موت وخراب ديار

كان معظم الأهالي في السابق إذا توفي لديهم قريب فإنهم ينشغلون بموته وباستضافة المعزين فيه من أقارب ومعارف وجيران ولمدة ثلاثة أيام فجاء المثل العنوان: موت وخراب ديار معبرا عما تتحمله أسر المتوفى من تكاليف مادية ومعنوية وجسدية في سبيل استضافة وفود المعزين، ثم تنبه الناس في العقدين الأخيرين إلى أن ما يحصل مخالف للسنة النبوية والتوجيه الشريف الوارد في عبارة «اصنعوا لأبي جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم». فأصبح بعض أصدقاء وأقارب وأعزاء المتوفى وأسرته يتبرع كل واحد منهم بتحمل ليلة من ليالي العزاء لإطعام المعزين على حسابه فيها وبعضهم يتحمل إطعام المعزين ظهرا إن وجد منهم أعداد في منزل «المرحوم» من القادمين من مناطق أخرى، فإذا تقدم ثلاثة أو أربعة من أصدقاء أو أقارب الأسرة بتحمل تكاليف العشاء والغداء خلال أيام وليالي العزاء حرم الباقون الراغبون في المشاركة من القيام بالواجب وكسب الأجر وفي الوقت نفسه تحمل عدد قليل منهم الحمل كله لأن العشاء سيحتاج أحيانا إلى ست أو سبع ذبائح غير التكاليف الأخرى.

وقد لاحظ هذا الأمر أحد الأصدقاء فطلب مني تبني عرض فكرة موجودة ومطبقة على نطاق ضيق بهدف خدمتها صحافيا وتوسعتها وتعميمها لما يرى فيها من فائدة ودعوة إلى التكافل الاجتماعي وكسب مشترك للأجر وتخفيف عن كواهل الذين يقومون حاليا بحمل التكاليف الكاملة لليالي العزاء دون غيرهم، وتتلخص فكرته: أن يقوم أحد جيران أو معارف المتوفى بدور المنسق بين من يودون المشاركة في تحمل تكاليف مراسيم العزاء وتسجل أسماؤهم في قائمة. ثم يستلم من كل واحد منهم مساهمته المادية حسب استطاعته بما يغطي جميع التكاليف. وبذلك نكون قد رسخنا ثقافة المساهمة الخيرية في المجتمع فيما يتصل بأمثال هذه المناسبة وأشعرنا أسرة المتوفى بأن لهم محبين كثرا، وخففنا الحمل عمن يقوم حاليا بتحمل تكاليف ليلة كاملة بمفرده وتم تطبيق التوجيه النبوي المشار إليه أفضل تطبيق.

وما ذكره صاحب الاقتراح مناسب وقد بدأ المجتمع في بعض المدن يأخذ به ويطبقه، ولكن المطلوب هو تعميم وترسيخ الفكرة وتأصيلها في الثقافة الاجتماعية.. مع تمنياتي بالصحة وطول العمر للجميع، وأن يبعد الله عنهم الششني!!!

عكاظ 11/1/1431هـ