ملوك السعودية والحرمان الشريفان .. شرف الخدمة وتميز البصمات

لم تحظ بقعة من بقاع الأرض بالاهتمام والعناية والتطوير المستمر بمثل ما حظي به الحرمان الشريفان في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأكثر ما كان هذا الاهتمام في العهد السعودي الزاهر، فمنذ أن وحَّد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- هذه البلاد، أولى الحرمين الشريفين عنايته الفائقة، وعلى نهجه سار بنوه الأبرار ..

لم تحظ بقعة من بقاع الأرض بالاهتمام والعناية والتطوير المستمر بمثل ما حظي به الحرمان الشريفان في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأكثر ما كان هذا الاهتمام في العهد السعودي الزاهر، فمنذ أن وحَّد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- هذه البلاد، أولى الحرمين الشريفين عنايته الفائقة، وعلى نهجه سار بنوه الأبرار، فوضع كل واحد منهم بصمته المائزة، وخلّد اسمه في سجل التاريخ برعاية وخدمة الحرمين الشريفين.. «المدينة» رصدت أهم ملامح البصمات التطويرية التي وضعها ملوك هذه البلاد في الحرمين الشريفين، في الحقب الزاهرة المتعاقبة.

عهد الملك المؤسس

بعد دخوله مكة المكرمة عام 1343هـ أعلن البدء في ترميمات الحرمين الشريفين وبذل كل غالٍ ونفيس في سبيلهما، فكان من أبرز ما أمر بعمله في المسجد الحرام:
• في عام 1344هـ أمر بترميم المسجد الحرام ترميمًا كاملًا، وإصلاح كل ما يقتضي إصلاحه، وكذلك ترخيم عموم المسجد.
• في عام 1345هـ نظرًا لتزايد عدد الحجاج أمر بوضع السرادقات في صحن المسجد لتقي المصلين حر الشمس.
• في عام 1346هـ أمر بإصلاح آخر للمسجد الحرام، شمل:
• الترميم والطلاء.
• إصلاح مظلة إبراهيم، وقبة زمزم، وشاذروان الكعبة المشرفة، وأنفق على ذلك ما يربو على ألفي جنيه ذهبًا.
• في عام 1346هـ أمر بعمل مظلات قوية ثابتة على حاشية صحن المطاف من الخشب الجاوي وكسي بالقماش الثخين الأبيض، ثم عملت بعد ذلك مظلات ثابتة في أطراف الصحن مثبتة بالأروقة، تنشر وتلف عند الحاجة، وبقيت سنوات عديدة، يجري تجديدها باستمرار.
• في عام 1346هـ أمر بتأسيس أول مصنع لكسوة الكعبة المشرفة.
• خلال سنة 1345هـ و1346هـ أمر بتبليط المسعى بالحجر الصوان المربع وأن يبنى بالنور، وكان ذلك أول مرة في التاريخ يرصف فيها هذا الطريق منذ فرض الله تعالى الحج على المسلمين؛ مما كان سببًا في راحة الساعين من الغبار والأتربة، كما أمر بإزالة نواتئ الدكاكين التي ضيقت المسعى، فصار المسعى في غاية الاستقامة وحسن المنظر. كما أمر بعمل سبيلين لماء زمزم مع تجديد السبيل القديم.
• في سنة 1354هـ أمر بإصلاح الحجر المفروش على مدار المطاف، وإصلاح أرض الأروقة، وترميم وترخيم عموم المسجد، وتجديد الألوان، وإزالة كل ما به تلف، كما تم إزالة الحصباء القديمة واستبدالها بأخرى جديدة.


• في سنة 1366هـ أمر بتجديد سقف المسعى بطريقة فنية محكمة، وكانت مظلة السقف ممتدة بطول المسعى من الصفا إلى المروة ما عدا ثمانية أمتار مقابل باب علي رضي الله عنه، فإنها لم تسقف لأن تركها بغير سقف أجمل وأحسن، ويبلغ عرض السقف كله 20 مترًا ونصف المتر. كما أمر بعمل باب جديد للكعبة مغطى بصفائح من الفضة الخالصة، محلاة بآيات قرآنية، نقشت بأحرف من الذهب الخالص، وأمر بإصلاح عضادتي باب الكعبة بالفضة الخالصة الموشاة بالذهب.
• في سنة 1370هـ أمر بترخيم الواجهات المطلة على المسجد الحرام ورحباته ترخيمًا كاملًا.

عهد الملك سعود

• أمر بفتح شارع وراء الصفا، وصرف مرور الناس والسيارات عن شارع المسعى.
• في سنة 1373هـ أمر بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم.
• في سنة 1374هـ أنشأ بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم.
• في عام 1375هـ تم استبدال الشمعدانات الست بحجر إسماعيل عليه السلام بخمس نحاسية تضاء بالكهرباء، كما أمر بتبليط أرض المسعى بالأسمنت.
• في 5 ربيع الأول 1375هـ ألقى خطابه التاريخي بالشروع في توسعة المسجد الحرام التي أمر بها والده الملك عبدالعزيز.

• في 4 ربيع الثاني عام 1375هـ بدأ العمل بنزع ملكيات الدور والعقارات الواقعة في أرض التوسعة بعد تقدير أثمانها، وتعويض أصحابها، وتضمَّنت هذه التوسعة:
• بناء ثلاثة طوابق: الأقبية، والطابق الأرضي، والطابق الأول.
• بناء المسعى بطابقيه.
• توسعة المطاف، فصار بئر زمزم في القبو.
• زود قبو زمزم بصنابير الماء ومجرى للماء المستعمل.

كما شملت التوسعة إزالة مبانٍ كانت تضيق على المصلين والطائفين في صحن المطاف مثل مظلة زمزم، وباب بني شيبة، والمقامات الأربعة، وشملت أيضًا تحويل مجرى مياه الأمطار بين جبل الصفا والمبنى العثماني، وتم إحداث الميادين والشوارع ومواقف للسيارات ودورات للمياه ومواضع للوضوء قريبة من المسجد الحرام في جميع جهاته على أحدث نظام في ذلك الوقت.
• في سنة 1376هـ أمر بعمل سلم متحرك للكعبة المشرفة، وكان مغلفًا بالفضة ومنقوشًا بالذهب.
• في عام 1377هـ أمر بترميم الكعبة المشرفة، واستبدال سقفها الأعلى القديم بسقف جديد، وأبقى على السقف السفلي بعد ترميمه وتغيير الأخشاب التالفة فيه.

عهد الملك فيصل

• في عام 1387هـ تمت إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم توسعة للطائفين ووضع المقام في غطاء بلوري.
• في 1391هـ أمر ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف.
• في عام 1392هـ أمر ببناء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في موقعه الجديد في أم الجود، وتوسيع أعماله.

عهد الملك خالد

• في 7 رجب عام 1396هـ قام بإتمام ما تبقى من عمارة وتوسعة المسجد الحرام.
• في عام 1397هـ افتتح مصنع الكسوة بعد تمام البناء والتأثيث.
• في سنة 1398هـ تم توسيع المطاف في شكله الحالي، وفرش أرضيته برخام مقاوم للحرارة جلب من اليونان مما زاد من راحة المصلين والطائفين في الظهيرة.
وشملت توسعة المطاف نقل المنبر والمكبرية، وتوسيع قبو زمزم، وجُعل مدخله قريبًا من حافة المسجد القديم في جهة المسعى، وجعل فيه قسمان: قسم للرجال، وآخر للنساء، وركبت صنابير لشرب الماء البارد، وجعل للبئر حاجز زجاجي.
• في عام 1399هـ أمر بصنع باب الكعبة المشرفة بشكل بديع، وبنفقات كبيرة، كما تم صنع باب للسلم الداخلي للكعبة الموصل إلى سطحها.
• في عام 1399هـ تمت إزالة باب بني شيبة والمنبر الرخامي من المطاف، كما تم تبليط المطاف كاملًا بالرخام الأبيض.
• في عام 1400هـ تم التنظيف الشامل لبئر زمزم بعد القيام بأول عملية استكشافية للبئر.

عهد الملك فهد

• في عام 1403هـ أمر بنزع ملكيات عقارات السوق الصغير غرب المسجد الحرام، وتعويض أصحابها بمبالغ مرضية؛ تهيئة لتوسعة كبرى للمسجد الحرام، وقد بلغت مساحة أراضي العقارات المنزوع ملكياتها 30.000 متر مربع.
• في عام 1406هـ أمر بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، ولم يكن يستفاد من السطح إلا لأعمال الكهرباء، وكانت شبكات الكهرباء المنتشرة في مواضع متفرقة من السطح تعيق المصلين، فأمر خادم الحرمين الشريفين أن تجمع جميع شبكات الكهرباء في قباب جميلة، وقد بلغت مساحة السطح 61.000 متر مربع، يتسع لـ(90) ألف مصل، وكان من قبل غير مهيأ للصلاة فيه.

كما أمر بإنشاء (5) سلالم كهربائية بالمسجد الحرام؛ لتسهيل الصعود والنزول إلى السطح والطابق الأول. كما تم بناء خمسة جسور علوية للدخول إلى الطابق الأول والخروج منه من جهة الشمال.

• في 2 صفر عام 1409هـ وضع حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية، وذلك بعد أربع سنوات من انطلاق العمل في توسعة المسجد النبوي؛ ليجري العمل في التوسعتين في وقت واحد.

مراحل مشروع التوسعة ووصفه:

يتألف مبنى التوسعة من القبو (البدروم)، والطابق الأرضي، والطابق الأول. وقد صمم وتم بناؤه على أساس تكييف شامل كامل، وعمل له محطة للتبريد في أجياد، وروعي في الأقبية تركيب جميع الأمور الضرورية من تمديدات وقنوات وعمل فتحات في قواعد الأعمدة المستديرة لامتصاص الهواء الساخن وفتحات أعلى الأعمدة المربعة، حيث يتم ضخ الهواء والماء البارد فيها من المحطة المركزية للتكييف في أجياد، ومبنى التوسعة منسجم تمامًا في شكله العام مع مبنى التوسعة الأولى.

وجعل في هذه التوسعة (14) بابًا، فبذلك صارت أبواب المسجد الحرام (112) بابًا، بعضها يشتمل على ثلاث أو أربع فتحات، وصنعت الأبواب من أجود أنواع الخشب، وكسيت بمعدن مصقول ضبط بحليات نحاسية، والنوافذ والشبابيك من الألمونيوم الأصفر المخروط ومعدن مصقول بحليات نحاسية.

وعمل لهذه التوسعة مبنيان للسلالم الكهربائية في شماله وجنوبه، وسلمان داخليان، وبذلك يصبح مجموع السلالم الكهربائية في المسجد الحرام تسعة سلالم، هذا عدا السلالم الثابتة الموزعة في أنحاء مبنى المسجد الحرام.

• في سنة (1411هـ) أحدثت ساحات كبيرة محيطة بالمسجد الحرام، وهيئت للصلاة، وذلك بتبليطها برخام بارد ومقاوم للحرارة وإنارتها وفرشها، وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه الساحات (88.000م2).
• في سنة (1415هـ) تم توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول تسهيلًا للساعين.
• في سنة (1417هـ) تم هدم وإزالة بعض المباني حول منطقة المروة، وصارت مساحة المنطقة (375) مترًا مربعًا بدلًا من المساحة السابقة وهي (245) مترًا مربعًا.
كما حصلت أيضًا توسعة الممر الداخل من جهة المروة إلى المسعى في الطابق الأول، وأحدثت أبواب جديدة في الطابق الأرضي والأول للدخول والخروج من جهة المروة.

• في سنة (1418هـ) تم إنشاء جسر الراقوبة الذي يربط سطح المسجد الحرام بمنطقة الراقوبة من جهة المروة، لتسهيل الدخول والخروج إلى سطح المسجد الحرام.
كما تم أيضًا في تلك السنة توسعة الممر الملاصق للمسعى، الذي يستعمل للطواف بالطابق الأول في أوقات الزحام من منطقة الصفا إلى ما يقابل منتصف المسعى، فأصبح عرضه تسعة أمتار وعشرين سنتيمترًا ويبلغ طوله سبعين مترًا.

• في سنة (1418هـ) تم تجديد غطاء مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام من النحاس المغطى بشرائح الذهب والكريستال والزجاج المزخرف، وتم وضع غطاء من الزجاج البلوري القوي الجميل المقاوم للحرارة والكسر، وشكله مثل القبة نصف الكرة ووزنه (1.750) كجم، وارتفاعه (1.30) م، وقطره من الأسفل (40) سم، وسمكه (20) سم من كل الجهات، وقطره من الخارج من أسفله (80) سم، ومحيط دائرته من أسفله (2.51)م.

عهد الملك عبدالله

• ضاعف مساحة المسعى أربع مرات لتأتي أكبر توسعة في التاريخ التي تقدر مساحتها بثلاثة أضعاف مساحتها السابقة لتتسع لأكثر من مليون و600 ألف مصل في الظروف العادية وأما في المواسم والزحام فتستوعب أعدادًا أكبر من الحجاج والمعتمرين. وجاءت التوسعة التاريخية من الجهة الشمالية للمسجد الحرام وشملت (6) مكونات رئيسة وهي مبنى التوسعة والساحات الخارجية والجسور ومبنى المصاطب وممرات المشاة ومباني الخدمات بما فيها المراكز الصحية والدفاع المدني ومشفى ومحطة التكييف المركزية والتوليد الاحتياطية.

كما تحتضن التوسعة البوابة الرئيسة وهي بوابة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ترتفع فوقها مئذنة بشموخ لتصبح مآذن الحرم 11 مئذنة.
ولتسهيل حركة المصلين بشكل انسيابي وأكثر أمنًا ولإدارة وتفريغ حركة الحشود؛ روعيت إضافة عدد من الجسور ترتبط بين المصاطب الشمالية والمبنى الحالي للحرم مخترقة مبنى التوسعة بجميع مناسبها مع تهيئة الساحات الخارجية بين مبنى التوسعة والمصاطب الشمالية تستوعب أعدادًا متزايدة من المصلين كما ستزدان هذه المنظومة المعمارية في الساحات الشمالية الجديدة بمظلات الفتح والغلق لحماية المصلين من الشمس والأمطار كما يتم تأمين دورات المياه والمرافق العامة أسفل الساحات كما يوجد بسطح التوسعة ساحات إضافية ومميزة للمصلين.


وتتميز توسعة الملك عبدالله بن العزيز التاريخية بسهولة الوصول إليها من خلال 20 بابًا موزعة بأرجاء التوسعة ويأتي أبرزها باب الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يعد أكبر أبواب المسجد الحرام كما تتميز التوسعة بمكيفاتها المتطورة التي تشمل جميع أرجاء التوسعة كما يوجد بداخلها عدد من المشربيات التي تحتوي مياه زمزم كما تٰعد التوسعة أحد أهم أجزاء المسجد الحرام الذي يقصده ضيوف الرحمن.

عهد الملك سلمان

أولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله اهتمامًا كبيرًا بالمسجد الحرام والمسجد النبوي ودشن العديد من المشروعات الضخة التي ساهمت في استيعاب مئات الآلاف من المعتمرين والزوار لبيت الله الحرام، وللمسجد النبوي، كما أن العمل يجري على قدم وساق في توسعات إضافية، ستسهم في المزيد من الطاقة الاستيعابية.

ودشن الملك سلمان التوسعة الثالثة للمسجد الحرام بطاقة استيعابية تقدر بنحو مليوني مصل.
يعد هذا المشروع هو الأكبر في تاريخ المسجد الحرام، وتشمل هذه التوسعة والعناصر المرتبطة بها، مليونًا ومئتين وتسعة وستين ألف متر مربع.

وتضمَّن المشروع:

• إنشاء 78 بابًا أوتوماتيكيًا تغلق بالتحكم عن بعد تحيط بالحرم في الدور الأرضي فقط.
• إنشاء أنظمة صوتية متطورة من خلال تزويد الحرم بأكثر من (4) آلاف سماعة للصوت، وكاميرات المراقبة المتطورة.
• إنشاء خدمات أخرى متطورة سُخِّرت جميعها لخدمة ضيوف الرحمن في جميع الأوقات.