إلى وزارة المالية.. مزيد من الشفافية والتوازن !!
أتوجه إلى وزارة المالية وأقول لمسئوليها إننا في حاجة إلى المزيد من الشفافية ، وأيضاً مزيد من التوازن في توزيع برامج ومشاريع التنمية على أرجاء بلدنا العزيز
«من أقوى دعائم الوحدة الوطنية ، الاهتمام بمعالجة هموم الحياة اليومية للمواطن ،
والتوازن في توزيع برامج التنمية بين مناطق المملكة ، والاهتمام بالمناطق الريفية بهدف استكمالها للخدمات الأساسية ، ومعالجة ضعف الأداء في الأجهزة الحكومية خاصة ذات العلاقة بالشأن العام»
هذا نص إحدى توصيات الحوار الوطني الأول ، الذي عُقد في الرياض خلال الفترة 15-18 ربيع الثاني 1424هـ ، وقد عُرضت على أنظار خادم الحرمين الشريفين ، وكان حينها ولياً للعهد ، و نُشرت في الصحف في حينها ضمن مجموعة من التوصيات الهامة.
وما دعاني لاستحضار هذه التوصية هو تصريح وزارة المالية الأخير الذي نُشر في جريدة الوطن بتاريخ 21/12/1430هـ رداً على مقال الدكتور عبدالله دحلان الذي أشار فيه إلى أن الثقة مفقودة في تعامل وزارة المالية مع مشاريع الصرف الصحي في جدة ، وجاء في التصريح أن ما تم اعتماده لمشاريع الصرف الصحي و تصريف السيول في جدة أكبر مما تم اعتماده لأي مدينة أخرى بما في ذلك مدينة الرياض العاصمة ، و هو تصريح يُعطي الانطباع للوهلة الأولى بأن وزارة المالية غير متوازنة في اعتماد المشاريع ، و أنها منحازة لصالح مدينة جدة دون غيرها من مدن المملكة ، و كذلك بأنها توجه أصابع الاتهام بفساد ما في مدينة جدة غير موجود في المدن الأخرى ..
هكذا يمكن فهم تصريح وزارة المالية ، وإلاّ فإن الموضوعية تقتضي تحديد المدة التي تم خلالها اعتماد كل هذه المبالغ الطائلة لصالح الصرف الصحي ، فإن كانت كلها خلال الخطة الخمسية الثامنة التي تنتهي هذا العام كما جاءت الإشارة لما تم اعتماده لتصريف السيول ، فإنه وباعتبار أن جدة تعاني من مشاكل الصرف و تصريف الأمطار منذ عقدين من الزمن ، فإن إيضاح ما تم اعتماده على مدى العقدين الأخيرين لجدة و الرياض سوف يُظهر حقيقة أداء وزارة المالية من حيث كونه متوزان أو غير متوازن ..
ثم إن الحديث عن المساحة وعدد السكان ،وإغفال اختلاف الطبيعة الجغرافية لكل من جدة والرياض يجعل مقارنة الاعتمادات المالية أقرب ما تكون إلى لعبة أرقام ليس إلاً ، فمدينة ساحلية ، أي أنها عند مستوى سطح البحر ، تخترقها مجموعة من الأودية الكبيرة لتصب سيولها في البحر ، تختلف عن مدينة تقع على هضبة مرتفعة تصب سيولها على المناطق المنخفضة حولها ، فالأولى بالتأكيد تحتاج إلى اعتمادات مالية أكبر بكثير من الثانية ..
وبمناسبة المقارنة التي وردت في تصريح وزارة المالية ، وصدور الميزانية لهذا العام ، ولأننا لازلنا نعيش آثار فاجعة سيول جدة ، فقد بحثت عما تم اعتماده لميزانيات أمانات المدن ، ولمشاريع المياه والصرف الصحي في مدن المملكة ، فلم أجد سوى مقارنات بين ميزانيات المؤسسات العامة خلال السنوات الأربعة الأخيرة ، والتي شملت ميزانيات الجامعات ، وهي بالمناسبة الوحيدة التي يمكنك من خلالها المقارنة بين ما يُعتمد لمناطق المملكة الإدارية الثلاثة عشر ، وبالتالي يمكنك تأمل مفهوم التوازن في توزيع برامج التنمية ، والتي يأتي على رأسها التعليم العالي .
ومن خلال الأرقام يظهر أن مجموع ما اعتمد لجامعات منطقة مكة المكرمة وهي كبرى مناطق المملكة من حيث عدد السكان ، هو ستة مليارات وأربعمائة واثنان وأربعون مليون ريال ، بينما ما تم اعتماده لجامعات منطقة الرياضوهي ثاني أكبر مناطق المملكة من حيث عدد السكان عشرة مليارات وسبعمائة وسبعةوأربعون مليون ريال ، وهذا برغم أن عدد طلاب جامعات منطقة مكة المكرمة أكبر من عدد طلاب جامعات منطقة الرياض ، أي أن نصيب الطالب في منطقة الرياض يفوق بكثير نصيب الطالب في منطقة مكة المكرمة ، وهو أمر مستمر منذ عدة سنوات ، و لم نسمع من التعليم العالي و لا من وزارة المالية المعنية باعتماد الميزانيات ، تفسيراً لهذه المعادلة غير المتوازنة في ظاهرها ، ولا رداً على السؤال الذي يثور ويتكرر عقب إعلان كل ميزانية.
ولذلك فإنني أتوجه إلى وزارة المالية و أقول لمسئوليها إننا في عصر الشفافية ، التي يدعو لها باستمرار خادم الحرمين الشريفين ، باعتبارها ركيزة هامة في مشروعه الإصلاحي الكبير ،وبالتالي فإننا في حاجة إلى المزيد من الشفافية ، وأيضاً مزيد من التوازن في توزيع برامج ومشاريع التنمية على أرجاء بلدنا العزيز. وعندما أعلن خادم الحرمين الشريفين الميزانية لهذا العام ، أكّد وفقه الله على العمل بجد وإخلاص ، وسرعة إنجاز المشاريع دون تقصير أو تهاون ، وعلى إبلاغه بأي تقصير ، وها أنذا استجيب وأضع هذه الملاحظات .
صوت من مكة المكرمة مرة أخرى
إعلان وزارة الشؤون البلدية والقروية ، الذي نُشر في هذه الصحيفة يوم الأربعاء الماضي ، عن جدولة أعمال الهدم والإزالة ، يؤكد بأن هناك إمكانية لتأجيل هذه العمليات وجدولتها على عدة سنوات ، فكما هو معروف بأن إنجاز أنفاق المشاة سوف يستغرق عدة سنوات ، وبالتالي ليس هناك ما يدعو لتنفيذ كل هذه الهدميات وخصوصاً مناطق الحجون وجرول ودحلة حرب والقبة خلال شهرين.
إن إنجاز مشروع توسعة ساحات الحرم والمرافق المحيطة به وشق الأنفاق سوف يستغرق ما لا يقل عن خمس سنوات وقد يصل إلى عشر سنوات ، وكلنا يعرف كم استغرقت توسعات الحرمين الشريفين الأخيرة ، وحتى التوسعة الحالية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وفقه الله ، والتي بدأت عمليات الهدم لصالحها منذ سنتين لا تزال في مرحلة تكسير الجبال
والتمهيد ولم يُشرع حتى الآن في أعمال البناء .. فرفقاً بجيران بيت الله الحرام ..والله الملهم الجميع للصواب.
المدينة 11/1/1431هـ