العم سعد الحارثي: الفقيد عالم آثار كبير.. جاوزت أعماله الخيرية حدود الوطن

وصف العم سعد الحارثي، الصديق الحميم للدكتور ناصر الحارثي، رحمه الله، والذي أسند الدكتور ناصر الحارثي اليه في الوصية مهمة ..

 

الجمعة, 9 أكتوبر 2009
طالب الذبياني - مكة المكرمة
 

وصف العم سعد الحارثي، الصديق الحميم للدكتور ناصر الحارثي، رحمه والله، والذي أسند الدكتور ناصر الحارثي اليه في الوصية مهمة إيصال زوجته الثانية وأبنائها الى مسكن اهلها -ان ارادت ذلك- الفقيد بأنه فقيد الوطن كله والأمة كلها باعماله وبحوثه التي خدمته وطنه وأمته، وتذكر صداقة حميمة امتدت لأكثر من ربع قرن، استمرت طوال هذه السنوات، وقال ان الفقيد كان خيرا عفيفا وجاوزت أعماله الخيرية حدود الوطن، وانه كان عالما وآثريا مهما لايشغله شيء عن عمله وشغفه بالآثار.
وذكر أنه زكاه عند أهل زوجته الثانية عندما تقدم لخطبتها، موضحا أن الفقيد أوصى بأشياء عديدة لابنه الأكبر باسم ولأبنائه منها سداد مبلغ 2000 ريال لرجل من أهل اليمن اشترى منه تمرا وطلب منه أن يتصدق بها على الفقراء هناك..
وقال إن المادة لم تكن تشكل شيئا بالنسبة له تعليقا للمبالغ التي خسرها في الأسهم وهي 300 ألف ريال
وعن اللحظات الأخيرة لموت الفقيد وسماع الخبر قال العم سعد: كنت في المحل عصر الجمعة الماضي وفي حوالى الخامسة والنصف تقريبا تلقيت اتصالا من زوجة الدكتور تنبئني فيه انه غير موجود وسيارته امام باب الفيلا.. وتسألني هل جرى بيني وبين زوجها اتصال فأجبت بالنفي وأنهيت المكالمة معها واجريت اتصالات عدة على هاتف د.ناصر فلم لم يرد فتوقعت ان هاتفه صامتا، لانه عادة ما يجعل الهاتف على الصامت وكنت اعاتبه على هذه العادة فيقول انا اتحمل تكاليف المكالمات واتصل لان الهاتف يزعجني احيانا وانا في الصلاة او في اجتماع..
الصدمة
ومضى العم سعد يقول ودموع تترقرق من عينيه: خرجت من محلي وتوجهت لمسكن الدكتور ناصر لاطمئن عليه فتفاجأت بوجود رجل من الدفاع المدني عند الباب فاستأذنته وقلت أرجو السماح لي بالدخول لمنزل الدكتور فرد علي هل هذا دكتور ناصر؟ قلت نعم هذا وسألته عن صحته فرد علي قائلا: لقد مات فكانت الصدمة لي (وتوقف العم سعد عن الحديث ليمسح دمعتيه) وأضاف سألت رجل الدفاع المدني: كيف مات؟ قال الرجل أنهى حياته بنفسه. فبقيت عند الباب حتى وصل الطبيب الشرعي وباقي الجهات ودخلنا للمنزل ووقفت عند باب المكتبة وكان الدكتور رحمه الله متدليا من السقف وهناك طاولة صغيرة على الارض يبدو انه ارتقى عليها مع كراتين للكتب استعان بها على ما يبدو حتى صعد عليها فكانت رجلاه خلف الطاولة وكان وجهه ناحية الباب. وقد بقي في وضعه لاكثر من ثلاث ساعات حتى اكتملت الجهات الامنية المعنية وتم إنزاله وكانت آخر نظرة لي في وجه صديقي د. ناصر رحمه الله رحمة واسعة.
آخر اتصال
وقال ان آخر اتصال لي به قبل وفاته بنحو اربعة ايام عندما اتصل بي لاساعده في موضوع احد ابنائه كان قد اوقفه المرور بحجة قطع اشارة وتم انهاء موضوع ابنه واستعرض العم سعد الحارثي صفات الدكتور ناصر ودموعه تنهمر فقال انه كان كريما معطاء محبا لفعل الخير قليل المزح جدي العمل متواضعا واسع الافق عالما في مجال الاثار حيث انه عندما يرى اثرا فكأنما شاهد ابنه من حبه في الآثار ورصدها.
يخاف من الإبرة
واستغرب العم الحارثي ماحصل للدكتور ناصر وقال انه كان يخاف من ابرة الطبيب واذكر يوما من الايام كان عندي جالسا بالمحل وكان ضرسه يؤلمه فعرضت عليه ان نذهب لطبيب أعرفه فرفض وقال اتحمل الم السن ولا ألم الإبرة.
مشيرا الى ان هناك اماكن اثرية وقفت معه عليها لا يعرفها غير الدكتور ناصر وقد رصدها وحفظها فلا تمر من مكان اثري إلا وتجده اسمه وتاريخه في ابحاث د. ناصر فكان مهتما اهتماما كبير بعلم الاثار. مشيرا الى ان مكتبته تعتبر ثروة كبيرة.
واضاف انه كان ممن يقبل النصيحة من الصغير والكبير وكان حريصا على ابنائه وكان خدوما لكل الناس. فلا يقصده أحد في شيء إلا ويبذل قصارى جهده لتحقيقه.
السكر وخسائر الأسهم
وحول ما اذا كان الدكتور ناصر مصاب بمرض نفسي قال العم سعد بحكم علاقتي بالدكتور ناصر وقربي منه لم اسمع منه يوما من الايام انه مصاب بهذا المرض ولم الحظه فقط كان يقول لي ان عنده سكر ومع ذلك يقول لم اتناول أي ادوية للسكر ولم اهتم به.. مشيرا الى انه كان يقول انه تعرض لخسائر في الاسهم تزيد عن 300 الف ريال لكنه لا يبالي بالمادة ولم تشكل له اهتمام لانه كان كريما معطاء وكان كثيرا ما يطلب مني جلب التمر لاصدقه على حسابه..
2000 ريال لليماني
وكتب في وصيته ان هناك شخص يماني في اليمن له مبلغ (2000) ريال فقط مقابل صناديق تمر اشتراها منه وطلب من اليماني أن يصدقها فهو صاحب ايادي بيضاء واعمال خير قد لايعلمها احد سوى المقربين منه.
وحول الوصية قال الحارثي حصلت على نسخة من الوصية وقرأت ما يخصني منها وهو ان اقوم بايصال زوجته الثانية الى بيت اهلها ان ارادت ذلك. وقد ابلغتها ذلك وقلت اذا اردت ان اقوم بايصالك فسأوصلك لكنها اثرت البقاء حاليا في بيت زوجها فأنا لي معرفة بأهلها وعندما تقدم الدكتور ناصر رحمه الله لخطبتها من اهلها سألوني عنه فقلت لهم ان هذا الرجل من خيرة الشباب دمث الأخلاق ويكفي انه اكاديمي كبير وباحث وابنتكم ستكون في سواد عينه فوافقوا على تزويجها منه.
واضاف انه طلب في وصيته من زوجته الأولى السماح ومن كافة افراد العائلة كما أوصى أولاده بتقوى الله، وطالب الاهتمام بجدته وعدم اخبارها الا بطريقة هادئة حتى لا تتعرض لصدمة عنيفة فهو كان بارا بجدته لانها من تولى تنشئته ورعايته. كما تضمنت الوصية بيته له في ديرته وأرض واشار في وصيته الى ان الحجج الخاصة بها موجودة وعليهم ان يبحثوا عنها في المكتبة. وقال ان عليه ديون وضعها في “نوتة” أخرى.
نقل الآثار
وقال العم سعد: كان بيني وبين الدكتور ناصر رحمه اضافة الى علاقة الصداقة القديمة ايضا بيننا علاقة عمل حيث كنت اقوم بنقل الاثار التي يحددها من المدينة المنورة ومكة المكرمة إلى المتحف بالرياض.
ومضى يتحدث عن الوصية قائلا: اوصى ابنه باسم ان يتصل على دكتور بالرياض بشأن موضوع كتب. وطلب من ابنه انه اذا باع من الموسوعة يكون السعر 240 ولا يتمسك بالسعر بل يبيع منها ما شاء حسب الاحتياج.. وأوصى ابنه انه اذا باعوا البيت واشتروا بيتا آخر فليكن ذا شقق بحيث يخصص لعمته (الزوجه الثانية) شقة وإن رفضت العيش معهم فلتعطى ايجار الشقة التي تستأجرها. وان يعطوها نصيبها من البيت الواقع بالديرة واوصى الابناء الباقين بعدم الزواج أولا حتى يبحثوا عن أعمال.
مشروع الشامية
وأضاف الحارثي: أن الدكتور كان يصب اهتمامه على ما اوكل اليه من عمل في مشروع الشامية وكان حريصا على انجاز عمله حتى في اوقات راحته يذهب وكان لا يشغله أي شاغل عن عمله سواء في الجامعة او في أي مجال آخر.
لن أتخلى عنهم
وحول اتصاله باسرة الدكتور ناصر بعد وفاته قال: اتصالي بهم دائم ولن اتخلى عنهم اذا ما طلبوا مني أي طلب فالدكتور ناصر صديق حميم منذا كثر من 25 عاما وله مكانة كبيرة بقلبي. وختم صديق الدكتور ناصر الحارثي حديثه بالدعاء ان يرحم الدكتور ناصر وأن يسكنه فسيح جناته مؤكدا انه فقيد وطن وفقيد أمة بأكملها.