دراسة علمية حول دور حلقات العلم وعلمائها بالمسجد الحرام

كشفت دراسة علمية جديدة عن دور حلق العلم وعلمائها بالحرم المكي الشريف تحت عنوان ( الدور التربوي لحلقات العلم بالمسجد الحرام في عهد الملك عبد العزيز).

هاني قفاص - مكة المكرمة
كشفت دراسة علمية جديدة عن دور حلق العلم وعلمائها بالحرم المكي الشريف تحت عنوان ( الدور التربوي لحلقات العلم بالمسجد الحرام في عهد الملك عبد العزيز).
وأبرزت الدراسة التي قام بها الباحث السيد حسن محمد حسن شعيب من كلية التربية في جامعة أم القرى بمكة المكرمة بقسم التربية الإسلامية والمقارنة والتي حصل بها على درجة الماجستير بتقدير ممتاز مع التوصية بطباعة الرسالة الدور التربوي والعلمي والثقافي والاجتماعي الذي قامت به حلقات العلم بالحرم المكي وعلماؤها ، وقد اقتصرت على فترة زمنية محددة بـ30 عاماً هي فترة حكم الملك عبد العزيز طيب الله ثراه لمكة المكرمة من عام 1343هـ حتى وفاته عام 1373هـ رحمه الله ، وهي فترة مهمة في تأسيس الدولة السعودية ، حيث ابتداء ازدهارها الحضاري وانتقالها إلى الحياة المدنية .
وتضمنت الرسالة علماء الحرم في تلك الفترة والذين تجاوز عددهم 160 عالماً كانت لهم حلقات من نور في أروقة و حصوات الحرم المكي ، وكانت لهم أدوارهم وجهودهم بمرحلة تأسيس الدولة في تولي الوظائف القيادية والإدارية بالدولة وقد جاءت الرسالة في حدود 400 صفحة ، واحتوت على العديد من الرسوم البيانية والإحصاءات ، وكذلك الأشكال والجداول والصور لمعظم علماء الحرم المكي ، والملاحق التي تحتوي على كثير من المعلومات الإحصائية والوثائق المهمة حول أنظمة التدريس بالحرم وعلمائه . واعتمد الباحث على أكثر من 168 مرجعاً وأكثر من 70 دورية ما بين صحيفة ومجلة ، إلى جانب المقابلات الشخصية مع 16 شخصية ممن أدركوا علماء الحرم أو أخذوا عنهم.
كما اشتملت الرسالة على خمسة فصول تناولت العديد من المواضيع حيثُ جاء في الفصل الأول خطة دراسته ، ثم الفصل الثاني حول أحوال المجتمع المكي في عهد الملك عبد العزيز وتناول فيه الباحث النواحي السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والعلمية والثقافية لمكة المكرمة في بداية العهد السعودي ، مع التمهيد بالعهود السابقة له . أما الفصل الثالث ففيه نظام التدريس العام بحلقات العلم في المسجد الحرام وقد تتبع فيه الباحث تنظيم التدريس بحلقات الحرم خلال ثلاثة عهود : العثماني ، الهاشمي ، ثم العهد السعودي ، وتناول فيه الموضوعات التالية : الإشراف على التدريس ، ومدرسي حلقات الحرم ، وطلابهم ، والموارد المالية لهم ، إلى جانب المناهج الدراسية . ثم جاء الفصل الرابع وهو الأضخم بالدراسة بعنوان مدرسو الحلقات العلمية بالمسجد الحرام وقد حصر فيه الباحث أكثر من 163 مدرساً من مدرسي حلقات الحرم خلال 30 عاماً ، وقسمهم حسب انتماءاتهم للمذاهب الفقهية الأربعة ، وترجم لـ 34 منهم مستعرضاً في كل منهم : نشأته وتحصيله العلمي ، وشيوخهم ، وتصدره للتدريس بالحرم ، والأعمال التي تقلدها ، وموقع حلقة درسه ووقتها ، والعلوم والكتب التي درّسها بالحرم ، وطريقته في التدريس ، وإنتاجه العلمي ، وأهم أدواره الاجتماعية والثقافية ، وأخيراً وفاته . ليصل إلى الفصل الخامس وفيه زبد الدراسة وهو الدور التربوي لحلقات العلم بالمسجد الحرام : تناول فيه الباحث هذا الدور من خلال : سدّ حلقات الحرم للحاجات التعليمية والوظيفية بالمجتمع والدولة ، ودورها في نشر العلم والمعرفة في المجتمع ، والمشاركة الاجتماعية والثقافية لعلماء الحرم ، وتواصلهم العلمي والثقافي مع علماء الأمة الإسلامية ، واتصالهم ببعض الجماعات الدعوية الإسلامية : كجماعة التبليغ ، وجماعة النور.
وخلص الباحث في نهاية الرسالة إلى مجموعة من النتائج أهمها ما يلي : التنوّع الفقهي لدى مدرسي المسجد الحرام الكائن في تمثيلهم للمذاهب الفقهية الأربعة ، وأن النساء شاركن في حضور بعض حلقات الدروس بالمسجد الحرام ؛ وانعكس ذلك في تشجيع بعض علماء المسجد الحرام تعليم البنات وإنشاء المدارس الخاصة لهنّ في تلك الفترة ، كما ظهر دور طلاب حلقات الحرم المقيمين – الإندونيسيين خاصة – في ازدهار حلقات الدروس بالمسجد الحرام ؛ نتيجةً للتنوّع العِرقي في أصول مدرسي المسجد الحرام الذي كان له دور في التواصل مع طلاب العلم من كافة أنحاء العالم الإسلامي ، كما شارك علماء ودعاة من كافة أنحاء العالم الإسلامي في عقد حلقات ودروس عامة وخاصة للناس بالحرم فترة المواسم ، وتميزت هذه الفترة بازدهار الدراسات الفقهية لعلماء المسجد الحرام من خلال مشاركاتهم في التأليف والبحث في مختلف القضايا الفقهية المعاصرة ، وكان نتيجة ذلك وفرة الإنتاج العلمي لمدرسي المسجد الحرام من تأليف ومشاركات إعلامية في الصحافة الإذاعة ، وإلقاء للمحاضرات والدروس العامة ، وعلى المستوى الوظيفي ساهم مدرسو المسجد الحرام في سدّ احتياجات الدولة من الوظائف الإدارية والتعليمية ، وساهموا كذلك في الحراك العلمي والثقافي بالمجتمع المكي ، وقاموا بأدوار اجتماعية وثقافية داخلياً وخارجياً ؛ أثمر اتصالات وصلات لهم ببعض الحركات الإسلامية المعاصرة، وتبادلهم الآراء الإصلاحية والدعوية معها .