فضيلة الشيخ الدكتور بندر بليلة في خطبة الجمعة : أنَّ مِن مُقتضى عَقْدِ الإيمانِ الذي لا يَتِمُّ إلا به: محبةَ الله سبحانه، محبةً تتضمنُ عبادتَه وحدَه دون مَن سواه

فضيلة الشيخ الدكتور بندر بليلة في خطبة الجمعة : أنَّ مِن مُقتضى عَقْدِ الإيمانِ الذي لا يَتِمُّ إلا به: محبةَ الله سبحانه، محبةً تتضمنُ عبادتَه وحدَه دون مَن سواه

أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور بندر بليلة إمام وخطيب المسجد الحرام واستهل فضيلته خطبته الأولى موجهاً رسالة للحجاج عن ماغنموه فقال: بقَدْرِ الكَدِّ تُكتَسَب الرُّتَب، والمسبَّبُ يكونُ بحَسَبِ السبب! ها أنتم قد أنفقتُم كرائمَ الأموالِ والأوقات، فنَعِمتُم ببلوغ أعظمِ المساجدِ وأكرِمِ المَقامات، وأتمَمتُم خامسَ أركانِ الإسلام، وأجبتُم دعوةَ الخليلِ إبراهيمَ عليه السلام، فهنيئًا لكم هذه المِنةَ العظيمة، والمنحةَ الكريمة، وتوَّجَ اللهُ عملكم بالقبول، وخَتَمَه بخاتَمِ المغفرةِ ودَرَكِ المأمول.
 
لقد غَنِمتُم من الحجِّ أنفسَ المَكاسِب، ونَهلتُم منه أهْنأَ المَشارِب، رأيتُم قيامَه على التوحيدِ، واطَّراحَه للشركِ والتنديد، فلا يُعبَد إلا اللهُ وحدَه، ولا يُدعى غيرُه، ولا يُطافُ ويُنحَرُ إلا له جلَّ جلالُه.
 
أفدتُم من الحجُّ كَبْحَ النفسِ عن الوقوعِ في العِصيان، والانزلاقِ في مَصايِد الشيطان، والصبرَ على طاعة الرحمن، فإياكم والانتكاسَ بعد الاهتداء، والارتكاسَ بعد الاصطفاء، وخَلْعَ ثوبِ الطُّهرِ والنَّقاء.
استقيموا على الأوامر، واجتنبوا المعاصيَ والزواجر، قال تعالى مُخاطِبًا نبيَّه محمدًا عليه الصلاة والسلام:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} وقال سفيان بنُ عبداللهِ رضي اللهُ عنه: (يا رسولَ الله: قُل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحدًا بعدك) قال: (قل: آمنتُ بالله فاستقم) أخرجه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم : (استقيموا ولن تُحْصُوا) أخرجه الإمامُ أحمدُ وابنُ ماجه.
 
وتحدث فضيلته في ختام خطبته الأولى عن الإيمان والطاعة فقال: غايةُ الغايات، ومستودَعُ البشائرِ والمكرُمات، والسيرُ إلى الله وتَلَمُّسُ مَراضيه جزاءٌ مُعجَّلٌ وافر، ونعيمٌ كريمٌ حاضر، والمؤمنون هم أحسنُ الناسِ حالا، وأهنؤُهُم بالا، قال سبحانه{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ } وقال سبحانه {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۚ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ ۚ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ }.
 
ألا ما أجملَ الطاعةَ تتلوها الطاعة، وما أحسنَ الحسنةَ تعقُبُها الحسنة، إقامةُ فريضة، ولزومُ سنة، وذكرٌ لله تعالى.
 
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا}.
 
وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن محبة الله فقال: أنَّ مِن مُقتضى عَقْدِ الإيمانِ الذي لا يَتِمُّ إلا به: محبةَ الله سبحانه، محبةً تتضمنُ عبادتَه وحدَه دون مَن سواه؛ ذلك أنَّ العبوديةَ قامت على ساقَين، لا قِوام لها بدونهما: غايةُ الحُبِّ مع غايةِ الذُل، ولا يصحُّ ذلك إلا لله عز وجل وحدَه، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ}، وقال المصطفى ﷺ: (ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وَجدَ حلاوةَ الإيمان) ومنها: (أن يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحَبَّ إليه مِمَّا سِواهُما) أخرجه البخاريُّ ومسلم.
 
ومنزلةُ العبدِ من ربه بقَدْر حُبه له، وخُضوعِه لأمرِه، واجتنابِهِ لنهيه.