رحم اللـه العالم المؤرخ الدكتور عاتق البلادي
قبل أيام معدودات ضم ثرى (أم القرى) جثمان ابنها البار العالم المؤرخ الدكتور عاتق بن غيث البلادي، بعد مسيرة طويلة في مجال البحث والتأليف والتوثيق التاريخي.
وقد عرف وجيه الأدب الأستاذ عبدالمقصود محمد سعيد خوجه قدره فاحتفى به في اثنينيته الشهيرة في 19/5/1412هـ الموافق 25/11/1991م وقال في كلمته الترحيبية : (يشرف “الاثنينية” في هذه الليلة المباركة ان تسعد بكم وبضيفنا الكبير فضيلة الشيخ عاتق بن غيث البلادي، جعله الله من عتقاء النار، بما قدم لوطنه من علم وفضل في كثير من فروع المعرفة، في الوقت الذي كانت مثل هذه العلوم التي تطرق اليها حكراً على قليل من المثقفين والمتعلمين، الذين تلقوا العلم في الخارج).
وأضاف الاستاذ عبدالمقصود خوجه : (لاشك ان فضيلته قد بذل الكثير من الجهد، ليتحفنا بهذه الدراسات القيمة، واطلع على عشرات المراجع، وصرف الكثير من الوقت لما فيه نفع ابناء وطنه، وساهم في اثراء المكتبة العربية والحركة الثقافية، ومختلف الأنشطة الادبية والعلمية، فجزاه الله عنا كل خير).
| وفي تلك الأمسية الشائقة تحدث عنه الشيخ أبوتراب الظاهري قائلاً: (كل عالم كان جامعة، وكل حلقة أشبهها بجامعة كبرى، لأن العلماء كانوا متعددي الثقافة.. وصديقنا المحتفى به عاتق البلادي رضيع لبان هؤلاء المشائخ متعنا الله بعلومه).
| وتمر السنون لتحتفي به (الاثنينية) مرة أخرى مشاركاً لمعالي الاستاذ الدكتور سهيل بن حسن قاضي في ندوة بمناسبة (اختيار مكة عاصمة الثقافة الاسلامية) بتاريخ 4/11/1426هـ الموافق 5/12/2005م.
والتقيته في تلك الأمسية ليسعدني بحديثه العذب، وتواضعه الجم.. لقد وجدته ــ حقاً ــ من الطراز النادر الذي يتصف بالجد والمثابرة في البحث والتنقيب مهما بلغ به العمر، فالعلم عنده (من المهد إلى اللحد).
| وتحدث في تلك الندوة عن تاريخ مكة المكرمة وبناء الكعبة المشرفة عبر السنين، وفضائل مكة المكرمة، وآثارها الخالدة، وعن أهل مكة وعاداتهم يقول : (أنا عشت في مكة منذ الصغر فكانوا ــ أي أهل مكة ــ يشبهون عرب الجزيرة في عاداتهم، يتخلَّقون بأخلاق المسجد الحرام).
| وللقارىء الكريم هذه النبذة الموجزة عن فقيدنا الراحل عاتق بن غيث البلادي:
(ولد في بادية مكة الشمالية قرب خليص، في الثالث من شوال عام ألف وثلاثمائة واثنين وخمسين للهجرة. ومن تاريخه الوظيفي: التحق بالجيش السعودي في 15/5/1372هـ وتخرج في مدرسة المشاة بالطائف.. وترقى حتى وصل الى رتبة مقدم، وفي عام 1397هـ أحيل الى التقاعد بناء على طلبه، للتفرغ للأعمال الفكرية، وأسس في عام 1397هـ (دار مكة للنشر والتوزيع) عنيت بنشر وتوزيع مؤلفاته، وله من المؤلفات المطبوعة ما يزيد على عشرين عنواناً، وأخرى لاتزال مخطوطة، وقد حضر عدداً من المؤتمرات الأدبية والتاريخية.
ــ من مؤلفاته : معجم معالم الحجاز (عشرة أجزاء) ومعجم قبائل الحجاز (ثلاثة أجزاء) ــ ومعجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية ــ وفضائل مكة وحرمة البيت الحرام ــ ومعالم مكة التاريخية والأثرية ــ وكتب أخرى في الأدب العربي الفصيح والشعبي. وغيرها.
| رحم الله المؤرخ العلامة الدكتور عاتق بن غيث البلادي، وأسكنه فسيح جناته، وأثابه خير الثواب على ما قدمه لطلاب العلم، وأثرى به الساحة الثقافية من علم نافع ومعارف مفيدة. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
الندوة 14/3/1431هـ