25 عام ضاعت بين الزحام
منذ ما يزيد على ربع قرن والحديث لا ينقطع عن مشروع لبناء مجمع للدوائر الشرعية في مدينة مكة المكرمة يحتضن محاكمها العامة والجزئية والاستئناف وكتابتي عدل ونحوها، ولكن كما يقول الشاعر الشعبي: «25 عام.. ضاعت بين الزحام»، وكان ينبغي نصب كلمة عام على التمييز ولكن الشاعر الشعبي سكنها للضرورة!، أما أن تلك الأعوام قد ضاعت بين الزحام فذلك ما حصل للأسف الشديد، على الرغم من أن الدوائر الشرعية في أم القرى تعد أول الدوائر المماثلة نشأة في تاريخ المملكة، حتى إن بعض سجلاتها تعد استمرارا للسجلات العثمانية، حيث توجد أملاك وأوقاف لها صكوك تبلغ من العمر نحو أربعمائة عاما، وقد بشر أهالي مكة المكرمة قبل ما يزيد على عشرين عاما باختيار موقع في حي جرول «القشلة» لبناء المجمع فيه، وأعلن يومها عن رصد مبلغ بمئات الملايين لتكاليف البناء، ثم أخذ موقع المشروع في التنقل بين أحياء أم القرى حتى استقر أخيرا في مخطط العوالي بعد موقع مدينة الملك عبدالله الطبية، فيما استمرت المحكمة العامة تتنقل من مكان إلى آخر، فهي مرة في جرول القبة ومرة أخرى في العدل ومرة ثالثة في العزيزية ومرة رابعة في كدي، ومثلها بقية الإدارات الشرعية، ومع أن آخر موقع شاب اختياره بعض الأقاويل لبعده عن حركة الناس والحياة، إلا أن تجميع الدوائر الشرعية في مبنى واحد سيكون مريحا للمراجعين الذين يأتون بأي وسيلة من وسائل النقل لإنهاء معاملاتهم في مكان واحد، وهي ميزة سبقت أم القرى إليها مدن ومحافظات صغيرة لا تبلغ في الحجم وعدد السكان والأهمية عشر ما تبلغه مكة المكرمة، ولعل مجيء معالي الشيخ محمد العيسى وهو وزير شاب لديه رغبة في التغيير والتطوير سيكون له أثر إيجابي في تدبير المبلغ اللازم لتنفيذ مشروع مجمع الدوائر الشرعية في العاصمة المقدسة، راجيا ألا تمر سنوات أخرى والأرض المخصصة للمشروع خالية بيضاء وقد ينطبق عليها القول المأثور: لك أو لأخيك.. والله المستعان .