لم تمنعه الفواجع.. دراسة تُثبت عدم انقطاع "الحج" في التاريخ الإسلامي نهائياً

لم تمنعه الفواجع.. دراسة تُثبت عدم انقطاع "الحج" في التاريخ الإسلامي نهائياً

أشارت نتائج دراسة علمية حديثة، تُجرى في معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى، إلى عدم تعطل أو انقطاع شعيرة "الحج" أبداً على مدى "التاريخ الإسلامي".

وذكرت الدراسة أنه بعد استقراء أكثر من أربعين مرجعاً ومصدراً علمياً تتبعت التاريخ الإسلامي كاملاً؛ فإنه يتبين أن الحج لم يتوقف أو ينقطع بالكُلية، وأن غاية ما حصل إما توقف جزئي من بعض البلدان، وإما أوبئة وعوارض صحية أو أمنية حصلت لبعض الحجاج منعتهم من أداء الفريضة، بينما قام بالحج غيرهم.

وبينت الدراسة العلمية، التي أجراها وكيل معهد أبحاث الحج والعمرة للتطوير وريادة الأعمال، الدكتور أيمن بن سالم السفري، أن الحج من الشعائر المشتركة بين الرسالات، وأوردت حديث النبي ﷺ: "صلى في مسجد الخيف سبعون نبياً منهم موسى"، وتطرقت لما تقرر لدى أئمة الفقهاء من أن إحياء البيت الحرام، بالحج إليه كل عام، فرضٌ على الأمة على الكفاية، ولا بد في كل عام من وجود عدد من المسلمين تحصل بهم الكفاية يؤدون مناسك الحج، وأوردت في ذلك عديداً من الأدلة منها قول الله تعالى: "جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ"، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسيرها: "قيام دينهم، والذي نفسي بيده لو تركوه -أي الحج- عاماً واحداً ما نوظروا"؛ أي: ما أُمهلوا، ولعوجلوا بالعقوبة.

وأثبتت الدراسة أن المؤرخين بيّنوا ما وصل إليهم من أخبار الحوادث التي تعرض لها الحجاج بمكة المكرّمة والطريق إليها عبر التاريخ، وذكروا تفاصيل ما حصل في مواسم الحج من غلاء ورخص، وريّ وعطش ورخاء، ووباء وموت، ومطر وسيول، وحروب واختلال أمن داخل مكة المكرمة، وقطع طريق إليها وتقطع سبل، وما حصل بسبب تلك الحوادث من توقف وصول الحجاج من بعض البلدان في بعض الأعوام، إلا أنه وعلى الرغم من كل ما ذكروه من الحوادث العظيمة والخطوب والفواجع؛ إلا أنه لم يحدث قط أن ترك المسلمون كلهم حج بيت الله الحرام في سنةٍ من السنين، بل بقي البيت محجوجاً مقصوداً كل عام، وحافظ المسلمون على هذه الشعيرة رغم مرورهم عبر التاريخ بحوادث بالغة القسوة، وإذا صار لبعض بلاد المسلمين من الموانع ما يمنع أهلها من الحج قام بالحج القادرون من بقية المسلمين من مكة المكرّمة وسائر الأمصار.

ومثلت الدراسة بأمثلة عديدة منها سنة هجوم القرامطة على الحرم الشريف في موسم الحج، وهي سنة 317هـ التي كان جنودهم يوم التروية يقتلون الحجاج وهم يطوفون فما يقطعهم ذلك عن طوافهم، ونقلت نص المؤرخين على أن الحج في تلك السنة كاد أن يمتنع إتمامه لولا أن بعض الحجاج قاموا بعد الحادثة باللحاق بعرفة وإكمال مناسكهم على أقدامهم.

ولفتت الدراسة إلى دور أهل مكة البارز في ضمان استمرار مسيرة الحج في السنوات التي تعذر على أهل الأمصار بلوغ البيت الحرام.

وبين الباحث أن انقطاع الحج بالكُلية إنما يكون في آخر الزمان، بعد خروج يأجوج ومأجوج، وساق في ذلك عدداً من الأدلة منها قول النبي ﷺ: "لا تقوم الساعة حتى لا يُحج البيت".

وتأتي هذه الدراسة العلمية مؤكدة لقرار الحكومة السعودية القاضي بعقد مناسك الحج؛ وفق اشتراطات احترازية على الرغم من الجائحة؛ ليقينها بأن الحج من أعظم شعائر الدين الظاهرة التي على ولي أمر المسلمين ببلاد الحج إقامتها في كل عام، وتبرز ما تم في القرار من الجمع بين مصلحتين شرعيتين عظيمتين: إقامة شعيرة الحج، وعدم انقطاعه، والمحافظة على سلامة الناس وصحتهم.