حامد مطاوع.. التواضع الشامخ؟!

رحم الله أستاذنا القدير حامد حسن مطاوع الذي انتقل إلى رحمة ربه في آخر يوم من شهر ربيع الأول الذي ولد فيه سيد البشر صلى الله عليه وسلم، بعد حياة حافلة مليئة بالعطاء والبذل على كل الأصعدة، في العلم والعمل وفي فعل الخير، وفي استخدام وجاهته في تمهيد الطرق لأصحاب الحاجة، سواء عرفهم أو لم يعرفهم، الأهم عنده أن يقضي حوائجهم طالما هي مشروعة.

أول مرة قابلته كان عام 1385هـ، كنت يومها لم أزل ألعب لنادي الوحدة الذي كان يرأسه آنذاك أستاذنا الكبير عبدالله عريف ــ رحمه الله ــ، وفي نفس الوقت كان مديرا عاما لمؤسسة مكة للطباعة والإعلام التي تصدر عنها صحيفة الندوة، همست له برغبتي وحبي للعمل الصحافي وأملي أن أعمل في الصحيفة المكية، وكانت آنذاك في مقدمة الصحف المحلية ولها السبق في مقر ومطبعة خاصة والوكالات، فكتب لي رسالة إلى الأستاذ حامد ــ رحمهما الله ــ الذي كان أيامها مشرفا عاما على تحرير الندوة وإداراتها، أي صاحب الرئاستين فذهبت له في شقة متواضعة في شارع غزة بمكة المكرمة متأبطا مقالا رومانسيا وفي ظني أنه سيفتح كل الأبواب المغلقة!

استقبلني ــ رحمه الله ــ بهدوئه المعتاد وتواضعه الشامخ، طلب مني الجلوس وبدأ يقرأ ثم أزاح الورق وطلب مني العمل كمندوب رياضي بمبلغ 300 ريال في الشهر، وهكذا بدأت علاقة أستاذ كبير في بلاط صاحبة الجلالة وتلميذ صغير. كان نموذجا في سلوكه الأرستقراطي، وهدوئه، وتواضعه الشامخ، أو كبريائه المتواضع، وأناقته اللافتة.

الحقيقة أنه من الصعب الإلمام بكل جوانب شخصية الفقيد الكبير ونحن تحت صدمة الفقد، لكن أهم ما تتميز به شخصيته الفذة: تواضعه وقوة شخصيته، ورغبته الجامحة في عمل الخير فانخرط في مؤسسات المجتمع المدني كجمعية البر وقد ترأس مجلس إدارتها في السنوات الأخيرة.

أعترف بأنني أدين بأفضال كثيرة إلى درجة أنه أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتي رغم أنني لا ألقاه بانتظام، ولا أذيع سرا لو قلت: إني أدعو له في يومي وليلي وأينما كنت ومنذ سنوات طويلة.

رحم الله أستاذنا القدير وأسكنه فسيح جناته، فقد كان نعم الشخصية المكية والسعودية التي يعتز بها كل من عرفها واحتك بها. واللهم اجمعنا بها في جنات النعيم. آمين يا رب العالمين.

عكاظ 11/4/1431هـ