المسجد الحرام ينتظر إكمال نقص المؤذنين

يبدو أن تعيين المؤذنين في الحرمين بات لا يعتد بضرورة التوريث التي كان يؤخذ بها سابقا، فقد تم تعيين خمسة مؤذنين جدد

يبدو أن تعيين المؤذنين في الحرمين بات لا يعتد بضرورة التوريث التي كان يؤخذ بها سابقا، فقد تم تعيين خمسة مؤذنين جدد هم: أشرف بن محمد بن حمزة عفيفي، إياد بن أحمد بن عباس شكري، سعود بن عبدالعزيز بن حسين بخاري، عبد المجيد بن سلامة بن عودة السريحي، وعمر بن نبيل بن حمزة سنبل، ليتم عددهم الإجمالي 17 مؤذنا.

والمدقق في الأسماء جيدا يجد أن من بينها أصواتا لم ترث الأذان وإنما طرأت عليه في الحرم النبوي، فعبد المجيد السريحي مؤذن قباء لفترة طويلة واشتهر بصوت عذب جعل من مسؤولي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تبادر لاستقطابه ضمن كوكبة مؤذني الحرم، وكذلك الحال بالنسبة إلى إياد شكري، وعمر سنبل، أما سعود بخاري فهو نجل المؤذن الراحل ذي الصوت الشجي الذي افتقدته المدينة قبل سنوات عبد العزيز بخاري شقيق عصام بخاري المؤذن الشهير في المدينة.

والمتأمل لتعيينات المؤذنين الجدد في الحرم المكي قبل عامين سلفا يجد هذا الأمر جليا فالمؤذنون الثلاثة الذين عينوا في مثل هذا الشهر، (أحمد نحاس، أحمد خوجة، وعصام خان) لم يرثوا الأذان من آبائهم كما هي العادة قديما، في حين أن المسجد الحرام ينتظر إكمال النقص الحاصل بوفاة عدد من مؤذنيه حيث إن إجمالي عددهم الحالي 14 مؤذنا فقط في حين كانوا في السابق 19.
كما أن الصلاحيات الممنوحة لشيخ المؤذنين اختلفت عن السابق، فقد انحصر حاليا في متابعة حضور المؤذنين وشيء من هذا، فيما آلت المهمات الأخرى إلى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

الحرم النبوي
وجاءت تعيينات المؤذنين في الحرم النبوي لإكمال النقص الحاصل في المؤذنين بعد أن تقلص عددهم إلى 12 وذلك عقب وفاة آخر مؤذن وهو ماجد حكيم في الثامن من شوال عام 1428 هـ بعد 61 عاما قضاها مؤذنا في الحرم، كما أن ضخ القائمة المتواجدة حاليا بهذا العدد يمثل تطعيما لعناصر الخبرة بالدماء الشابة.

وابتهج المجتمع المدني فرحا بهذه التعيينات، إذ كانوا يدعون في السابق إلى تعيين أصوات جديدة في المسجد للتغلب على النقص العددي وليمثلوا إعانة للمؤذنين المتواجدين إذ أن أغلبهم من كبار السن.

ويمسك بزمام مشيخة الأذان في الحرم النبوي المؤذن عبد الرحمن بن عبد الإله خاشقجي، وهو من مواليد عام 1360 هـ وقد بدأ العمل في المسجد النبوي منظفا لقباب المسجد، وبعد ذلك أخذ يساعد والده في الأذان الذي كان مؤذنا طيلة 50 عاما حتى وفاته عام 1416هـ إلى أن تم تثبيته على وظيفة مؤذن في الحرم.

وقد آلت مشيخة المؤذنين في الحرم النبوي منذ سنوات إلى الخاشقجي بعد محمد سعيد النعمان، عبد الله رجب، يوسف عينوسة، وأبو العود ديولي.

ومن كبار مؤذني الحرم النبوي الحاليين عبد المطلب صالح نجدي المولود عام 1365 هـ والتحق مؤذنا بالحرم عام 1372 هـ وعمره سبع سنوات، وكذلك حسين عبد الله رجب المولود عام 1348 هـ وعين في الحرم النبوي على وظيفة ملازم أذان عام 1365 هـ وفي عام 1385 هـ عين مؤذنا رسميا.

ويأتي في هذا السياق ذكر صاحب الصوت الناعم حسين حمزة عفيفي المولود عام 1378 هـ والمعين عام 1400 هـ ثم الدكتور سامي محمد ديولي المولود عام 1374 هـ وقد عين مؤذنا في الحرم النبوي عام 1402 هـ وهو حاصل على درجة الدكتوراة في الفقه المقارن.

ويبرز أيضا حسن عبد الستار بخاري المولود عام 1359 هـ وعين مؤذنا عام 1400 هـ لكنه نادرا ما يؤذن نظرا لظروفه الصحية ويتمتع بصوت جهوري وأداء قوي ويشتهر بأداء المجسات الحجازية.

ويستدعي الجميع عند ذكر مؤذني الحرم النبوي صاحب الصوت العذب الشجي عبد العزيز حسين بخاري المولود عام 1352 هـ وينتمي إلى أحد البيوتات المدنية التي اشتهرت بتخريج المؤذنين ذوي الأصوات الندية فأبوه الريس حسين بخاري ــ رحمه الله ــ وأخوه عصام بخاري وابنه المعين حديثا سعود بخاري، وقد عين عبد العزيز بخاري ــ يرحمه الله ــ مؤذنا منذ أن كان في السن الـ 18 عام 1370 هـ واستمر مؤذنا طوال 61 عاما في الحرم، وتوفي فجر الأربعاء 26 محرم عام 1428 هـ إثر مرض ألم به في آخر سنتين من عمره.

ويأتي بعد ذلك شقيقه عصام المولود عام 1360 هـ والملتحق بالمسجد النبوي بوظيفة ملازم أذان عام 1379 هـ ثم بوظيفة مؤذن عام 1385 هـ وهو نقيب المؤذنين حاليا في الحرم النبوي ويؤذن غالبا لصلاة الفجر.

وهناك ماجد حمزة حكيم ــ رحمه الله ــ أحد المؤذنين المخضرمين المولود عام 1350 هـ وعمل مؤذنا في الحرم النبوي منذ عام 1368 هـ وقد تقاعد مبكرا قبل أن ينتقل إلى رحمة الله وحل محله ابنه محمد.

ويأتي ضمن المؤذنين أيضا السيد كامل صالح نجدي المولود عام 1357 هـ وعين مؤذنا في الحرم عام 1378 هـ وتولى مهمة رفع أذان الفجر الأول وهو من الأسر التي اشتهرت بتخريج المؤذنين وشقيق المؤذن السيد عبد المطلب نجدي، كما يبرز من بين أولئك الدكتور عمر يوسف كمال المولود عام 1373 هـ والمعين عام 1401 هـ وهو عضو هيئة تدريس في الجامعة الإسلامية وحاصل على الدكتوراة في التفسير، ويؤذن في المسجد النبوي أيضا مصطفى عثمان نعمان.

وهناك عبد الملك النعمان ــ رحمه الله ــ من أشهر الذين رفعوا الأذان من منائر الحرم النبوي وقد توفي في ربيع الأول من عام 1428 هـ وخلفه ابنه فيصل الذي أخذ طريقة والده في الأداء، ويلحظ المتابع أن المسجد النبوي فقد ثلاثة من كبار مؤذنيه في عام واحد هم عبد الملك النعمان وماجد حكيم وعبد العزيز بخاري.

نوبة الأذان
وفي كل يوم يتسلم نوبة الأذان في المسجد النبوي ثلاثة مؤذنين للفروض الخمسة ماعدا أذان الفجر الأول فيرفعه المؤذن كامل نجدي.

ويلاحظ من أسماء المؤذنين انتسابهم إلى أسر معينة تكررت كأسر: السمان، النعمان، النجدي، الخاشقجي، الحبش، المهنا، القطان، الكردي، العفان، الصيرفي، واليماني وغيرهم، مما يؤكد توارث تلك الأسر في القيام بمهام الأذان في المسجد النبوي الشريف.

عرف الأذان في مكة بقاعدته المعتمدة على مقام الحجاز ويماني الحجاز، أما في المدينة فكانوا يميلون إلى مقام الحسيني، ومقام الدوكة. وكان المؤذن في مكة والمدينة يستحسن، عندما تكون السماء ملبدة بالغيوم، التكبير من مقام العشاق أو الماهور انطلاقا من أن كل نغم يناسب حالة معينة من أحوال الليل والنهار. وأحيانا تتنوع المقامات في الأذان لكل وقت صلاة، فيختار المؤذن بين مقامي الحجاز والبياتي، لصلاتي الظهر والعصر. ويستخدم مقام الصبا لصلاة الفجر. بينما يكون أذان العشاء بين مقامي البياتي والحجاز.