تراب الحرم يباع للمخططات

منذ 17 شهراً عندما بدأت أعمال التوسعة في الحرم المكي، يراقب المكيون حركة لا تهدأ للشاحنات تذرع الشوارع جيئة وذهابا، متسائلين: أين يذهب التراب الذي يستخرج من الحرم؟والتساؤلات في الأوساط المكية، كانت كثيرة عن الوجهة غير المعلومة التي ينقل إليها تراب الحرم وكذلك عن مصير قطع البناء التي أزيلت خلال المرحلتين الأولى والثانية التي انطلقت مع بداية العام الحالي.

منذ 17 شهراً عندما بدأت أعمال التوسعة في الحرم المكي، يراقب المكيون حركة لا تهدأ للشاحنات تذرع الشوارع جيئة وذهابا، متسائلين: أين يذهب التراب الذي يستخرج من الحرم؟والتساؤلات في الأوساط المكية، كانت كثيرة عن الوجهة غير المعلومة التي ينقل إليها تراب الحرم وكذلك عن مصير قطع البناء التي أزيلت خلال المرحلتين الأولى والثانية التي انطلقت مع بداية العام الحالي.

خوذ صفراء

عند البوابات التي تربط المشروع بباقي محيط المسجد الحرام، يقف حراس أمن يمنعون الدخول إلا لمن يضع على رأسه خوذة صفراء أو الذين لديهم إذن بالدخول من أعضاء اللجان المراقبة لسير العمل في الموقع من أعمال الهدم والإزالة ونقل الأنقاض خارج نطاق المركزية.


ورصدت “مكة” في الموقع، شاحنات كثيرة يتنافس سائقوها على نقل الأنقاض.


عدد قليل من تلك الشاحنات ينقل قطعا تحمل أرقاما، ويتم رفعها بعناية ومتابعة دقيقة.


وأثناء الرفع والتنزيل ترتفع الأصوات حتى يطمئن الجميع على سلامة قطع البناء الأثرية التي سيعاد تركيبها.


أما بقية الشاحنات فتتسابق إلى الأنقاض لنقلها خارج نطاق المشروع، ومعروف أن نقل الأنقاض والردميات يتولاه مقاول يكون عقد اتفاقا مع أصحاب مخططات يحتاجون إليها لتسويتها ورصفها أو لتدويرها واستخراج البطحاء والخرسانة منها، وذلك مقابل سعر يتفاوت ما بين 30 ريالا و60 ريالا للنقلة الواحدة.


وبحسب سائقين تحدثوا إلى «مكة» بشكل عفوي، فإن التراب والأنقاض يذهبان إلى ثلاث وجهات هي:

1- أنقاض تنقل إلى محلة البنيان على طريق جدة السريع.
2- أنقاض تنقل إلى منطقة الحسينية جنوب مكة، حيث توجد مخططات نظامية وعشوائية.
3- أنقاض تنقل إلى مخطط الإسكان الجديد جنوب مكة.

ويؤكد نائب رئيس هيئة المستشارين في الرئاسة ومستشار الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور يوسف الوابل أن ليس هناك عشوائية في أعمال الهدم والإزالة، بل تخضع لمعايير دقيقة تراعي أهمية الحفاظ على كل جزء من الأجزاء التي تقرر إعادتها ضمن نطاق التوسعة الجديدة، وأي زائر للحرم يلاحظ أن القطع مرقمة ومحفوظة.


ويضيف: أن مشروع توسعة صحن المطاف شملت الحرم القديم والتوسعة السعودية فقط ولم تمس الكعبة المشرفة أو الحجر أو المقام أو الصفا والمروة.


أما المباني التي أزيلت فتم التخلص منها واستبدلت بمبان جديدة، وليس لدى الرئاسة مبرر للاحتفاظ بها، وما يتم حفظه من أنقاض الحرم فهو يتعلق بالأجزاء التي من المقرر إعادتها في التوسعة، وتم ترقيمها وحفظها بعد تصويرها وتوثيقها قبل أن يبدأ تنفيذ المشروع، مؤكداً اهتمام كبير من قبل الرئاسة والشركة المنفذة والعاملين في المشروع الذي تسير مراحله وفقا للمخطط، ولم نرصد أي تأخير في أعمال التنفيذ، وتم الاستفادة من المرحلة الأولى في العام الماضي وارتفعت الطاقة الاستيعابية للمطاف بنحو 70 ألف طائف في الساعة.
من جانبه، يقول وكيل إدارة المشاريع في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرم محمد الوقداني إن “الأنقاض التي ليس لها قيمة ترمى، والأنقاض التي لها قيمة تحفظ في مستودعات مخصصة لكونها قطعا أثرية قديمة، سيستخدم جزء منها في إعادة البناء الجديد”.


المطاف المعلق.. معلق

أوضح نائب رئيس هيئة المستشارين في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام الدكتور يوسف الوابل أن المطاف المعلق (الجسر) يحقق مصلحة كبيرة أثناء تنفيذ توسعات المطاف، وسيبقى حتى انتهاء المرحلة الثالثة التي من المقرر أن تنتهي بنهاية العام المقبل 1436، وبعد انتهاء تنفيذ المشروع ستتم دراسة إمكانية إزالة المطاف المعلق والاكتفاء بالتوسعة الأخيرة للمطاف والتي توفر طاقة استيعابية تصل إلى 135 ألف طائف في الساعة، أو الإبقاء على المطاف المعلق وتخصيصه للعربات وكبار السن والعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة.


وأضاف الوابل: لا يمكن إصدار قرار في الوقت الحالي بالإبقاء عليه أو إزالته، ولن يتم ذلك إلا بعد اكتمال تنفيذ المشروع بكامل مراحله، مبينا أن هناك حاليا لجنة تتولى متابعة المطاف المعلق وتشغيله والرفع بالتوصيات في حال رصد ملاحظات على مدى الفترة القادمة وحتى نهاية مشروع التوسعة لنستعين بها خلال دراسة تقرير مصير المطاف المعلق.


رفع طاقة المطاف يجدد القديم

يستهدف مشروع توسعة صحن الطواف رفع الطاقة الاستيعابية بشكل يضمن اختفاء التدافع والزحام والاختناقات في مواسم الحج، ويشمل إزالة الحرم القديم “الرواق العثماني” والتوسعة السعودية الأولى وتوسعة المنطقة المحاذية للمسعى لتصبح بعرض 50 مترا بدلا من 20 مترا، وإعادة تأهيل المنطقة بين الحرم الحالي والتوسعة السعودية الثالثة مع إنشاء جسور للربط بينهما في مناسيب الدور الأول والسطح ومعالجة الاختلاف الحالي في مناسيب الحرم وصحن المطاف.


وبتخفيض منسوب الحرم القديم ليصبح بمنسوب صحن المطاف وتحقيق الارتباط المباشر لبدروم التوسعة الثانية، وهو الأمر الذي تضمن إزالة العديد من المباني القديمة ذات الطراز المعماري المتفرد.

مخاوف وتطمين

وفيما يعرب كثيرون من المهتمين بالهوية العمرانية عن تخوفهم من عدم الاهتمام بهذا الإراث التاريخي، وطالبوا بضرورة الحفاظ عليه وعدم المساس بها ومراعاة أهمية وجوده في البناء الجديد، يؤكد نائب رئيس هيئة المستشارين في الرئاسة ومستشار الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور يوسف الوابل أن الرواق العثماني سيعاد بناؤه وفق الطراز المعماري الذي كان عليه، إنما بشكل يتناسب مع التوسعة الجديدة ولدى الشركة المنفذة القدرة على ذلك، مشيرا إلى أن مقام إبراهيم لن ينقل من موقعه الحالي، لأن التوسعة تستهدف صحن الطواف وتشمل فقط الأروقة وسيزال الدرج الذي يربط الدور الأرضي للمسجد الحرام بصحن الطواف، ولن يكون هناك بدروم بعد تخفيض منسوب صحن الطواف ليحقق ارتباطا بصريا مباشر بالكعبة المشرفة، وبالتالي سيضع المشروع نهاية للزحام والاختناقات في الطواف، لافتاً إلى أن التوسعة لا تشمل تغيير موقع الإمام وسيظل كما هو حاليا، أي أن الإمام سيكون بجوار الكعبة، إلا إذا كان هناك زحام في رمضان والحج، فيتأخر الإمام إلى تحت المكبرية المخصصة للمؤذنين، لأن الله سبحانه وتعالى قدم حق الطائفين على المصلين.

وفق المخطط

وفي السياق نفسه، يؤكد وكيل إدارة المشاريع بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرم محمد الوقداني أن مراحل مشروع توسعة المطاف تسير وفق المخطط له والبرنامج المعد، وأضاف أنه تم إنجاز المرحلة الأولى من المشروع ويجري حاليا تنفيذ أعمال التشطيبات، وتتسارع وتيرة العمل لتنفيذ أعمال الإنشاءات في المرحلة الثانية بعد إزالة الأجزاء التي تشملها حدود هذه المرحلة، وسيبدأ العمل في تنفيذ المرحلة الثالثة عقب انتهاء موسم الحج المقبل.


وزاد “سيتم إعادة الحرم العثماني بعد إطالة قواعد الأعمدة لتغطية فرق المنسوب، وستتم المحافظة عليه بالشكل المطور وبالطابع المعماري الذي يتميز به، مبينا أن هناك شركات تركية متخصصة معنية بإعادة بنائه.