العم بخش .. أربعون عامًا في الصف الأول خلف الإمام

المداومة على الصف الأول تحتاج إلى صبر وهمة عالية، خاصة لمن لديه عمل فأكثر من تشاهدونهم في الصف الأول لديهم أعمال، وبعد صلاة الفجر مباشرة ينصرفون إلى وظائفهم ..

اختص الله سبحانه وتعالى بعض عباده من أهالي مكة المكرمة بفضل ملازمة المسجد الحرام، سواء في أوقات الصلاة أو غيرها، حتى باتوا كحمام الحرم الشريف، لا يبرحون أروقته وساحاته، حتى يعودون إليها في شوق وشغف.

ومن عشاق المسجد الحرام وأحد أبرز الوجوه التي لازمت الصلاة فيه بالصف الأول خلف الإمام على مر أربعة عقود متواصلة بلا انقطاع، كان العم عبدالعزيز بخش، الذي التقيناه بجوار المكبرية، فسألناه: هل صحيح أنك تصلي يومياً في الصفوف الأولي منذ عقود؟ فقال: نعم منذ أن كنت شاباً يافعاً ووالدي رحمة الله عليه يحثني على المبادرة إلى مزاحمة الناس في الصف الأول لما فيه من الأجر العظيم وتربية النفس على المسارعة إلى الطاعات وحب الخير، وكنت أرافق والدي يومياً في صلاة الفجر، حيث نخرج من بيوتنا الساعة الثانية عشرة ليلاً حتى نضمن الصلاة خلف الإمام مباشرة، في الصف الأول وكان هذا عام 1400هـ، ومنذ ذلك التاريخ لم أنقطع عن الصف الأول إلا لظروف السفر للمدينة المنورة أحياناً أو لظروف قاهرة، وبفضل الله أشعر بسعادة كبيرة رغم أننى أنام لساعات قليلة في الليل من أجل أن أدرك الصف الأول في الحرم، حتى تعودت أن أستيقظ بدون منبه.

ويضيف بخش: صليت خلف جميع الأئمة الذين تشرفوا بإمامة المصلين خلال أربعين عاماً، أبرزهم الشيخ عبدالله الخليفي والذي كان يصلي بنا التهجد في رمضان وحده (رحمه الله)، والشيخ عبدالرحمن بن محمد الشعلان، والشيخ محمد السبيل (رحمه الله)، والشيخ عمرالسبيل (رحمه الله)، والشيخ إبراهيم الأخضر، والشيخ على جابر، وكان يصلي بنا في الأعياد الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ، وكان عدد الأئمة قليل في المسجدالحرام، أما اليوم فأصبح في الحرم المكي عشرة أئمة وأكثر من عشرين مؤذن.

وعن أبرز ذكرياته الرمضانية في المسجد الحرام يقول العم بخش: كنا نترك منازلنا في الصباح ونأتي إلى الحرم كون الجو أكثر برودة، ولا يوجد مكيفات في البيوت، فكنا نبلل المناشف والشراشف ونتغطى بها في بدروم المسجد الحرام على هواء المراوح، وكان الشيخ الخليفي يلقي كلمة في المصلين ليلة السابع والعشرين يذكرهم بفضل تلك الليلة وأهمية التزود من الأعمال الصالحة وقرب رحيل الشهر الكريم، وفي المدينة المنورة الشيخ عبدالعزيز بن صالح كانت له كلمة مماثلة.


وقال بخش إن المداومة على الصف الأول تحتاج إلى صبر وهمة عالية، خاصة لمن لديه عمل فأكثر من تشاهدونهم في الصف الأول لديهم أعمال، وبعد صلاة الفجر مباشرة ينصرفون إلى وظائفهم، وبعد الخروج من العمل الوظيفي يتوجهون للحرم لإدراك الصف الأول في صلاة العصر، ولا يخرجون من المسجد إلا بعد صلاة العشاء.

وأضاف العم عبدالعزيز: من ميزة المداومة على الصف الأول أنك تشعر ببركة في رزقك وأهلك وأولادك، وأنا أحث أبنائى وأبناء أقاربي على أن يكونوا خير خلف لآبائهم.