نماذج وطنية مضيئة
تتجمع لدي بين حين وآخر معلومات وانطباعات جيدة عن بعض العاملين في الجهات الحكومية، لا سيما ما يصلني منها عن طريق التواتر أو المعايشة فأسر بما سمعته أو رأيته؛ لأن الهدف من النقد الصحفي ينبغي أن يكون وفق قاعدة أن يقال للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت!، وكلما كان الموظف حريصا على أداء عمله ملتزما بدوامه ميسرا لأمور المراجعين دون إخلال بالنظام، اكتسب سمعة حسنة بين الناس وأخذوا يثنون عليه في مجالسهم وربما حرصوا على أن تحول له معاملاتهم النظامية؛ لأنهم يرون أن لديه قدرة على الإنجاز السريع والأداء البديع، فالمورد العذب كثير الزحام. وأذكر ــ على سبيل المثال ــ بعض من بلغني الثناء العاطر عليهم، ومنهم فضيلة القاضي بالمحكمة العامة بمكة المكرمة الشيخ سويعد سلمي الحربي، فهذا القاضي يبدأ دوامه في الساعة السابعة والنصف صباحا، وتبدأ جلسات التقاضي لديه قبل الساعة الثامنة، وهو صاحب خبرة وحنكة وعلم شرعي واسع تمكنه من البت في القضايا المعروضة عليه بالوجه الشرعي. من الأسماء المضيئة أيضا الشيخ الدكتور عبد الله الوهابي كاتب عدل الثانية بمكة المكرمة الذي كنت أسمع عنه كل خير، من حيث الحرص على العمل والإنجاز ومساعدة المراجعين وتسهيل أمورهم وفق النظام، ثم جمعتني به مناسبة اجتماعية في منزل الصديق الأستاذ سامي عقاد أحد قدامى موظفي وزارة العدل بأم القرى، فوجدت أمامي نموذجا حيا لرجل العلم الواعي المدرك للمستجدات ولسماحة الإسلام ولما ينبغي الاستفادة منه من تطور في عالم الإدارة الإلكترونية وثورة الاتصالات وتسخيرها في خدمة المراجعين للإدارات الحكومية، بما فيها المحاكم وكتابات العدل والأمانات ونحوها.
وقد أعجبني في الدكتور الوهابي تواضعه وإجادته للحوار وسعة صدره وابتسامته العريضة التي تدل على ثقة بالنفس وحسن خلق، وعلمت من بعض من تعامل معه في مكتبه، ومنهم الزميل الأستاذ عدنان باديب أن ذلك هو ديدنه في تعامله مع جميع المراجعين الذين يحرصون على أن تحول إليه معاملاتهم ثقة فيه وفي قدرته على الإنجاز وارتياحا منهم لتعامله الحسن معهم.
ومن النماذج في أم القرى الأخوان الدكتوران خالد السميري وحاتم العمري، فهما طبيبان بارعان وإداريان ناجحان يقودان أكبر المستشفيات في العاصمة المقدسة، فالأول يقود مدينة الملك عبد الله الطبية والثاني يقود مستشفى النور التخصصي، وكم بلغني عنهما من ثناء عليهما وحرص منهما على النهوض بهذين الصرحين، وقد زرت ذات يوم قسم الطوارئ بالنور فوجدته قد تطور كثيرا عما كان عليه من قبل، وصاحبت مريضا لعمل أشعة للرأس والصدر فوجدت أن قسم الأشعة يستخدم الحاسب الآلي لإرسال الصور فورا على جهاز الطبيب المعالج قبل عودة المريض إلى سريره في القسم، وما ذكر من أسماء مضيئة هو غيض من فيض، ولن أتردد ــ إن شاء الله ــ في إيراد نماذج أخرى كلما بلغني شيء يسر الخاطر ويثلج الصدر عن تلك الأسماء.. وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين، والله ولي التوفيق.
عكاظ 19/4/1431هـ