في وداع الأستاذ !

تلقيت يوم الأربعاء الماضي 24/3/1431هـ اتصالا هاتفيا من الأخ الدكتور أنمار حامد مطاوع الأستاذ الجامعي الكاتب بصحيفة عكاظ، يبلغني فيه بأن أستاذي والده الصحافي الرائد الأستاذ حامد مطاوع يدعوني ضمن كوكبة من رجال الإعلام والمجتمع والأحباب لحضور وليمة في داره العامرة بأم القرى مساء يوم الأربعاء 1/4/1431هـ، وذلك على شرف الكاتب الكبير والصحافي القدير الدكتور عبدالله مناع وأن المناسبة سوف تشهد قيام المحتفى به بقراءة لكتابه البديع «بعض الليالي بعض الأيام» ففرحت بالدعوة لأنها جاءت من أستاذ كبير له علي فضل جزيل ولأنها تقام حفاوة برمز ناصع من رموز الصحافة في بلادنا وفي يوم الثلاثاء 30/3/1431هـ تلقيت اتصالا من الأخ فؤاد عراقي صهر الأستاذ حامد مطاوع ينعى فيه «الأستاذ» وأنه قد أسلم الروح لبارئه قبل مغرب ذلك اليوم وبلا مقدمات، وكان لحظتها في كامل حيويته وصحته حسب ما يظهر لنفسه ولمن حوله، ولكنه خلال ثلاث دقائق كان في عالم آخر!، وقد صدمني الخبر فاسترجعت وحوقلت، وتذكرت قول الشاعر:
«تقفون والفلك المقدر سائر
وتقدرون فتضحك الأقدار»!
لأنه لم يكن يدور في خلد الفقيد الكبير أو في خلد نجله الدكتور أنمار أو في خلد أحد من المدعوين أن مساء يوم الأربعاء 1/4/1431هـ لن يكون يوم احتفاء بل يوم عزاء!!

لقد عملت مع الأستاذ القدير حامد حسن مطاوع ــ رحمه الله ــ سنوات طويلة عندما كان رئيسا لتحرير صحيفة الندوة، لنحو ربع قرن من الزمان فوجدته نعم الأب والموجه لجميع من حوله من العاملين، وقد جمعتني مناسبة اجتماعية بمعالي الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني عندما كان وزيرا للإعلام فقال لي: أحمد الله على أنك تعمل مع المطاوع لأنه مدرسة صحافية مميزة وكان كذلك بالفعل، وقد تخرج على يديه عشرات من الأسماء الصحافية البارزة التي تبوأت مناصب قيادية في عدد من الصحف المحلية وأدين له بعد الله بالفضل في إعطائي فرصة الظهور الصحافي بما منحني من مساندة وتشجيع وحماية!

وهناك جانب مشرق عرفته عنه نتيجة قربي منه وهو أنه كان من المسارعين في الخيرات وبذل الشفاعات لدى ولاة الأمر لقضاء بعض الحاجات، وقد وقفت شخصيا على ملفين لمريضين حملهما بنفسه إلى المقام السامي كان أحدهما لمريض فقد البصر وهو صغير إثر ضربة في مقدمة رأسه فأرسل للعلاج على نفقة الدولة في إسبانيا، والثاني لفتاة احتاجت لزراعة كبد في أمريكا فوفر لها ــ رحمه الله ــ أمر علاج من المقام السامي، وكان يسخر وجاهته في خدمة من حوله سواء في الإدارات الحكومية أو كضامن لهم لدى المؤسسات التجارية، وظل هكذا طيبا ودودا حتى لقي وجه ربه، وقد دخلت عليه وهو مسجى فوجدت وجهه مشرقا كأنه في سنة من نوم، أو هكذا قيل لي إلا أنه في الواقع كان قد أصبح في العالم الآخر الذي سوف يصير ويسير إليه كل حي.. رحم الله الأستاذ وألهم آله وذويه الصبر والسلوان.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».

عكاظ 2/4/1431هـ