مكتبة الحرم الشريف.. كنز العلوم المكية عبر 12 قرن

مكتبة الحرم المكي الشريف من المعالم البارزة في مكة المكرمة، والتي تعد من أبرز الصروح العلمية الشامخة في أم القرى ..

جريدة المدينة ، الأحد, 7 يونيو 2009
حامد القرشي - مكة المكرمة


مكتبة الحرم المكي الشريف من المعالم البارزة في مكة المكرمة، والتي تعد من أبرز الصروح العلمية الشامخة في أم القرى، وهي تشكل الإرهاص الثقافي والأساس العلمي للثقافة الإسلامية، ونظرًا لأنها ملتقى المسلمين لأداء مناسكهم، فقد أصبحت مأوى للعلم أيضا، ومهوى أفئدة العلماء والمفكرين من كل أنحاء العالم الإسلامي، وقد كان كثير من كبار العلماء في العالم الإسلامي من مشرقه ومغربه لا يفارقونها، حيث يأتون للمجاورة وللإقامة وسماع العلم ويبقون فيها سنوات، مما جعل هذا البلد شعاعًا للعلم والفكر والمعرفة باجتماع أساطين العلم والنابهين من كل أنحاء المعمورة فيها في الكثير من الحقب التاريخية، ولذا تميزت بنشاط علمي كبير وعناية خاصة بالعلم وأهله.
نشأة المكتبة
تشير بعض المصادر الى ان نواة مكتبة الحرم المكي الشريف كانت موجودة في عهد الخلافة العباسية، حيث أشارت الدراسات التاريخية الى انه كان بالمسجد الحرام خزائن للكتب داخل أحدى القبتين التى أنشاهما الخليفة المهدي بن ابي جعفر المنصور العباسي، فكانت جوار بئر زمزم من الجهة الشرقية قبة على حوض السقاية التى كان العباس يسقي منه الحجاج والقبة الأخرى تضمنت بيت المحفوظات التى كانت تحفظ فيها المصاحف والكتب التى تهدى للحرم.. واستنادا لهذه الدلائل أقر المؤرخون أن نواة مكتبة الحرم المكي الشريف وجدت في القرن الثاني الهجري أي في عام 160هـ تقريبا وتمثلت محتوياتها في بعض المصاحف وبعض الكتب المتعلقة بتفسير القرآن الكريم والتي كان الحجاج يجلبونها للحرم تقربا الى الله تعالى.وفي العهد السعودي الزاهر اهتم جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله بهذه المكتبة وكون لجنة من العلماء لدراسة أحوالها وأطلق عليها عام 1357هـ مكتبة الحرم المكي الشريف، وقد أهدى إليها رحمه الله مجموعة من الكتب وأصبحت منذ ذلك الوقت محل عناية ورعاية الدولة.
تنقلات عديدة
وكانت نواة المكتبة داخل المسجد الحرام وعند الشروع في التوسعة السعودية الأولى للحرم المكي، حيث تم نقل المكتبة الى خارج الحرم في مكان خاص بها يقع جهة باب السلام، ويعتبر أول نقل للمكتبة من داخل الحرم عام 1375هـ، وفي عام 1382هـ نقلت المكتبة الى عمائر الأشراف القديمة في المبنى المقابل لمستشفى أجياد العام، وفي عام 1383هـ نقلت الى عمائر مستودع الحرم المطل على الحرم من جهة المسعى جوار دار الأرقم بن الأرقم، وفي عام 1390هـ نقلت الى التيسير في مبنى مستأجر بعمائر بن سليمان، وفي عام 1406هـ نقلت الى مبناها المجاور للحرم المكي الشريف أمام باب الملك عبدالعزيز الذي تم بناؤه لها وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، وفي عام 1411هـ أزيل هذا المبنى لصالح توسعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد الحرام وانتقلت المكتبة الى مبنى مستأجر بشارع المنصور. ويوضح الدكتور محمد بن عبد الله باجودة مدير مكتبة الحرم المكي الشريف أن المكتبة تحتوي في أقسامها المختلفة على أكثر من (100) الف عنوان و(6523) مخطوطا أصليا و(358) مخطوطا غير عربي و(2314) مخطوطا مصورا إضافة إلى العديد من الأفلام المصورة. وعن أهم النوادر التي تقتنيها مكتبة الحرم قال الدكتور باجودة ان المكتبة تضم الغيلانيات لمحمد بن محمد بن إبراهيم الغيلاني البزار أقدم مخطوط في المكتبة ويعود تاريخ نسخة إلى أوائل القرن الخامس الهجري وهو احد عشر جزءا في مجلد واحد، والفروسية والمناصب الحربية لنجم الدين حسين بن الرماح المتوفى عام (780هـ) ومسند الموطأ للغافقي المتوفى عام (381هـ) ويعود تاريخ نسخة إلى عام (693هـ).