عهدة الكعبة للسادن الجديد ثالث العزاء

ودعت مكة المكرمة عصر أمس كبير سدنة البيت الحرام عبدالقادر الشيبي، إلى الدار الآخرة.
ودعت مكة المكرمة عصر أمس كبير سدنة البيت الحرام عبدالقادر الشيبي، إلى الدار الآخرة.
وتداعى أهالي مكة من الوجهاء والمسؤولين لتشييع الجثمان إلى مقابر المعلاة، وظلت صفوف المعزين تتقاطر لمواساة ذوي الراحل الذي وافته المنية فجر أمس بعد أربع سنوات و28 يوما قضاها في مهمة كبير سدنة البيت الحرام، إذ تولى مسؤولية مفتاح باب الكعبة خلفا لسلفه السابق عبدالعزيز الشيبي، وذلك غرة ذي الحجة عام 1431.
وشهدت مراسم تشييع الجنازة حشود المعزين الذين امتلأت بهم جوانب مقابر المعلاة، وتسببت في توقف الحركة المرورية في الطرق المجاورة للمقبرة، لكثافة أرتال مركبات المعزين على جنبات مسارات طرق السليمانية والغزة والحجون.
وتقدم عائلة الشيبي في تلقي العزاء سادن الكعبة الجديد الدكتور صالح الشيبي، ونائب السادن حسين الشيبي، إضافة إلى إخوة الراحل وأبنائه الذين ذرفوا الدموع على فراقه.
المشيعون حرصوا على مرافقة جثمان الراحل بعد أداء الصلاة عليه عقب صلاة العصر في المسجد الحرام، في حين توافد آخرون إلى المعلاة مباشرة، حيث أدوا صلاة الميت على الراحل في المقبرة قبل مواراته الثرى، إذ تم دفنه في المربع 105 ، واحتضن القبر رقم 163 جثمان الفقيد، ثم توجه أبناؤه وإخوته وأقاربه إلى موقع العزاء في الصالة الرئيسة للمقبرة، ومن ثم استقبال المعزين في منزله بالعوالي لمدة ثلاثة أيام.
رئاسة الحرمين تعزي
مثل نائب رئيس شؤون الحرمين الدكتور محمد الخزيم الرئاسة وعدد من مسؤولي الرئاسة في تشييع ودفن كبير السدنة، وشارك في مراسم الدفن، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل استقبل نائب رئيس شؤون الحرمين المعزين بين أبناء وأشقاء كبير السدنة، ووقف الخزيم بجانب الدكتور صالح الشيبي مستقبلا المعزين الذين تقاطروا في صفوف طويلة على أسرة الشيبي والدكتور الخزيم حتى انتهوا بعد مضي نحو 40 دقيقة على وقوفهم في ذلك الصف، قبل أن يغادر الجميع المقبرة للبدء في استقبال المعزين في منزل الفقيد.
مكة فقدت علما
من جهته أوضح سادن الكعبة الجديد الدكتور صالح الشيبي أن أسرته متأثرة جدا جراء الفاجعة التي لحقت بهم صباح أمس، مؤكدا أن أسرة الشيبي فقدت علما من أعلامها، وكبيرها الذي اعتادت أن يكون بجانبها في جميع حالاتها ومناسباتها، لافتا إلى أن الأسرة تؤمن بأن هذا قضاء الله وقدره ولا بد من الصبر عليه، كونه مصيرا محتما على جميع البشر، داعيا الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته.
وأوضح عبدالملك الشيبي، شقيق الراحل، أن عائلة الشيبي تعرف مسبقا من هو السادن بحكم أنه الأكبر سنا، وقال: يعد صالح الشيبي الأكبر سنا، وهو كبير السدنة ونائبه حسين طه الشيبي.
وبحسب العادة والسنة يتوارث مهنة سادن الكعبة كبير السدنة من عائلة الشيبي، وهو الدكتور صالح بن زين العابدين بن عبدالله بن عبدالقادر الشيبي، وهو ابن عم السادن الراحل.
وأشار إلى أن عائلة الشيبي ستجتمع في ثالث أيام العزاء بحضور كبيرهم، ويسلم أبناء عبدالقادر ـ يرحمه الله ـ عهدة الكعبة المشرفة والأغراض المتعلقة بالكعبة لصالح، وتقوم العائلة بالسلام على كبير السدنة، ويرفع السادن الجديد إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأنه كبير عائلة الشيبي وكبير السدنة، وينتظر منه التوجيه إذا كان هناك تعليمات، وهذا حسب العرف الذي يجري سابقا.
وأعلن عبدالملك الشيبي بعد تشييع شقيقه استعداده لاستقبال أي مطالبات مالية تتعلق بالراحل والتكفل بسدادها.
ويعد الدكتور صالح بن زين العابدين بن عبدالله الشيبي ـ الذي تولى أمس مفتاح باب الكعبة، وهو عضو هيئة التدريس سابقا بجامعة أم القرى، ورئيس قسم العقيدة، أحد أقسام كلية الدعوة وأصول الدين منذ عام 1402-1408هـ، وعضو مجلس الشورى سابقا ـ كبير سدنة بيت الله الحرام خلفا لابن عمه الراحل عبدالقادر بن طه الشيبي الذى غيبه الموت فجر أمس عن عمر يناهز 75 عاما في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في جدة بعد مرض عضال لم يمهله طويلا، لتنتقل السدانة تلقائيا إلى الدكتور صالح زين العابدين الذي اكتسب هذا الشرف لكونه أكبر العائلة سنا، كما أنه النائب الرسمي بمرسوم ملكي، الأمر الذي جعله سادنا مباشرا بعد وفاة الشيخ عبدالقادر صباح أمس بحسب شقيقة السادن الراحل شرين الشيبي.
والسادن الجديد هو أكبر أبناء زين العابدين بن عبدالله الشيبي.
متفرد في قراراته
وصف حسين طه الشيبي نائب كبير السدنة الجديد وفاة عبدالقادر الشيبي بالفاجعة، سائلا الله القدير أن يغفر للفقيد، معددا مناقبه التي ميزت شخصيته وجعلته متفردا في كل قراراته، معتبرا أنه رجل يحمل في دواخله الإنسانية والمحبة والتقدير للجميع، وكان يحمل هم المسؤولية تجاه سدنة الكعبة وشرف خدمتها، وقال: الرحل أخي الأكبر، وكان يعمل في الخطوط الجوية السعودية، مدير فرع منطقة الجوف، وبعد التقاعد تفرغ للبيت الحرام من خلال ملازمة عمه عبدالعزيز الشيبي، والذي تولى مهام كبير سدنة الكعبة منذ عام 1431 بعد عمه عبدالعزيز الشيبي، والآن انتقلت المسؤولية إلى الدكتور صالح الشيبي ابن عم الفقيد، كونه الأكبر سنا بين آل الشيبي.
آخر مهمة رسمية للراحل
وكانت آخر مهمة للراحل فتح الكعبة قبل قرابة شهرين أثناء زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للمملكة، وأدائه مناسك العمرة في المسجد الحرام.
وأكدت شقيقة السادن الراحل، شرين الشيبي أن كبير السدنة لم يترك وصية قبل وفاته، مؤكدة أن ذمته خالية من أي مطالبات أو ديون للآخرين، سواء من داخل العائلة أو خارجها.
أول مهمة للسادن الجديدفي الوقت الذي تولى فيه أمس صالح الشيبي مسؤولية سدانة الكعبة، تتجه الأنظار إلى أول مهمة رسمية بعد تسنمه هذا الشرف بفتح باب الكعبة والإشراف على مراسم الغسيل في منتصف محرم المقبل من العام الجديد 1436 .
وسائل الإعلام
إلى ذلك، تفاعلت وسائل إعلام محلية وعالمية مع رحيل كبير سدنة بيت الله، وأشارت محطة السي إن إن العربية إلى أن عهد الشيبي شهد تغيير قفل الكعبة المشرفة الجديد المُطلي بالذهب الخالص بعد أن صدئ القفل السابق لطول أمده.
فيما تناولت بعض وسائل الإعلام العربية ما يحظى به كبير سدنة بيت الله الحرام من رعاية واهتمام من قبل الحكومة السعودية، وما يحظى به السدنة من تقدير واحترام في نفوس المسلمين قاطبة.
حمل الأمانة باقتدار
من جانبه رفع أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار عزاءه لأسرة آل الشيبي، مؤكدا أن مكة فقدت ابنا بارا، ورجلا حافظ على أمانة وشرف حمل مفتاح بيت الله الحرام طيلة فترة تسلمه مهمة كبير السدنة، وحافظ على شرف تسليم كسوة الكعبة، وأخذ هذا الشرف أبا عن جد، منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، سائلا الله أن يجعل ما قدمه في ميزان حسناته، وأن يكون خلفه مباركا، معتبرا أن فقده فاجعة.
في المقابل، قال مستشار وزير الحج حاتم قاضي إن الفقيد كان من ذوي مكارم الأخلاق وكريم النفس، سيرته محمودة بين الناس، وقد ورث ذلك عن أبيه طه الشيبي، وهو من خيار الناس، وكان يحب الفروسية وركوب الخيل.
وأضاف: حظي الفقيد باستقبال وتكريم من ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز عند رعايته حفل ملتقى أبحاث الحج بجامعة أم القرى قبل ستة أشهر، وعندما علم أمير منطقة مكة المكرمة مشعل بن عبدالله بظروفه الصحية وجه بعلاجه حسب رغبته في مستشفى الملك خالد، الحرس الوطني.
وإننا ندعو الله تعالى أن ينزله منازل الأبرار والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.