د. محمد مريسي: اكتشف بعض الآثار وشارك في إنشاء متحف المملكة بالرياض

مازال جسد الدكتور ناصر الحارثي مسجى في المستشفى في انتظار النتائج النهائية للتحقيقات وتقرير الطبيب الشرعي بعد ان أصرت والدته والأسرة على تشريح الجثة

مازال جسد الدكتور ناصر الحارثي مسجى في المستشفى في انتظار النتائج النهائية للتحقيقات وتقرير الطبيب الشرعي بعد ان أصرت والدته والأسرة على تشريح الجثة للتأكد من سلامتها ومعرفة السبب الحقيقي للوفاة . واشار باسم الحارثي الابن الاكبر للفقيد انهم بانتظار النتائج النهائية وتقرير الطبيب الشرعي التي ستبين اسباب الوفاة، مشيرا الى انه تم اقامة مراسم عزاء منذ اول يوم توفي فيه والده واستقبل هو واخوته المعزين من مسؤولين ووجهاء وافراد كما تلقى اتصالات من اصحاب السمو الملكي الامراء وعدد من المسؤولين الذين اثنوا في اتصالاتهم على الفقيد وعددوا مآثره واعماله التي خدم من خلالها وطنه وأمته . وعلمت “المدينة” انه تم اجراء عملية التشريح ومن المتوقع ان تظهر نتائج التشريح اليوم.

علاقة عمرها 30 عاما
من جهته قال الدكتور محمد بن مريسي الحارثي أستاذ الدراسات العليا بجامعة ام القرى والصديق الحميم للدكتور ناصر الحارثي الذي أشار الفقيد الدكتور ناصر إليه في وصيته مشيدا به وبرؤاه ، قال لـ “ المدينة”: ان الدكتور ناصر الحارثي كان يعتبر نفسه ابنا من أبنائي وكان لا ينتهي من بحث او كتاب يؤلفه الا ويرجع إليَّ يستشيرني فقد كان مقربا إلي ..

وقال: ان علاقتي بالدكتور ناصر تمتد لاكثر من ثلاثين عاما، حيث كان يدرس بالسنة الأولى بجامعة ام القرى (فرع جامعة الملك عبدالعزيز آنذاك) وكنت وقتها مبتعثا من الجامعة الاسلامية للدراسات العليا ، واستمرت العلاقة والصحبة والاستئناس ببعضنا طيلة هذه السنوات الطويلة.

وأضاف: كما هو معروف نشأ الدكتور ناصر وحيدا ليس له إخوة إلا من أمه فنبغ في دراسته وحصل على درجة “معيد” بالجامعة وواصل دراساته العليا حتى حصل على درجتي” الماجستير والدكتوراة” .. وكان له حضور في مكتبتي واستشارات علمية سواء في رسائله الماجستير والدكتوراه وكنت مصححا لاوراقه لغويا حتى استقل بعلمه وعرف المنابر الثقافية وعرف طرائق البحث العلمي.

قسمه لم يستثمره
وأضاف ان الشيء الغريب ان الدكتور ناصر رحمه الله لم يستثمره قسمه في تخصصه فقد ابتعد او استبعد من عضوية قسم الدراسات العليا وهو من الذين حصلوا على الترقية العلمية الى “مشارك” وإلى “بروفيسور” وهاتان الدرجتان تؤهلان الى ممارسة الاشراف والمناقشة وغير ذلك مما تتضمنه العضوية .. لكن الدكتور ناصر استبعد او ابتعد هو بنفسه عن هذا القسم ولم يدرّس به ولم يشرف ولم يناقش. وكان يحدثني في هذا الشأن بان هذا الامر جاء في صالحه حتى ينصرف الى كتابة بحوثه فنشر بحوثا كثيرة في تخصصه في الاثار والحضارة الاسلامية .

مكتشف الآثار
وأضاف: بعد حصول الدكتور ناصر، رحمه الله، على درجة البروفيسور اتجه الى البحث في آثار مكة المكرمة (آثار منطقة الحجاز) وبحث في الكتابات التي عثر على كثير منها في المنطقة ورصدها وعمل على تصنيفها وتبويبها حيث اكتشف آثارا لم يكتب عنها سواء في منطقة عرفات وما حول مكة المكرمة أو في الطائف وماحولها ورصدها وسجلت وحفظت باسمه . مشيرا الى ان الدكتور ناصر كان لديه طموح لتحقيق اكثر مما حقق في مجال بحوثه . وقال: انه لا ينظر الى حطام الدنيا ولا تهمه المادة بل كان رحمه الله منصرفا للبحوث انصرافا كليا.

مشاركات كثيرة
وكان له مشاركات كثيرة سواء من خلال المؤتمرات الداخلية والخارجية التي يحضرها او من خلال عضوياته العلمية والاستشارية في اللجان التي يشارك بها كعضويته في هيئة السياحة ولجنة سوق عكاظ وكثير من العضويات اضافة الى مناشط علمية له داخل وخارج الوطن. وكان رحمه الله مشاركا متعاونا في انشاء متحف المملكة في الرياض ونقل بعض الاثار من مكة الى الرياض . ويتطلع إلى حياة هادئة مستقرة .

شيء من الضعف
وحول حالة الدكتور ناصر الصحية قال د. مريسي: لاحظت عليه شيئا من الضعف فقط لكنه لم يشكُ لي أي مرض سوى السكر وقد كنا في النصف الاول من شهر رمضان الماضي لا نكاد نفترق حيث نخرج من بعد العصر حيث نصلي سويا بالمسجد فنخرج الى منطقة عرفات وبعض المواقع الاثرية ونجلس هناك نتبادل الحديث ونلعب لعبة (المقطار) حتى قبيل المغرب فنعود الى مساكننا . وطيلة الاسبوعين اللذين قضيناهما سويا لم يحدثني د. ناصر في شيء يضايقه او امور جديدة يفكر فيها ولم الحظ عليه أي اختلاف بل هو ناصر الذي عرفته قبل اكثر من ثلاثين عاما .

وبعد منتصف الشهر الكريم انقطع عني فظننت أنه انشغل بناحيتين بالعبادة والتفرغ للعشر الاواخر وتامين ما يحتاجه ابناؤه من احتياجات العيد .

اتصال ليلة العيد
وفي ليلة العيد اتصل علي قبل الفجر فهنأني بالعيد السعيد وقال هل ستصلي معنا بمصلى العيد فقلت له لا لأنني كنت اشعر بحرارة عالية وكنت اخشى من هذا المرض المتفشي (انفلونزا الخنازير) وطلبت منه ان يمرني بمنزلي بعد صلاة العيد فقال سأفعل ان شاء الله، ومن شدة الحرارة التي اعترتني لم أفق يوم العيد الا متأخرا فسألت ابنائي هل زارنا الدكتور ناصر فأبلغوني أنه لم يأت. وفي رابع العيد جاء لمسكني فلم يجدني لانني كنت بالطائف وكان يتصل علي لكني لم اصطحب معي هاتفي الجوال حيث كانت عيني تؤلمني فلا أرد على الاتصال فسأل ابنائي عني فافادوه بأنني في الطائف ..

هول الصدمة
وفي يوم الجمعة الماضي كانت المفاجأة حيث كنت في منزلي فاذا باتصال احد الجيران من الجماعة يفيدني ان ابناء الدكتور ناصر يسألون عنه ويقولون أنه متغيب منذ يومين وباب مكتبته مغلق ، فأشار عليهم بأن يتصلوا على الدفاع المدني الذي حضر فور تلقي الاتصال وقام بكسر الباب حيث كانت المفاجأة وعندما أبلغني هذا الجار بالنبأ انصدمت ولم اتمالك نفسي من هول الصدمة وبقيت بالبيت على اتصال بهم. حتى تم نقل الجثمان الى المستشفى، ومازلنا الآن نعيش هذه الصدمة لفقد عالم من علماء الآثار فقيد للوطن ولأمته. سائلا الله ان يرحم الفقيد ويسكنه فسيح جناته .