نقل مقام إبراهيم بين مؤيد ومعارض ومحايد

قدم أحد أساتذة اللغة بجامعة أم القرى، رئيس مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية - الدكتور عبدالعزيز الحربي اقتراحا بتغيير مكان مقام إبراهيم من مكانه الحالي في الحرم المكي

قدم أحد أساتذة اللغة بجامعة أم القرى، رئيس مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية - الدكتور عبدالعزيز الحربي اقتراحا بتغيير مكان مقام إبراهيم من مكانه الحالي في الحرم المكي، وإعادته إلى نهاية صحن المطاف، معللا ذلك بأن وجود المقام في وسط صحن المطاف يسبب كثيرا من الزحام للطائفين الذين قدمهم الله سبحانه وتعالى في هذا المكان على القائمين والعاكفين والركع السجود، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي نص شرعي لا يجيز نقل هذا المقام، كما أنه في الأساس كان مكانه بجوار الكعبة المشرفة، مما يعني أن هذا المكان ليس مكانه الصحيح.


إلا أن هذا الاقتراح لقي وسط المكيين من يؤيده بأنه لا يوجد نص لا يجيز نقل المقام، وكذلك من يعارضه ممن هم يريدون الحفاظ على الهوية المكية وإرثها الديني والتاريخي، إضافة إلى رأي محايد يقول بجوازه ويشترط الضرورة لذلك.

مؤيد
نقل المقام جائز وهنا الأدلة

    “الخلاف في موضوع نقل مقام إبراهيم ليس جديدا، بل هو قديم نسبيا، فإن رابطة العالم الإسلامي منذ عشرات السنين رفعت إلى مفتي عام المملكة آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم، رحمه الله، تسأله عن مدى جواز نقل هذا المقام بسبب الزحام الذي يحصل جراءه واجتماع الناس حوله وصلاتهم خلفه، فكتب المفتي كتابا انتهى فيه إلى جواز النقل. وكتب أيضا الشيخ عبدالرحمن المعلم أحد العلماء الكبار في تغيير مكان المقام.

وهذا حدث في زمن كان الازدحام فيه نسبيا، ومرتادو الحرم الآن بالملايين. ومن المعلوم أن المشقة تجلب التيسير، وأن الله يريد بنا اليسر ولا يريد بن العسر، كما أن هذه الشريعة مبنية على رفع الحرج. ومعلومٌ أيضا أن هناك عسرا وحرجا وضررا يحصل من تدافع الناس أو اجتماعهم المفاجئ وهم يطوفون بانسيابية عند ذلك المكان من جهتين، الأولى هي وضع المقام و”الظلة” التي وضعت فوقه، وحرص الناس على أن يصلوا بقربه، والوقوف عنده والتمسح به، ووقوف مجموعة من المشايخ لدفعهم لئلا يتسببوا في زيادة الازدحام.

والجهة الثانية هي تأملية في نصوص الكتاب التي جاءت في ذكر هذا المقام، وهناك آيتان من كتاب الله سبحانه وتعالى فيهما ذكر الطائفين مع القائمين أو مع العاكفين والركع السجود، قال تعالى: “وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ”، وفي سورة البقرة أيضا: “وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَة لِلنَّاسِ وَأَمْنا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ”.

ففي الآيتين قدم الله الطائفين على القائمين والعاكفين والركع السجود، إذا هم أحق بهذا المكان.
    وفي الأصل فإن السلف الصالح مختلفون في المقام، فهل هذا الحجر الذي قام فيه إبراهيم هو الحجر الذي قام فيه ونادى وأذن في الناس بالحج، أم هو الذي قام عليه حينما أراد أن ينصرف وهو راكب على جواده وجاءت أم اسماعيل بهذا الحجر ووضع رجله اليمنى عليه وغسلت رأسه فسال الماء عليه فصارت فيه رطوبة وصار ذلك الأثر وهو أثر القدم، ثم غسلت شقه الأيسر ووضع رجله اليسرى على الحجر أيضا كذلك، وحصل ما حصل في اليمنى؟ ولكن الكلام المشهور هو أن هذا الحجر هو الذي قام عليه لبناء الكعبة بعد أن ضعف واحتاج إلى أن يرتفع، وجاء بهذا الحجر وصار فيه ذلك الأثر، إذا هذا يعني أن الحجر متنقل، بدليل أنه إذا احتاجه إلى البيت فهو ملاصق للكعبة. والأمر الآخر أنه من المؤكد احتاج للوقوف إلى هذا الحجر في عدة أماكن وليس مكان واحد، لذلك هو صالح لأن يكون في أي مكان.

ومسألة النقل قد حصلت، وذلك أنه قد صح بالإسناد الصحيح كما في مسند عبدالرزاق، وذكر ذلك أيضا ابن حجر في فتح الباري أن الحج كان لصيقا بالكعبة، وأن عمر بن الخطاب هو الذي نقله إلى هذا المكان.

وهنالك قول بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي نقله، وأنه كان لصيقا بالكعبة، إذا فإذا كان قد نقل من جوار الكعبة إلى هذا المكان، فما الذي يمنع الآن أن ننقله لمصلحة الطائفين إلى آخر صحن الطواف، ويفسح المجال للطائفين الذين هم أولى به؟
    والحل الأمثل في أن ينقل المقام إلى آخر صحن الطواف، والناس يصلون خلفه كما يشاؤون، ويراح بذلك الطائفون”.

رئيس مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية - الدكتور عبدالعزيز الحربي

مصلحة راجحة

    “لم يرد في كتاب الله ولا سنة نبيه ما يمنع من نقل المقام لموضع آخر لمصلحة راجحة فضلا عن إزالة الضرر والتيسير على الناس. وموضع المقام في الأصل كان لصيقا بالبيت وإنما أخره لموضعه اليوم عمر بن الخطاب، كما روي عن عطاء بن أبي رباح وغيره قال: “يزعمون أن عمر أول من رفع المقام فوضعه في موضعه الآن، وإنما كان في قبل البيت”. وعن هشام بن عروة بسند قوي أن “رسول الله وأبا بكر وعمر ـ بعض خلافته ـ كانوا يصلون صقع البيت حتى صلى عمر خلف المقام”، ويشهد لهذا ما جاء عن ابن عباس في قصة بناء إبراهيم للكعبة وإسماعيل يناوله الحجارة، قال: فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه لـه، فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة. وعن جابر قال: استلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الركن، فرمل ثلاثا، ومشى أربعا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم، فقرأ “واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى” فجعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين، وهاتان الروايتان تشعران بأنه كان لصيقا بالبيت وهو موضعه في الأصل حتى أخره عمر رضي الله عنه توسعة للطائفين، فالأولى رده لمكانه.

وعمر بن الخطاب رضي الله عنه نقله لمصلحة التوسعة على الطائفين ولم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة والتابعين. وعدم نقل النبي صلى الله عليه وسلم للمقام ليس دليلا على المنع، ولا يصح تسميته تركا، بل الظاهر أنه من جملة ما سكت عنه الشارع، فهو عفو، فإنه يشترط في اعتبار ذلك الترك من السنة ألا تتوفر الدواعي لفعل ذلك الشيء، وهذا النوع هو الغالب فيما سكت عنه الشارع من الأعمال.

أما إذا توفرت الدواعي لفعل ما وتركه النبي صلى الله عليه وسلم فهنا يصلح القول بأن ترك النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وكون ذلك الترك هو السنة، ثم إن ترك النبي صلى الله عليه وسلم لفعل مّا مع توفّر الدواعي لفعله قد يكون لـعـارض، ومثال ذلك ترك النبي صلى الله عليه وسلم إعادة بناء الكعبة على ما هي عليه في عهد إبراهيم عليه السلام لقرب عهد بعض المؤمنين بالإيمان.

فجواز نقل المقام هو الراجح، حيث كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو الأولى، وإلصاقه بالكعبة إلى جانب الباب مما يلي الحجر يمنة الداخل من الباب، وذلك لما فيه من العمل بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له في هذا الموضع، ولقوله في الصحيحين لعائشة: “ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم”، فقالت لـه: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ قال: “لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت”. وفي هذا ندب لإعادة بناء الكعبة على ما كانت عليه في عهد إبراهيم متى زال المانع، وإبقاء المقام في موضعه الأول عملا بالأصل في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لـه في مكانه يجري على المعنى المندوب إليه في إعادة بناء الكعبة على بنائها الأول. وإن ما ذكر من مخافة فتنة الناس اليوم بنقل المقام إلى مكانه الأول يزول بتبصير الناس بالحق، فنقله لموضعه الأصلي هو الأولى وهو الأنسب لما فيه من فسحة للطائفين.

ومن قال بجواز نقله جماعة من العلماء، منهم المعلمي في رسالته (مقام إبراهيم)، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ في رسالته (الجواب المستقيم في جواز نقل مقام إبراهيم)، وعلي الصالحي في رسالته في هذه المسألة”.

الباحث والمستشار بمركز علوم القرآن والسنة - الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي

 
معارض
نحتاج للتنظيم

    “نقل مقام إبراهيم من مكانه يعد من العبث، وهو نوع من كسر هيبة المقدسات. ونحن من الطائفين ونذهب للحرم باستمرار ولم نجد أن المقام كان سببا في الزحام أو له أي تأثير في الحركة. كل ما في الأمر أنك تحتاج إلى أشخاص يمنعون الناس من الصلاة خلفه، لأنهم هم الذين يسببون الزحام، وفي الفترات الأخيرة يشهد التنظيم في صحن الطواف تطورا ملحوظا، وحركة الطائفين الآن ستزداد صعوبة بعد التوسعة، والمنطقة هذه تحتاج إلى إدارة جيدة، والمقام يساعد على تفكك كثافة الطائفين، خاصة أن صحن الطواف الآن بتوسيعه بهذا الشكل يسبب مخاطر جمة على المصلين إذا لم تتم إدارته بشكل جيد، حيث إن الدوران بطبيعة الحال يشكل ضغطا على الكعبة المشرفة نفسها، خاصة في ظل وجود أعداد هائلة في المواسم، ولذلك نحن نحتاج لخلخلة هذه الحركة. وأعتقد أنه في المستقبل سيضطرون إلى الاستعانة بأمور تساعد على عمل هذه الخلخلة وتفكك الحركة”.

الكاتب والإعلامي - الدكتور فائز جمال

للمقام تأثير إيجابي

    “من المعروف أن مكان المقام الآن ليس مكانه الحقيقي، بل كان ملاصقا للكعبة، ولكن نقله الآن مرة أخرى إلى مكان أبعد سيكون له تأثير على العالم الإسلامي كله، ونحن لا نتحدث عن المسلمين في السعودية فقط، لأن هذا أمر يتعلق بالعالم كله، فيجب أن نراعي البعد الإسلامي في العالم.


    والأهم من ذلك فلا يصح تقديم مثل هذه الاقتراحات قبل أن تعمل جهة بحثية مختصة دراسات تخطيطية عن أثر موقع مقام إبراهيم على الحشود. وأنا كشخص متخصص في التخطيط أعتقد أن وجوده قد يفيد تفويج وإدارة الحشود أكثر من نقله، لأن النقاط التي تفرق الحشود تفتت كتلة الحركة، وهذا قد يكون مساعدا لحركة الطواف أكثر من إعاقته لها. والشخص غير المتخصص في كيفية إدارة الحشود قد يفتي في أمر ويخطئ في نتائجه، والصحيح أن الجهات البحثية تمتلك أجهزة تقنية عالية لدراسة حركة الحشود في مكان ما، وتأثير نقطة معينة عليها، ومن الممكن تكليف معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة أو جهة بحثية متخصصة لدراسة أثر المقام على حركة الحشود وبالذات في وقت الذروة، وهل هو يؤثر عليها سواء سلبا أو إيجابا.. وأنا في رأيي الشخصي يؤثر إيجابا، ولكن أيضا لا أستطيع أن أدعي في هذا المكان حتى يثبت ذلك عن طريق جهات بحثية”.

المهندس جمال شقدار

 
محايد
البحث العلمي يحدد الضرورة

    “إذا نظرنا للموضوع من جانب علمي فلا ضرورة لنقل مقام إبراهيم، فهو آخر ما تبقى من آثار ثابتة في المسجد الحرام، وعلينا أن نتحقق علميا. والأمر يجب ألا ننظر إليه من الناحية الدينية فقط والتي تعطي الحكم الشرعي فقط. أما تقدير الضرورة فيجب النظر إليه من الناحية العلمية والتي تعطي نتائج دقيقة عن مدى نقله، أو إيجاد بدائل بدون نقل..وآخر العلاج الكي.
    فمثلا في الطب قد يكون الرأي الشرعي هو يجوز أو لا يجوز، أما من يقرر الضرورة فهو الطبيب المختص. وحسب دراسة علمية أجراها مركز أبحاث الحج عن الطواف ميدانيا شارك فيها أساتذة مختصون، بالإضافة إلى عشرات الدارسين على أرض المطاف، والتي استخدم فيها تصوير جوي وزمني في عدة مواسم، أثبتت أنه ليس من الضرورة تحريك المقام، بل إن مكانه هنا يخفف من حدة الضغط على الطواف. ولم نجد سببا علميا يوجب نقله، فالمسألة تحتاج إلى عمق أكثر من الناحية الدينية والتاريخية والاتجاه إلى البحث العلمي.


  وقد حظيت المنطقة المحيطة بمقام إبراهيم بمراقبة دقيقة في الدراسة التي أجراها مركز أبحاث الحج أثناء فترتي رمضان وذي الحجة، وذلك بهدف تحديد شكل وطابع الحركة حول المقام ومراقبة سلوكيات بعض الطائفين حول المقام. ولقد تم تحديد عدد من نقاط البحث لتلك المنطقة لإعطاء صورة دقيقة لطابع الحركة حول المقام تركزت في تقدير الفترة الزمنية التي يقضيها بعض الطائفين حول المقام لأداء الصلاة على هيئة أفراد أو مجموعات، وشكل تلك التجمعات التي تحدث في منطقة المقام، وتحديد سلوكيات بعض الطائفين بالمنطقة.

وقد اعتمد أسلوب الدراسة على التصوير الفوتوجرافي باستخدام أفلام ذات حساسية معينة لأوقات الليل والنهار مع استخدام سرعات مختلفة للقطة التصوير الفوتوجرافي للتفريق بين مجموع الطائفين في حركتهم، وتلك المجموعات من الطائفين التي تظل لبعض الوقت بمنطقة المقام. كما اعتمد أسلوب الدراسة على استعمال تصوير الفيديو من المنائر، ومن عدة مواقع، مجهزة من على سطح المسجد الحرام، وذلك لبرنامج زمني محدد خلال فترتي الدراسة في رمضان اعتبارا من الساعة الخامسة مساء وحتى منتصف الليل، فيما عدا ليلة القدر فقد استمر العمل حتى فجر يوم27 رمضان. أما فترة الدراسة في الحج فقد بدأت اعتبارا من الـ 6 من ذي الحجة وحتى 14 من نفس الشهر خلال ساعات محددة لكل يوم من أيام الدراسة، كما قمنا بعمل تجارب باستخدام الحاسوب ونماذج للمحاكاة. ومن يرغب في الاطلاع على البحث فهو موجود بموقع www.hajjbook.info
    وفي عصرنا الحالي تطور علم إدارة الحشود والوسائل الحاسوبية للمحاكاة والتجريب، وعلينا الاستعانة بذلك قبل أن نتخذ قرارا في أمر خطير كهذا”.

مؤسس ومدير مركز أبحاث الحج، الدكتور في الهندسة المعمارية سامي عنقاوي

 
.. المشكلة من سلوكيات طائفين

أجرى مركز أبحاث الحج دراسة للحركة بالمطاف، على مرحلتين: الأولى خلال النصف الثاني من رمضان 1407، والثانية خلال النصف الأول من ذي الحجة من نفس العام.

مراحل الدراسة تمت على سبع مجموعات إحداها كلفت بدراسة العناصر التي قد تعيق سيولة الحركة أثناء الطواف، وقد ركزت هذه المجموعة ملاحظاتها على مقام إبراهيم والحجر الأسود وحجر إسماعيل، والركن اليماني والملتزم، وخط بداية الطواف ومداخل زمزم.


وجاءت نتيجة الدراسة المتعلقة بمقام إبراهيم عليه السلام كالتالي:


أولا: فترة رمضان

إن مقام إبراهيم في حد ذاته لم يشكل عقبة مهمة للحركة، وإنما المشاكل من سلوكيات بعض الطائفين وإصرار بعضهم على الصلاة في منطقة قريبة أو ملاصقة للمقام مما ينتج عنه إيجاد كثافات عالية اختلفت من وقت لآخر خلال فترة الدراسة، كما أن شكل حركة الطواف حول المقام يختلف حسب درجة الازدحام، والفترة الزمنية لبقاء الأفراد أو المجموعات حول المقام تختلف حسب درجات كثافة الطواف من وقت لآخر، بمعنى أنه عندما ينقص الازدحام تزيد فترات مكوث الطائفين عند المقام، ومع اشتداد الزحام يقل بقاء الطائفين حول المقام.

ثانيا: فترة الحج

لقد اختلف وضع الحركة حول مقام إبراهيم فترة الحج عنه في فترة الدراسة في رمضان، حيث لوحظ أن هناك مجموعات من الطائفين يصرون على تلمس المقام والتبرك به، ولتحقيق ذلك فإنهم يدفعون غيرهم من الطائفين أثناء حركة الطواف بالمنطقة، كما أن هناك أعدادا وجنسيات من الحجاج تصر على أداء الصلاة في هيئة مجموعات بالقرب من منطقة المقام وفي أكثر من موقع، فينتج عن ذلك تفريق لصفوف الطائفين في أكثر من منطقة حول المقام.

ولقد اختلفت الفترة الزمنية لبقاء الطائفين بمنطقة المقام خلال 24 ساعة كمتوسط عام لأيام الدراسة في الحج طبقا لكونهم أفرادا أو مجموعات ذات أعداد مختلفة، فبلغت أقصاها 15 دقيقة لمجموعة عددها أكثر من 11 فردا نحو الساعة 10 صباحا، فيما بلغت الفترة الزمنية لبقاء فرد واحد بمنطقة المقام في هذا الوقت نحو دقيقتين فقط، ولقد بلغت أقصى مساحة إشغال بالصلاة حول المقام في حدود 80 مترا مربعا.