4 سنوات في «العمرة».. الفارسي يكرسها اقتصاديا وخدميا وأمنيا

جازما، أن وزير الحج فؤاد عبد السلام الفارسي، أكثر السعوديين شعورا بالسعادة، وهو يرى جهوده وجهد الوزراء السابقين في تكريس مفهوم « العمرة» اقتصاديا،

جازما، أن وزير الحج فؤاد عبد السلام الفارسي، أكثر السعوديين شعورا بالسعادة، وهو يرى جهوده وجهد الوزراء السابقين في تكريس مفهوم « العمرة» اقتصاديا، يؤتي ثماره. ما حدث في رحلة عمرها أكثر من 35 عاما يستحق الوقفة طويلا، ويمكن وصفه بـ «الانقلاب» في الفكر الاقتصادي السعودي تجاه «العمرة»، فالوزير الفارسي الذي يوصف بأنه «ديناميكي» عين في تغيير وزاري محدود العام 2005 استثمر كل طاقاته وجهوده وخبرته وترجمها على أرض صلبة، وأضاف أبعادً جديدة لنظام العمرة، وأصبح الحديث عن موسمي العمرة، لأول مرة، حديثا ملؤه الاقتصاد ولغة الأرقام وتحسين الخدمات والحد من ظاهرة التخلف، وما انعكس أخيرا على أداء المعتمرين، في نسكهم في يسر وسهولة.

خلال أربعة أعوام حدث انتعاش اقتصادي أصابت عدواه جميع القطاعات، بدءا من تأسيس أكثر من 400 شركة اختصاصية، مرورا بقطاع النقل الجوي الذي بلغت فيه أعداد المعتمرين الذين نقلتهم رحلات الخطوط الجوية السعودية إلى أكثر من عشرة ملايين معتمر.

مشهد العمرة «الاقتصادي» الحالي لم يكن مشوارا سهلا فهو نتاج 35 عاما تقريبا، فمنذ إنشاء الحقيبة تحت مسمى «الحج والأوقاف» في عهد وزارة الملك فيصل بن عبد العزيز العام 1970، أصرت الحكومة السعودية أن تبقى بعيدة كل البعد عن المعادلات الاقتصادية وموازين العرض والطلب.

وكان لذلك الإصرار ما يبرره، في مقدمها أن خدمة الحجاج والمعتمرين شرف حظيت به هذه البلاد وقيادتها، وخدمتها أيضا للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة. وهذا الشرف ومكانة السعودية بين قلوب المسلمين وتوجه الأفئدة إليها، يغني عن جميع بلايين الريالات والدولارات، وتجاوز الإنفاق على مشاريع التطوير والتوسعات للتيسير على كل قادم إلى الأراضي المقدسة 70 مليار ريال. ولم تخل أية ميزانية سنوية من مخصصات لمصلحتهم، حتى وصل الأمر إلا أن ينشئوا خياما مكيفة وضد الحريق.

ولا جدال على أن النظرة السعودية إلى الحج، كانت لها أيضا أبعاد أخرى، في مقدمها طبيعة المناخ السياسي الإسلامي، إذ كان صانع القرار السعودي يعي خطورة «تسييس» الشعائر الدينية. ودون الخوض في تفاصيل هذه الأبعاد، وكان واضحا للجميع أن السعوديين حسموا هذا الأمر وأقفلوا جميع الأبواب على من يحاول إثارته، حتى حينما جاء قرار تحديد أعداد الحجاج من كل دولة بحسب إجمالي عدد سكانها، حصلت عليه الحكومة السعودية بتأييد من مؤتمر قمة إسلامي.

إنشاء وبدء عمل وزارة الحج والأوقاف الإسلامية يعود إلى العام 1365هـ وذلك عندما أصدر الملك عبد العزيز مرسوما يقضي بإنشاء مديرية الحج والحرمين وتعيين راشد بن صالح آل شيخ مديرا لها واستمر العمل لفترة حتى صدر مرسوم ملكي رقم ر/3/145 بتاريخ 3/2/1374هـ على تغيير اسمها إلى مديرية الحج والأوقاف الإسلامية وتعيين حسين عرب رئيسا لها ودخلت تطورات كبيرة بعد تغيير اسمها فكانت تهتم بالحرمين الشريفين والحج فأصبحت تهتم بالمساجد والحرمين الشريفين.

تلا الوزير حسين عرب، الوزير حسن كتبي، ثم عبد الوهاب عبد الواسع، ثم الدكتور محمود سفر وهو الوزير الذي عينه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله، في التغيير الوزاري الأول بعد صدور أنظمة الحكم والمناطق والشورى. ويحسب كثيرا للوزير الأكاديمي محمود سفر الذي قدم من جامعة الخليج، أنه حاول تغيير كثير من المفاهيم داخل الوزارة فيما يخص الجانب الاقتصادي، وكان أول من تحدث عن ضرورة النظر إلى بعض الخدمات الإضافية في الحج، كما شاركه أيضا عدد من رجال الأعمال والمستثمرين حول القيمة المضافة للحج، وجاء من بعده الوزير إياد مدني ليؤسس منهجية التعامل الاقتصادي، ومن ثم أضاف الوزير الفارسي أبعادا هامة في خصوصا فيما يتعلق بأهم ظاهرة فيها وهي تخلف المعتمرين عبر العمل جنبا إلى جنب مع وزارة الداخلية.

ومن المنطقي الإشارة إلى أن النظرة السعودية لما يمكن تسميته بـ «اقتصاديات الحج» ومن ثم «العمرة»، كانت بحاجة أن تقطع هذا المشوار الطويل، خصوصا أن خطط التنمية والتي عادة تعبر عن الفكر والمنهج والأسلوب الذي تسير عليه أية دولة، لم تشر يوما إلى «الحج» أو «العمرة» بأنه أحد مصادر وروافد دخل الدولة إلا في خطة التنمية السادسة (1995-1999م).

هذا التطور في النهج، لا يتعارض أبدا بأي حال من الأحوال مع النظرة السعودية الخاصة لخدمة الحجاج والمعتمرين وبذل كل الجهود لأدائهم فريضتهم وشعائرهم. وليس مبالغة القول، إن النظرة بقيت كما هي، لكن التعديل أصاب بعض الجزئيات فيها، والتي من شأنها أن تضفي مزيدا من الديناميكية، خصوصا فيما يتعلق بنوعية بعض الخدمات التي يحصل عليها الحاج أو المعتمر في السعودية، في مقدمها: السكن، والغذاء على خلفية «ادفع لتحصل على خدمة أفضل».

هذا العام وعلى رغم تداعيات انفلونزا الخنازير، يتوقع أن يحقق قطاع العمرة والخدمات المتصلة به في شهر رمضان عوائد تقدر بنحو 15 بليون ريال (أربعة بلايين دولار). وتجيء هذه التقديرات في حال افتراض أن عدد المعتمرين والزائرين بلغ ثلاثة ملايين معتمر وزائر، أنفق كل واحد منهم مبلغ 1250 دولارا على السكن، والمواصلات، والتموين، علما بأن هذه التقديرات تعتبر متدينة جدا قياسا بحجم الإنفاق لشريحة من المعتمرين والزائرين والتي تصل إلى أكثر من خمسة آلاف دولار للشخص الواحد.