في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام .. خياط:
قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الدكتور أسامة عبدالله خياط (إن من سعادة المرء ومن دلائل توفيقه التفكر في غاية وجودة والتأمل في المقصود لخلقه لأن معرفة الغاية والعلم بالمقصود ووضوح الهدف سبب استقامة السير
قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الدكتور أسامة عبدالله خياط (إن من سعادة المرء ومن دلائل توفيقه التفكر في غاية وجودة والتأمل في المقصود لخلقه لأن معرفة الغاية والعلم بالمقصود ووضوح الهدف سبب استقامة السير وسداد الخطى والسلامة من التعثر و الاضطراب وإهدار الجهد وتبديد الوقت وإضاعة العمر في غير ما جعل له) .
وأضاف يقول في خطبة الجمعة أمس في المسجد الحرام (إن من نعمة الله و عظيم إحسانه على عباده أن بين لهم بما أنزل في كتبه وأوحى إلى رسله الغاية من خلقه لهم كيلا تضل الأفهام في معرفتها فأوضح سبحانه أنه خلق العباد جميعا لعبادته وحده لا شريك له فقال تعالى (وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون) وأنه استخلف آدم في الأرض ثم استخلف ذريته من بعده لكن هذا الاستخلاف منه سبحانه لآدم وذريته وما سخر لهم في الأرض من رزق و أقوات وقوى و طاقات جاء على شرط منه سبحانه بأن يقوم بهذه الخلافة في الأرض وفق منهج ربه وضمن حدود ما شرع ولم يترك له شيئا مما سخر له يصنع فيه ما يشاء أو يسلك إليه أي طريق شاء فهذا المال الذي أنعم الله به على من شاء من عباده وسخره لهم بفضله ورحمته هذا المال لما كان ماله عزوجل كما قال سبحانه (وآتوهم من مال الله الذي أتاكم) .
وأوضح فضيلته أن مقتضى الاستخلاف فيه كمال الانقياد لله تعالى والإذعان لأمره و نهيه بتحري الحل اكتساباً وإنفاقاً فأما حل الاكتساب فقال عز وجل آمراً به الخلق جميعاً ( يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) وأما في حل الإنفاق فقد جاء بيان المسؤولية الأخروية عنه بين يدي الله يوم القيامة في قوله صلى الله عليه و سلم (لاتزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيما فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه).
وأضاف أن تلك مسؤولية تقتضي أخذ الأهبة لها وإعداد الجواب العملي بطلب الطيب واجتناب الخبيث والتزام الطهارة في النية و العمل وفي الوسائل و الغايات وبالتزام القصد والاعتدال والحذر من الشطط والإسراف في الإنفاق من مال الله الذي أتانا وهو ما أمر به سبحانه في قوله (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) حتى تكون الحاجة الاستهلاكية للمال و للطيبات محدودة بحدود الاعتدال وليفضل بعد ذلك من المال ما تجب فيه فريضة الزكاة وتستحب صدقة التطوع ولتبقى منه بقية تعتمد في تثمير هذا المال وتكثيره بشرط ألا ينشأ عن ذلك الإضرار بغيره بأن يغدو عائقاً أو معطلا لدورة المال في الأيدي وجريان الخير بين العباد كافة وهو الذي حذر منه سبحانه من وقوعه بقوله (كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وعلى ألا يسلكوا في تنمية أموالهم سبلا تقدح في خلق الفرد أو تضعف روابط المجتمع أو تعصف بكيان الأمة .
وشدد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام على أن من أخبث هذه السبل وأشدها ضرراً وأعظمها بلاء الغش والاحتكار وأكل الربا الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه أحد السبع الموبقات التي أمر صلى الله عليه و سلم باجتنابها .
وبين أن البيع تجارة قابلة للربح و للخسارة الناشئة عن تباين المهارات الشخصية واختلاف الجهود البشرية فكل معاوضة صحيحة خالية من أكل أموال الناس بالباطل فهي بيع حلال وأما الربا فهو ربح محدد في كل عقد من عقوده وإنما حرم هذا الربح لأنه زيادة يأخذها صاحب المال من أجل التأخير في الأجل وهذه الزيادة لا معاوضة فيها ولا مقابل لها فهي ظلم واضح لاخفاء فيه , ثم إن العمليات الربوية وإن كان يترتب عليها ربح في الظاهر من حيث الكثرة والوفرة العددية إلا أن المحق محيط به مذهب بركته لأن البركة ليست في كثرة العرض ووفرة المال ولكنها في الاستمتاع الطيب الآمن به دون أن يكدر صفوه الخوف والقلق والقحط والأمراض والصراعات والحروب .
و أكد فضيلته أن الاعتماد على الكسب الربوي ما نع في الغالب من الاشتغال في الاكتساب لأن في الاكتساب مشقة لا بد منها أما حصول الربح الناشئ عن عقود الربا فلا مشقة فيه ولا نصب يلحق الدائن منه وهو يفضي كذلك إلى انقطاع المواساة والمعروف و الإحسان بين الناس كما أن فيه تمكينا للغني المقرض من أخذ مال زائد من الفقير المقترض وهو أمر مناف للرحمة مضاد للعدل فالكسب الربوي اعتصار للضعيف لمصلحة القوي ونتيجته أن يزداد الغني غنى والفقير فقرا , لذا كان الربا خليقاً بإعلان الحرب عليه من الله ورسوله .
وأورد فضيلة الدكتور أسامة خياط من الحقائق المتعلقة بتحريم الربا في الإسلام ومحاربته للنظام الربوي أن من المحال عقديا أن يحرم الله أمرا لاتقوم الحياة البشرية و لا تتقدم بدونه كما أن من المحال عقديا أن يكون هناك أمر خبيث ويكون مع ذلك حتميا لقيام الحياة وتقدمها ذلك أن الله سبحانه هو خالق هذه الأرض وهو الذي استخلف الإنسان فيها وهو الآمر بتنميتها وترقيتها وهو المريد لهذا كله والموفق إليه فمن المحال أن يكون فيما حرمه شئ لاتقوم الحياة البشرية ولا تتقدم بدونه ومن المحال أيضا أن يكون هناك شئ خبيث هو حتمي لقيام الحياة ورقيها إنما هو سوء التصور وسوء الفهم والدعاية المسمومة الطاغية التي دأبت على بث فكرة أن الربا ضرورة للنمو الاقتصادي و العمراني وأن النظام الربوي هو النظام الطبيعي وعلى بث هذا التصور الخادع في مناهل الثقافة العامة ومنابع المعرفة الإنسانية ثم ما كان من قيام الحياة الحديثة المعاصرة على هذا الأساس فعلا وصعوبة تصور قيامها على أساس آخر وهي صعوبة تنشأ أولا من عدم الإيمان أوضعفه كما تنشأ من ضعف التفكير وعجزه عن التحرر من ذلك الوهن الذي سيطر على العقول أزمانا طوالا .
وأضاف يقول في خطبة الجمعة أمس في المسجد الحرام (إن من نعمة الله و عظيم إحسانه على عباده أن بين لهم بما أنزل في كتبه وأوحى إلى رسله الغاية من خلقه لهم كيلا تضل الأفهام في معرفتها فأوضح سبحانه أنه خلق العباد جميعا لعبادته وحده لا شريك له فقال تعالى (وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون) وأنه استخلف آدم في الأرض ثم استخلف ذريته من بعده لكن هذا الاستخلاف منه سبحانه لآدم وذريته وما سخر لهم في الأرض من رزق و أقوات وقوى و طاقات جاء على شرط منه سبحانه بأن يقوم بهذه الخلافة في الأرض وفق منهج ربه وضمن حدود ما شرع ولم يترك له شيئا مما سخر له يصنع فيه ما يشاء أو يسلك إليه أي طريق شاء فهذا المال الذي أنعم الله به على من شاء من عباده وسخره لهم بفضله ورحمته هذا المال لما كان ماله عزوجل كما قال سبحانه (وآتوهم من مال الله الذي أتاكم) .
وأوضح فضيلته أن مقتضى الاستخلاف فيه كمال الانقياد لله تعالى والإذعان لأمره و نهيه بتحري الحل اكتساباً وإنفاقاً فأما حل الاكتساب فقال عز وجل آمراً به الخلق جميعاً ( يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) وأما في حل الإنفاق فقد جاء بيان المسؤولية الأخروية عنه بين يدي الله يوم القيامة في قوله صلى الله عليه و سلم (لاتزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيما فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه).
وأضاف أن تلك مسؤولية تقتضي أخذ الأهبة لها وإعداد الجواب العملي بطلب الطيب واجتناب الخبيث والتزام الطهارة في النية و العمل وفي الوسائل و الغايات وبالتزام القصد والاعتدال والحذر من الشطط والإسراف في الإنفاق من مال الله الذي أتانا وهو ما أمر به سبحانه في قوله (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) حتى تكون الحاجة الاستهلاكية للمال و للطيبات محدودة بحدود الاعتدال وليفضل بعد ذلك من المال ما تجب فيه فريضة الزكاة وتستحب صدقة التطوع ولتبقى منه بقية تعتمد في تثمير هذا المال وتكثيره بشرط ألا ينشأ عن ذلك الإضرار بغيره بأن يغدو عائقاً أو معطلا لدورة المال في الأيدي وجريان الخير بين العباد كافة وهو الذي حذر منه سبحانه من وقوعه بقوله (كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وعلى ألا يسلكوا في تنمية أموالهم سبلا تقدح في خلق الفرد أو تضعف روابط المجتمع أو تعصف بكيان الأمة .
وشدد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام على أن من أخبث هذه السبل وأشدها ضرراً وأعظمها بلاء الغش والاحتكار وأكل الربا الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه أحد السبع الموبقات التي أمر صلى الله عليه و سلم باجتنابها .
وبين أن البيع تجارة قابلة للربح و للخسارة الناشئة عن تباين المهارات الشخصية واختلاف الجهود البشرية فكل معاوضة صحيحة خالية من أكل أموال الناس بالباطل فهي بيع حلال وأما الربا فهو ربح محدد في كل عقد من عقوده وإنما حرم هذا الربح لأنه زيادة يأخذها صاحب المال من أجل التأخير في الأجل وهذه الزيادة لا معاوضة فيها ولا مقابل لها فهي ظلم واضح لاخفاء فيه , ثم إن العمليات الربوية وإن كان يترتب عليها ربح في الظاهر من حيث الكثرة والوفرة العددية إلا أن المحق محيط به مذهب بركته لأن البركة ليست في كثرة العرض ووفرة المال ولكنها في الاستمتاع الطيب الآمن به دون أن يكدر صفوه الخوف والقلق والقحط والأمراض والصراعات والحروب .
و أكد فضيلته أن الاعتماد على الكسب الربوي ما نع في الغالب من الاشتغال في الاكتساب لأن في الاكتساب مشقة لا بد منها أما حصول الربح الناشئ عن عقود الربا فلا مشقة فيه ولا نصب يلحق الدائن منه وهو يفضي كذلك إلى انقطاع المواساة والمعروف و الإحسان بين الناس كما أن فيه تمكينا للغني المقرض من أخذ مال زائد من الفقير المقترض وهو أمر مناف للرحمة مضاد للعدل فالكسب الربوي اعتصار للضعيف لمصلحة القوي ونتيجته أن يزداد الغني غنى والفقير فقرا , لذا كان الربا خليقاً بإعلان الحرب عليه من الله ورسوله .
وأورد فضيلة الدكتور أسامة خياط من الحقائق المتعلقة بتحريم الربا في الإسلام ومحاربته للنظام الربوي أن من المحال عقديا أن يحرم الله أمرا لاتقوم الحياة البشرية و لا تتقدم بدونه كما أن من المحال عقديا أن يكون هناك أمر خبيث ويكون مع ذلك حتميا لقيام الحياة وتقدمها ذلك أن الله سبحانه هو خالق هذه الأرض وهو الذي استخلف الإنسان فيها وهو الآمر بتنميتها وترقيتها وهو المريد لهذا كله والموفق إليه فمن المحال أن يكون فيما حرمه شئ لاتقوم الحياة البشرية ولا تتقدم بدونه ومن المحال أيضا أن يكون هناك شئ خبيث هو حتمي لقيام الحياة ورقيها إنما هو سوء التصور وسوء الفهم والدعاية المسمومة الطاغية التي دأبت على بث فكرة أن الربا ضرورة للنمو الاقتصادي و العمراني وأن النظام الربوي هو النظام الطبيعي وعلى بث هذا التصور الخادع في مناهل الثقافة العامة ومنابع المعرفة الإنسانية ثم ما كان من قيام الحياة الحديثة المعاصرة على هذا الأساس فعلا وصعوبة تصور قيامها على أساس آخر وهي صعوبة تنشأ أولا من عدم الإيمان أوضعفه كما تنشأ من ضعف التفكير وعجزه عن التحرر من ذلك الوهن الذي سيطر على العقول أزمانا طوالا .