حسمت أمس الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، صراع الانتخاب على كراسي مجلس إدارتها، وذلك خلال عقدها الاجتماع الدوري السادس في الدورة الحالية التي انطلقت منذ تسعة أشهر مضت.
وخرج الاجتماع، الذي يأتي كأول اجتماع بعد استقالة طلال مرزا رئيس مجلس إدارة الغرفة السابق واعتذار نائبه مازن تونسي عن منصبه، حيث انتخب ماهر جمال رئيسا للغرفة بنتيجة كبيرة بلغت 14 صوتا، مقابل صوتين لمنافسه مصطفى رضا، وتحفظ صوت وغاب آخر.
وبهذا الاجتماع الذي عقد على مدى ثلاث ساعات متواصلة، أسدل الستار على تلك الخلافات التي اندلعت منذ سبعة أشهر مضت، والتي انطلقت شرارتها منذ الاجتماع الدوري الثاني الذي شهد عزل الرئيس السابق قبل أن تتم إعادته بقرار من وزارة التجارة في ذلك الحين.

أعضاء مجلس إدارة غرفة مكة المكرمة. تصوير: أحمد حشاد - «الاقتصادية»

سعود الصاعدي وسعد القرشي وماهر جمال. تصوير: أحمد حشاد - «الاقتصادية»
وشهد الاجتماع الذي حضره 17 عضوا من أعضاء المجلس وغياب عضو دون عذر، وصول كل من محمد القرشي وإيهاب الله مشاط إلى منصبي النائبين، ومنصب رئيس مجلس الإدارة بالتزكية، كما بلغ مروان شعبان منصب ممثل الغرفة في مجلس الغرف السعودية بالتزكية كذلك.
وأكد ماهر جمال رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة في مؤتمر صحافي عقد على هامش الاجتماع، إن الشفافية كانت السمة الأبرز في اجتماع المجلس، الذي أتيحت من خلاله الفرصة لجميع الأعضاء الحضور بترشيح أنفسهم لمنصب الرئيس والنائبين وممثل الغرفة في مجلس الغرف.
وقال: "الانتخاب جرى بسلاسة ومرونة عالية ولم يكن فيه ما يعكر صفو الحضور من الأعضاء، والشاهد على ذلك، أن منصبي النائبين وممثل الغرفة جاءت بالتزكية، وأن منصبه كرئيس جاء بموافقة ساحقة، وتعد تاريخية من حيث نسبة الموافقة عليه". وتابع: "حضور وزارة التجارة من خلال مندوبها للاجتماع، كان أمرا مهما ومفصليا لبيان نظامية الإجراءات التي تم اتخاذها، وهو الأمر الذي بدوره أسهم في إخراج العملية الانتخابية إلى بر الأمان، التي لو شهدت أي مخالفات لما كان الاجتماع قد أكمل جدول أعماله".
وحول ما جرى في العملية الانتخابية التي عزلت بدورها زياد فارسي من منصبه كنائب لرئيس مجلس الإدارة، أشار جمال، إلى أن النظام ينص على أن تحتكم العملية الانتخابية إلى موافقة الأغلبية من أعضاء المجلس، مستدركاً: "من أراد أن يعمل ضمن منظومة العمل الجماعي، عليه أن يتفهم سياسة الرفض والقبول".
من جهته، قال محمد القرشي نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة: "جميعنا هنا في غرفة مكة نعمل تحت مظلة النظام والقانون المسير للغرف التجارية ولسنا خارجين عنه، فعندما تتم إعادة التصويت لمنصب الرئيس والنائبين وممثل الغرفة، فنحن نحتكم إلى رأي المجلس الذي يفيد بذلك وتصدق عليه وزارة التجارة بعد ذلك".
وأكد أن الغرفة تتحفظ على الرد على أي آراء تصدر عن الأعضاء الذين قد يعترضون على قرارات المجلس، مشيراً إلى أن حصول ماهر جمال على 14 صوتاً من أصل 17 صوتا، إنما هو دلالة على أن غالبية المجلس تريد أن تسير في خط معين يهدف في نهاية مطافه إلى تحقيق المصلحة العامة لمكة المكرمة.
وحول اعتراض زياد فارسي على سير عملية الانتخابات واعتماده على آراء مستشارين قانونيين يؤكدون صحة موقفه المتعلق برغبته في الحفاظ على منصبه كنائب للرئيس دون أن يكون للمجلس الأحقية في عزله، قال المحامي الدكتور فؤاد بن محفوظ عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة: "يقول من يقول، ويتكلم من يتكلم، ويصرح من يصرح، فالذي لا يستند إلى رأي قانوني وإلى رأي صحيح، فهو يعد من الغثاء".
وأضاف: "نحن نعتذر، فالأخ زياد فارسي هو زميل لنا في المجلس ونحترمه ونقدره، ولكن هذه رغبة الأغلبية بأن يعاد تشكيل المجلس مرة أخرى، وما قاله فارسي في بيانه للإعلاميين غير صحيح، وهو يبحث الآن عن تعزيز موقفه فقط، وهذا الموقف نحن نراه في المجلس أمرا طبيعيا، ولكننا نؤكد أن المجلس بإذن الله سيكون قادراً على احتواء الفارسي وجميع الزملاء الذين صوتوا أو لم يصوتوا أو امتنعوا"، مشدداً على أن جميع من أتى للمجلس جاء لخدمة مكة المكرمة وليس للبحث عن منصب.
وحول ادعاء زياد فارسي في استناده إلى مستشارين قانونيين حيال عدم نظامية عزله، قال بن محفوظ: "ليس كل من لديه محام، سيكون محاميه فاهماً، وليس من قال أنا محام فهو محام، هناك محامون يهرفون بما لا يعرفون".
في المقابل استند زياد فارسي نائب رئيس مجلس الإدارة "المعزول" لاسترداد منصبه على خطاب أصدره المستشار القانوني لغرفة مكة المكرمة هاشم كوشك مخاطباً فيه أعضاء مجلس إدارة الغرفة بعد اجتماعها الخامس، الذي سبق هذا الاجتماع، الذي كان من ضمن توصياته تغيير الرئيس والنائبين.
وقال كوشك في خطابه "تحتفظ الاقتصادية بنسخة منه": "بصفتي المحامي والمستشار القانوني لغرفة مكة وبُحكم واجباتي المهنية التي توجب إحاطة سعادتكم بالمحاذير القانونية التي يجب أخذها في عين الاعتبار تلافياً لوقوع أخطاء قانونية لا تحمد عقباها، وفي ظل التغييرات التي طالت الغرفة بعد استقالة طلال مرزا من رئاسة مجلسكم الموقر واعتذار الدكتور مازن تونسي عن منصبه كنائب لرئيس المجلس وحيث جاء في محضر الاجتماع الخامس المنعقد بتاريخ 2/4/1435هـ التوصية بإعادة تدوير المناصب بمن في ذلك الرئيس والنائبين".
وأضاف: "أود إحاطتكم بالآتي: راعى المشّرع عند وضع نظام الغرف التجارية والصناعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 30/4/1400هـ الاستقرار الإداري في الغرف التجارية، حيث حدّد الاجتماع الأول للمجلس لاختيار الرئيس والنائبين، كما نصت عليه المادة الثامنة عشرة من النظام".
منوهاً بأن المشرع رسم الحالات التي تسقط فيها العضوية بالوفاة أو الاستقالة أو فقد شرط من شروط العضوية، وفقاً لما نصت عليه المادة العشرون من النظام، وحيث أتيح سبب لسقوط عضوية رئيس المجلس وهو الاستقالة كما جاء في المحضر، وعليه فإن اختيار رئيس جديد من بين الأعضاء أصبح لزاماً ويتم بذات الآلية في الاجتماع الأول. وزاد: إن عضوية الدكتور مازن تونسي ما زالت قائمة كعضو في المجلس، حيث إن اعتذاره كان محددا عن الاستمرار في منصبه نائبا لرئيس المجلس، وعليه فإن اختيار خلفه مُتاح لأعضاء المجلس وبذات الآلية المحددة عند اختياره في الاجتماع الأول".
وأكد أن بقية المناصب التي لم يطرأ عليها جديد ولم يتوافر لها سبب من أسباب الاستقالة، لا يُساغ إعادة التصويت عليها حتى انتهاء مدة الدورة التاسعة عشرة للمجلس، التي بدأت من تاريخ صدور قرار وزير التجارة والصناعة في 8/7/1434هـ ولمدة أربعة أعوام. ويأتي ذلك تطبيقاً للمبدأ العام في الأعمال التطوعية لإدارة المرافق العامة، حيث التقيد التام بنصوص الأنظمة وعدم الاجتهاد معها، من أجل إرساء واستقرار المعاملات، كون الغرفة هيئة عامة لها شخصية اعتبارية وفقاً لما أقرته المادة الثانية من النظام، وما يسُوغ لمجالس إدارة الشركات والمؤسسات لا يسوغ عند إدارة المرافق العامة ما لم تتوافر أسباب التغيير كما سبق إيضاحه.
ويتفق معه المحامي خالد أبو راشد الذي أشار إلى أن ما حدث من تدوير للمناصب يعد مخالفاً لنظام الغرف التجارية الصادر بمرسوم ملكي رقم م/6 ولائحته التنفيذية المعتمدة بالقرار الوزاري رقم 1871.
وقال: "إن تدوير المناصب يعد مخالفة أيضاً للقرار الوزاري رقم 267/3/15/1025/ع وبتاريخ 8/7/1434، الخاص بتشكيل مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة وتوزيع المناصب بين الأعضاء.
ولفت أبو راشد إلى أنه، بحسب الأنظمة واللوائح، فإن نائب مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة الذي لم يتقدم بالاعتذار يظل في منصبه إلى نهاية مدة العضوية في المجلس الحالي.