"رحيل معلم ".. سقط في صحن المطاف وكُفّن بإحرامه بعد غيبوبة 14 شهراً

هي قصة مؤثرة، بطلها أبرز معلمي الصفوف الأولى "جميل حسين حموة"، الذي دخل في غيبوبة دامت 14 شهراً، بعدما سقط في صحن المطاف أثناء أدائه لطواف العمرة في رمضان قبل الماضي

هي قصة مؤثرة، بطلها أبرز معلمي الصفوف الأولى "جميل حسين حموة"، الذي دخل في غيبوبة دامت 14 شهراً، بعدما سقط في صحن المطاف أثناء أدائه لطواف العمرة في رمضان قبل الماضي؛ حيث وافته المنية في مدينة الملك عبدالله الطبية في مكة، وأديت عليه الصلاة ظهر اليوم في المسجد الحرام، ودُفن في مقابر المعلا مُحرِماً حاسر الرأس، بحضور أسرته وتلامذته؛ حيث يعد "حموة" من قدامى المعلمين؛ فقد تقاعد في ١٤٢٥هـ من مدرسة الرحمانية الابتدائية بمكة.

وتفصيلاً، قال القائد التربوي والإعلامي خالد الحسيني: "رحل المعلم المتقاعد جميل حسين حموة في العقد السابع من العمر، وكان يعمل في مدرسة الرحمانية بحي كدي خلال فترة إدارتي لها من عام 1417هـ وحتى 1425هـ، وكان معلماً متميزاً وعلى خلق رفيع؛ حيث استطاع الفقيد أن يكسب محبة الناس وزملاءه وإدارته وطلابه".

 وأضاف: "كانت خاتمة حسنة كما هو الحال من حسن خلقه وتواضعه؛ حيث كان يملك علماً وطرقَ تدريس يعجب بها من يشاهده في شرح الدروس، وكان أولياء الأمور يتسابقون على تسجيل أبنائهم في الفصول التي يدرسها؛ بسبب إتقانه لمادة الرياضيات للصفوف الأولى".

 وبيّن: "عَمِل أربعة عقود متفانياً في عمله محافظاً عليه، وكان أكثر المعلمين حرصاً على الدوام؛ فكان أول الحاضرين وآخر المغادرين من المدرسة، وتخرج على يده أطباء وأساتذة ومهندسون، وتقاعد عام 1425هـ؛ حيث نظّمنا نحن ومعلمو المدرسة حفل تقاعد يليق به".

 وتابع "الحسيني": "من الأشياء التي لا أنساها أنه كان يحمل سجلاً خاصاً به ويسأل كل طالب يدرّسه ما هي الأمراض التي يعانيها، ويدوّنها، ويقوم بالتواصل مع المرشد وأولياء الأمور للعمل سوياً حتى يتلافى أي مشكلة صحية يتعرض لها تلاميذه، ومن الأعمال التي ما زلت أتذكرها أنه كان يقوم بتوفير مستلزمات طبية وعلاجات وإسعافات أولية تطوعاً منه، وكان محباً للخير".

 وزاد: "في رمضان من عام 1436هـ كان يؤدي العمرة داخل صحن المطاف بالمسجد الحرام، وأثناء ذلك أصيب بارتفاع في السكر وضغط الدم، وسقط في أطهر البقاع، وتم نقله إلى مستشفى قريب من الحرم المكي، ومن ثم تم نقله إلى مدينة الملك عبدالله الطبية وكان في غيبوبة، وكنا نزوره بين الحين والآخر؛ حيث مكث في المستشفى سنة وشهرين وهو على حاله، إلى أن وافته المنية اليوم، وأدينا عليه صلاة الظهر، وهو مكفن بلباس الإحرام وحاسر الرأس كما هو عليه في أداء العمرة".

 واختتم "الحسيني" حديثه بقوله: "تلقينا العزاء مع أبنائه وطلابه ببالغ الحزن؛ ولكن عزاءنا أن كان آخر عهده عمل صالح؛ إذ سقط بالقرب من الكعبة المشرفة وهو محرم طاهر، وإنها لخاتمة حسنة تدل على حسن الخلق، تغمده الله برحمته وألهم أسرته وزملاءه وتلامذته الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون".