خزندار رحل ممسكا بقلمه
ودعت مكة صباح أمس بمقبرة المعلاة خزندار ثقافتها الكاتب والأديب عابد خزندار، وسط جموع من المشيعين من أهله وأقاربه
ودعت مكة صباح أمس بمقبرة المعلاة خزندار ثقافتها الكاتب والأديب عابد خزندار، وسط جموع من المشيعين من أهله وأقاربه ومحبيه وتلاميذه من رجال الفكر والكتابة والأدب، قبل التوجه إلى المقر المخصص لتلقي العزاء في الراحل الذي وافته المنية عن 80 عاما بالعاصمة الفرنسية مساء الثلاثاء الماضي، وتمت الصلاة عليه فجر أمس في المسجد الحرام.
وكان جثمان خزندار وصل إلى جدة مساء أمس الأول، قبل أن يوارى الثرى في مقبرة المعلاة، فيما بدأت أمس مراسم العزاء بمنزل شقيقه سهيل خزندار بجدة.
وأوضحت شقيقة الراحل شادية خزندار لـ»مكة» أن الراحل أوصى قبل وفاته بعدم التكلف بمشاق نقله إلى أي مكان خشية الإثقال على ذويه، مبينة أنه كان يكتب مقالا لإحدى الصحف حين شعر بالتعب الذي نقل على إثره إلى المستشفى قبل أن يودع الدنيا في أقل من 20 دقيقة قضاها في المشفى.
ولفتت خزندار إلى أن شقيقها كان عميدا للأسرة، ومثالا يحتذى به في فعل الخير، مشيرة إلى أنه كان مبادرا في حل مختلف القضايا التي تمر بأسرته، ومقدما مصلحة الوطن على مصالحه الشخصية ومصالح عائلته وأقربائه، كاشفة عن تفاصيل آخر لقاء جمعها في بداية السنة الميلادية عندما أهداها نسخة من كتابه، الربع الخالي، الذي أكدت أنه لا يوجد في الأسواق لعدم فسحه رسميا بعد، لافتة إلى أن للراحل ابنتين فقط هما منى، التي شغلت سابقا موقع مدير معهد العالم العربي بباريس ومنسوبة هيئة السياحة السعودية حاليا، والدكتورة سميرة، وهي محاضرة بجامعة السربون بفرنسا، ومستشارة الاتحاد الأوروبي.
.. والفقيد يأبى مفارقة القلم في لحظة الرحيل
ما أقساها تفاصيل اليوم الأخير في حياة خزندار الذي أبى مفارقة قلمه في لحظة الرحيل، كما ترويها شقيقته شادية خزندار التي تقول «كان خبر الرحيل كزلزال على قلوبنا، كان فاجعة لأنه لم يمهلنا ولم يمهد لنا بالرحيل، لم يكن مريضا أو فاقدا للوعي، بل كان طوال الليل يتحدث معنا واستأذن لكتابة مقاله، لذا كان الخبر صاعقا، وقد كان عاكفا على الكتابة وفجأة نادى ابنته منى وقال لها أشعر باختناق بسيط وضيق في التنفس، كان مصابا بإنفلونزا بسيطة، طلبت منى مباشرة الإسعاف غير أن الأجل كان أسبق ففاضت روحه وهو في طريقه للمستشفى».
وحول آخر ما أوصاهم به وآخر أحاديثه معهم قالت «كان يمازح ابنته قبل موته بساعات ويعكف على الكتابة لساعات طويلة، فاتصلت به وقلت له تعال لجدة من أجل أن ترتاح، جسدك ضعف من القراءة والكتابة، تعال أطبخ لك وأهتم فيك، ضحك وقال الكتابة والقراءة أهم من كل شيء، هي الحياة، هذا الشعور لازمه بعد رحيل زوجته، كان كثيرا ما يصمت ويقول ألجأ إلى الكتابة حتى لا أفكر في غيابها عني».
وحول مصير مكتبته قالت خزندار هناك مشاورات مع بنتيه بأن نوزعها على المعزين، أو نهديها لمكتبة الملك عبدالعزيز لم نقرر بعد.
وحول ذكرياتها معه قالت: كان مثل الأب حين مات والدنا رباني مع بنتيه وعلمني، وأجمل ما كان يميزه بأنه لم ينظر للمرأة على أنها جنس أقل من الرجل، بل كثيرا ما يغضب لو قلل أحدهم من شأن المرأة يقول هي مثل الرجل تماما، الذي يتحكم فيها هي الفرص المعطاة لها من تعليم وتربية، فهو يناصر كثيرا المرأة، لذلك رفض أن يبحث عن الولد واكتفى بالبنتين، وقال هما أفضل من ألف رجل.
أما عن آخر نقاش دار بينهما فقالت: لقد أهداني كتابه، الربع الخالي، والذي للأسف منع من معرض الرياض الدولي وقرأته وتناقشت معه حوله.
كان مفكرا ومثقفا وإنسانا، أتذكر أني ناقشته في بعض مقالاته حيث كان يكتب ويدافع عن بعض القضايا وضد بعض المؤسسات، فقلت له لا تكتب عنها حتى لا تتعرض للأذى فقال لي: مصلحة المواطن والوطن أولى من مصلحة نفسي حتى ولو كان على حساب رزقيa