كيف يجب أن يكون الاعتذار ؟!

وقع الدكتور عبدالرحمن السديس في زلة قلم ولسان ما كان لمثله أن يقع فيها، وحصل ذلك منه وهو واقف على «المنبر» في صلاة الجمعة بالمسجد الحرام، ولو كانت تلك الزلة قد حصلت من غيره لعذره الناس لجهله، ولكن الزلة حصلت من إمام وخطيب مفوه يحمل درجة الدكتوراه في العلم الشرعي، ولو أن الزلة جاءت نتيجة ارتجاله للخطبة فقد يفسر الأمر على أنه فلتة لسان دون تدبر أو تمعن أو حسن تقدير، ولكن الزلة جاءت ضمن خطبة مكتوبة ومراجعة مدججة بالشواهد والآيات والأحاديث وشعر الحكمة والكلام المسجوع،

ومع ذلك كله وقعت الزلة وكانت عظيمة لأنها تضمنت سبا وانتقاصا بصحابي جليل ووصفا غير لائق به وتشبيها له بمتهمين بالفساد المالي والإداري من المسؤولين المعاصرين الذين يحقق معهم ويدور لغط حول الذمم المالية لنفر منهم فجعلهم الدكتور السديس من أحفاد أو أبناء ذلك الصحابى، الأمر الذي أزعج طلبة العلم وجعل بعضهم ينبهه ويدعوه إلى الاعتذار وزعم بعضهم أنه قد اعتذر عما قاله، ولعله فعل ذلك بعد أن اتصل به بعض محبيه، ولكن الاعتذار الواجب عليه القيام به لا يكون عن طريق المهاتفة والاتصالات الشخصية بل ينبغي أن يكون إما عن طريق خطبة «جمعة» ومن على المنبر نفسه أو بإصداره بيانا شرعيا يعلن فيه الاعتذار عما قاله وأن يقدم اعتذاره للأمة على ما صدر منه، حتى لا يستغل أحد ما وقع فيه من خطأ لاتهام علماء هذه البلاد به، وأن يكون البيان صريحا وواضحا، مفسرا للخطأ الذي حصل وأن تذكر فيه سيرة الصحابي الجليل الذي تعرض له الدكتور السديس بقلمه ولسانه وأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد قال ما قاله عنه على سبيل توجيه وتعليم لو لم يكن في وظيفته لما قدمت له.. كل ذلك وغيره مما لا يفوت على طلبة العلم ينبغي تضمينه في بيان الاعتذار وهذا هو أقل ما يجب على الدكتور السديس القيام به والله الهادي إلى سواء السبيل!

عكاظ 28/1/1431هـ