إن أخرجك الله.. فلتكف عن الدعوة لإخراج أهله منه !!

لا يزال الأستاذ عبد الله أبو السمح ، يكرر دعوته بين فترة وأخرى لإخراج أهل مكة منها إلى ضواحٍ خارجها لمسافة 30 أو 40 كيلو مترا ، بحجج وفلسفة لم أعرف لها أساسا ، وهي أن مكة المكرمة مدينة للعبادة ، حيث ذكر في مقاله في صحيفة عكاظ الأربعاء الماضي 14/5/1431هـ ، أن مكة مدينة مقدسة وقد أوجدها الله في وادٍ غير ذي زرع بعيدة عن ضجة العمران ، ولتكون للعبادة فقط ، بل وأمعن في الاستخفاف بأهالي مكة بأن حتى إبقاءهم في الضواحي البعيدة هو لتقديم خدمات الحج الموسمية ، وكأني به يريد إخراجهم إلى أكثر من ذلك ، أو إلى رميهم في البحر لولا خدمة الحج الموسمية.

لقد خرج الأستاذ من مكة المكرمة ، أو أخرجه الله منها منذ أمد بعيد ، وهو لا يعرف شيئاً من همومها وشؤونها ، واحتياجاتها ، كمدينة ينبغي أن تكون أماً للقرى كما أرادها الله سبحانه وتعالى ، وأفضلها ، ولا يعرف أن السبب في تراجع أداء مؤسساتها الأهلية والحكومية ، والتعليمية والرياضية ، والصحفية ، والتجارية والصناعية ، هي الهجرة الاختيارية لأجيال من أهلها منها عبر العقود الماضية بحثاً عن فرص العمل والتجارة الرائجة ، ولذلك يظل يطالب بالإخراج القسري لأهلها منها ، ويهلل لكل مشروع هدم وإزالة لبعض أحيائها ، ويكرر دعوته المقيتة والصريحة لإخراج أهلها منها ، وكأنه يدعو إلى المزيد من التخلف وقصور التنمية فيها ، وإلى تحويلها إلى محطة (ترانزيت) متخلفة للزوار.

مكة المكرمة عبر التاريخ كانت نقطة ثراء للعلاقات الإنسانية والتجارية بين الشرق والغرب والشمال والجنوب ، وهذا الثراء لا يكون في فراغ محطات (الترانزيت) التي يسعى بمطالبته الصريحة بإخراج أهلها منها ، وتفريغها للزوار من الحجاج والمعتمرين ، بل من خلال مجتمع متماسك ، متعلم ، مثقف ، صاحب رسالة ، وبمكونات ومؤسسات قوية ، وبغير ذلك سنشهد المزيد من التراجع لمستوى الخدمات والمعيشة في مكة المكرمة.

ولذلك فإنني انتهز الفرصة للتوجه إلى أصحاب القرار ، وهم الحريصون على أن تكون مكة المكرمة أفضل مدن العالم ، وأن تكون نموذجاً لما يُقدم فيها من خدمات وتسهيلات لأهلها ، ولزوارها من الحجاج والمعتمرين ، وأقول إنه ليس أمامنا لتحقيق ذلك إلاّ من خلال إحداث تنمية حقيقية مستدامة ، وتمكين أهلها بالعلم والمعرفة والمهارة ، وهو ما سوف يؤدي إلى استبقاء الأجيال الجديدة من أهلها والمزيد من الكفاءات من بينهم ، واستقطاب المهاجرة منها ، للمساهمة في الارتقاء بمستويات ما يُقدم فيها من خدمات.

وأما مطار مكة المكرمة الدولي الذي زعم الأستاذ أبو السمح بأنه ضرر مؤكد ، فإنه حق من حقوق أم القرى ، وضرورة لخدمة أهلها وزوارها ، وله منافع اقتصادية وبيئية وتنموية لا يتسع المجال لبسطها .. فشكراً لمجلس الشورى الذي أوصى وتبنى مطالبة أهالي مكة بالمطار ، ونتمنى على الطيران المدني العمل على تحقيق هذه التوصية ، خصوصاً أن التوصية جاءت بناءً على دراسة -وليست عاطفة- تؤكد جدواها وإمكانية تحقيقها.
وأختم بقول الحق تبارك وتعالى : ... وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ..

الخطوط والمطارات .. الأوضاع مخجلة !!
كلما أسافر واستخدم مطاراتنا وخطوطنا الوطنية ، أجدني –تلقائياً- أقارن بينها وبين مطارات وخطوط أخرى سبق لي استخدامها ، فأجد الأخيرة وقد تفوقت عليها بكثير ، برغم أنه ليس لها ما لنا من مقومات النجاح ، فتتقلب علي المواجع ، وكل هذا بسبب غيرتي –التي أرهقتني حقيقةً- على بلدي ومنشآتها الوطنية ، فقد عُدت قبل أسبوع من خارج المملكة بصحبة العائلة ، بعد رحلة قصيرة ، وصادفت الملاحظات التالية : تقادم الطائرة التي قدمنا عليها ، وعدم توفر برامج ترفيه مرئية ، وتعطل عدد من أجهزة الترفيه الصوتية ، واستمرار استخدام السماعات الهوائية التي لم أعد أجدها في أي طيران آخر ، وهي عبارة عن خرطومين بلاستيكية تُثبت على سماعات صغيرة جداً في ذراع المقعد ، تبث صوتاً مشوشاً. وتعطل عددا من كشافات القراءة ، و(غمزها) أثناء الهبوط بطريقة أزعجت الركاب.

وعندما وصلنا مطار جدة ، وكنت أرافق إحدى كبيرات السن مع خمسة آخرين ، فاستقبلنا عمّال الخدمات الأرضية المعنيون بإيصال الركاب ذوي الاحتياجات الخاصة ، بثلاث كراسٍ مهلهلة، ورابعة مكسورة لا يمكن استخدامها إطلاقاً ، وعدد أصحاب الحاجة ستة ، وظللنا في ترتيب نقل هؤلاء الستة بطريقة أرهقتهم وأحرجتهم ، وعذر العمّال هو عدم وجود كراسٍ كافية ، هذا جانب والجانب الآخر أنهم قاموا بنقل الركاب والكراسي من المركبة المخصصة إلى حافلة ، ولم يتم إيصالهم للصالة مباشرة ، ورافقنا فقط عاملان ، فحركا كرسيين ، وتركا بقية الستة ، الذين لا أدري ما تم بشأنهم ، لأن قريبتي كانت على إحدى الكرسيين الأولين. ثم بدأنا رحلة استلام العفش ، والتي تميزت بتأخر وصول العفش ، وتراكم الركاب حول السيور ذات الحجم غير المناسب لحجم وكمية العفش ، ولا لعدد الركاب القادمين على الرحلة ، ثم رداءة عربات النقل ، التي هي في الأصل من النوعيات التي سُحبت من الخدمة حتى من مطارات دول أقل قدرة منا على توفير الحديث منها.

يا إخواننا في الخطوط وفي المطارات اسمعوا بوضوح: لقد أصبحت الأوضاع مخجلة ، وعلى أصحاب القرار منكم التوقف عن الاستفادة من خدمات المكتب التنفيذي لكي تصدقوا بأن الأوضاع بالفعل مخجلة ومسيئة لسمعة الوطن ، ناهيكم عن كونها مزعجة للمسافرين.
والله من وراء القصد .

المدينة 17/5/1431هـ