حامد مطاوع .. القدوة

في مستهل السبعينيات هجرية شكوت لشقيقي محمد رحمه الله معاناتي في السعي للحصول على نسخة من جريدة «البلاد السعودية» إذ غالباً ما تنفد قبل خروجي من المدرسة فكان أن نقدني مبلغا لم أعد أذكر قدره للصعود إلى إدارة الجريدة والاشتراك في نسخة باسم الوالد عليهما رحمة الله.

وفي إدارة جريدة «البلاد السعودية» كان الأستاذ حامد مطاوع هو أمين الصندوق الذي استقبل الاشتراك بعد تسلمه المبلغ وهو يقول للأستاذ صالح جمال الذي كان في منصب مدير الإدارة: هذا ابن الشيخ عمر خياط عملنا له حسم 25% تشجيعاً لأنه محب للقراءة كما قال لي.

من يومها وأنا أدين للأستاذ الكبير حامد حسن مطاوع الذي انتقل الأسبوع الماضي إلى رحمة الله بالفضل.

ومرت الأيام ودارت الأعوام وعملت سكرتيراً لمدير مكتب البلاد بمكة المكرمة عندما كان الأستاذ مطاوع مديراً للجريدة.

وعندما اختارني الأستاذ حسن قزاز ـ رحمه الله ـ لسكرتيرية تحرير الجريدة بجدة كان مكتب الأستاذ حامد مطاوع الذي هو مدير الإدارة مركزاً للأدباء وكتاب الصحيفة وزوارها فكان من الطبيعي أن أحظى بالجلوس لتحية الجميع، ومن ثم تلقي ما قد يعن للأستاذ حامد مطاوع من ملاحظات على مواد عدد ذلك اليوم.

وتدور الأعوام مرة ثانية، وتقوم المؤسسات الصحفية ويتولى الأستاذ حامد رحمه الله رئاسة تحرير جريدة الندوة بعد ما تنحى عنها الأستاذ الكبير محمد حسين زيدان عليه رحمة الله، في الوقت الذي توليت فيه رئاسة تحرير عكاظ بعد الأستاذ الكبير محمود عارف رحمه الله.

وللتاريخ فإنه قد أولاني الكثير من توجيهاته ومرئياته القيمة على امتداد الفترة التي تزاملنا خلالها في رئاسة تحرير الصحيفتين.

وللتاريخ أيضاً فقد كان حريصاً كلما جاءت به المناسبات إلى جدة على زيارتي في عكاظ لمنحي المزيد من المرئيات والتوجيهات السديدة مثلما كان يفعل خلال رحلاتنا الصحفية لتغطية مؤتمرات القمة العربية في معية صاحب الجلالة الملك فيصل بن عبد العزيز – طيب الله ثراه – أو خلال رحلات جلالته إلى الدول الإسلامية حيث كان هو والأستاذ الكبير عبد المجيد شبكشي عليهما رحمة الله يعتبرانني من أبنائهما ويبرانني بالمودة والمناصحة التي أفدت بها في العمل الصحفي أو بالحياة العامة، فكلاهما أستاذ له من الخبرة والتجارب والأخلاق ما يؤهلهما ليكونا قدوة لأمثالي من الشباب الذي ولى.

واليوم وقد ودعنا الأستاذ الكبير حامد مطاوع بانتقاله إلى رحمة الله فإن من الواجب أن أسجل بأن جريدة الندوة خلال فترة ترؤسه لها على مدى اثنين وعشرين عاماً كانت بين صحف المقدمة بما تقدمه من أخبار وتحقيقات ومقالات كان الأستاذ حامد يحرص على موضوعيتها بقدر كبير.

كما يسجل للأستاذ حامد أنه وعلى امتداد السنوات التي تولى فيها رئاسة تحرير الندوة لم تسجل عليها أية مخالفة أو ملاحظة لما كان يتمتع به رحمه الله من حسن تقدير واعتدال فيما تنشره صحيفة الندوة.

ولئن كانت الصحافة مهنته رحمه الله فقد كان إلى جانب ذلك من الحريصين على الخدمة الاجتماعية والمشاركة في أعمال الخير من خلال صندوق البر أو الجمعيات الخيرية التي كان فيها عضوا فاعلا .

رحم الله الأستاذ حامد مطاوع وألهم ذويه ومحبيه الصبر وجميل العزاء، إنا لله وإنا إليه راجعون.

عكاظ 7/4/1431هـ