغلب فرضية انتحاره، حيث أكد لـ «عكاظ» البروفيسور أحمد سعد -كبير استشاريي الطب النفسي في مستشفى الدكتور عرفان وباقدو في جدة، والطبيب المعالج لحالة الدكتور الحارثي- أن الراحل قد يكون هو الذي وضع حدا لحياته، بعد معاناته الطويلة مع مرض الاكتئاب.
وقال البروفيسور : «من الناحية الطبية البحتة، وما هو مدون في تشخيص حالته في الملف، يمكن تغليب فرضية الانتحار بنسبة كبيرة، ولكني لا أجزم بذلك، كما أنه ليست هناك علاقة بين درجة التدين والاكتئاب، وكذلك ليست هناك علاقة بين الانتحار والثقافة، فخلال لحظة الانتحار لا يكون الشخص مسؤولا ولا مدركا لتصرفاته، ومثل هذه الحادثة تعرض لها العديد من المثقفين ورجال الدين والمشاهير في العديد من الدول العربية».
وبين البروفيسور أحمد أنه؛ وفقا للملف الطبي للحارثي، فإن الراحل كان يمر في حالة اكتئاب متطور، يوصف في الطب النفسي بـ «الاكتئاب الجسيم»، مشيرا إلى أنه يحدث نتيجة تفاعلات كيميائية واستعداد وراثي للإصابة به، ويصحبه نوع من التغيرات المزاجية التي تقود إلى شيء من المعتقدات والضلالات الخاطئة، مؤكدا على أنه يعد حالة متطورة ومتقدمة تقود عادة إلى الانتحار، ما لم يستخدم العلاج المناسب.
واستند الدكتور أحمد إلى وصية تركها الراحل، أكدت له فرضية الانتحار، وبين الدكتور أحمد أن تقسيم الحارثي بين أولاده وطلبه السماح من أسرته، دلت على رغبته في وضح حد لحياته.
وأوضح البروفيسور أحمد أن وقت وفاة الدكتور الحارثي، دليل آخر يؤكد فرضية الانتحار، موضحا أن أكثر أوقات الانتحار (وذلك مثبت علميا) تكون في فترة ما بعد منتصف الليل إلى الفجر، وهو الوقت الذي سجل رحيل الحارثي، فيما تهدأ حالات الاكتئاب نهارا، مضيفا «تزداد حدة الاكتئاب في حال توفر الهدوء، ونظرا لقلة النوم والاضطرابات النفسية التي يعانيها المريض، فإن الظروف تكون مهيأة للانتحار في تلك الحالة أكثر من غيرها».
وبين البروفيسور أحمد أن الدكتور ناصر زاره في عيادته في نوفمبر من عام 2007 بصحبة شخص من أقاربه، وأوضح الدكتور أحمد أنه جلس مع الحارثي قرابة الـ35 دقيقة، مبينا أن الراحل كان يعاني من النسيان وعدم التركيز إلى جانب انعدام الرغبة في الأكل والكلام، وأضاف «تبين لي حينها إصابته بنوع متقدم ومتطور من الاكتئاب يعرف بالجسيم، يظن معها الشخص بأنه مهمش في الحياة وأن هناك من يسعى لإيذائه».
وأشار البروفيسور أن الراحل خلال زيارته لم يكن تحت تأثير ما يسمى بالأعراض الذهانية حينها بنسبة كبيرة، ومبينا أن فكرة الانتحار لم تكن حاضرة ومسيطرة على الراحل خلال حديثه معه، رغم سيطرة الاكتئاب عليه آنذاك، وأضاف «كان الدكتور ناصر مفتقدا للميل والإحساس والدافع، وكان يفتقد القدرة على الاستمتاع، وهذه من أبرز سمات الاكتئاب الجسيم، ورغم ذلك فإنه كان يتمتع بشخصية سوية وهادئة».