توعية مميزة .. سلوك مميز (2)

ردود أفعال متباينة جاءت على مقال الأسبوع الماضي في نفس العنوان وكان تجاوباً مشكوراً من بعض القراء في تفهم حاجة الحجاج إلى التوعية في بلدانهم قبل القدوم إلى المشاعر المقدسة والثناء الكبير على تجربة ماليزيا (تابونج حجي) وتجربة إندونيسيا وتجربة رئاسة الشؤون الدينية في تركيا الشقيقة في التوعية، كما أشير إلى بعض الملاحظات التي تلقيتها من بعض المنتسبين أو ربما غير المنتسبين للجهات ذات العلاقة في التوعية في الحج ما بين قبول فكرة عدم جدوى التوعية للحجاج أثناء وجودهم في الديار المقدسة والاكتفاء بالفتاوى التي تطلب ربما عبر الهواتف أو أية وسيلة اتصال أخرى وبشكل سريع وفوري وعلى مدار الساعة، وآخرون أساءوا فهم ما كتب وربما انصرف ذهنهم بأن ما ذهبنا إليه يستهدف قطع أرزاقهم ويعلم الله أن ذلك لم يكن في الحسبان، وقد كنا في حوار مع بعض الزملاء حول بعض المؤذنين في الحرمين وكيف أن أصواتهم غير مناسبة للأذان الذي ينبغي أن يختار له أجود الأصوات وكان اقتراحي بأن يوجهوا للعمل في شيء آخر أو إيقافهم عن الأذان في الحرمين على أن يستمر الصرف عليهم حتى التقاعد، ويسري هذا المقترح في ظني على المنتسبين للدعوة ولا نحملهم أخطاء من رشحهم.

ما أود إيضاحه في مسألة التوعية أن بلادنا التي تتحمل أعباء ضخمة لتوفير الخدمة ورعاية الحجيج يحملها البعض وزر أخطاء سلوكيات بعض الحجاج غير المسؤولة، بعضها يستحي المرء من ذكرها ولكن بعض العاملين في الحج والمسؤولين يعرفونها.

والسؤال ما ذنبنا من تصرفات حجاج يأتون إلينا بغرض التسول أو بغرض النشل أو لمن ‏جاء من بلاده راغبًا في الموت أو من يعرف نفسه أن ظروفه ‏الصحية تعفيه من الفريضة ولكنه يأتي ويكون عبئًا على الآخرين وهذه ‏الحالات في اطراد مستمر. نحن في أمسّ الحاجة لكي نراجع أنفسنا أيضًا تجاه التسهيلات التي تقدم لتمكين مرضى المستشفيات من ‏الحج وتمكين المساجين من الحج حتى مرتكبي بعض الجرائم في حق ‏الوطن وهو أمر لا يغتفر مع هذا نمكنهم من الحج، كيف نسمح لمن أعفاه الله من الحج ونمكنه من هذه الفريضة كالفقير والمعوز ‏والمريض وغيره، كيف نسمح بتوزيع ملايين الوجبات في أيام الحج ‏ونحن نعرف أن فريضة الحج لمن استطاع إليه سبيلاً ألا يمكن أن ‏توجه هذه الوجبات للمحتاجين في بعض الأماكن النائية وربما كان ‏الأجر مضاعفًا عندما تقدم لإغاثة الملهوف وضحايا النكبات والمحتاج ‏الفعلي. وفي الحج إساءات عديدة للبيئة يسهم فيها العديدون نتيجة ‏عوادم السيارات وفضلات الطعام والشراب والفضلات الآدمية، إن ‏هذه الأمور وغيرها إذا لم تؤخذ بحزم فإننا سنسمح بعاطفتنا للتغلب ‏على عقولنا وسوف يحاسبنا الرب سبحانه الذي ميز الإنسان على ‏سائر الكائنات الحية بالعقل. الحساب قد يكون عسيرًا والويل من ‏غضب الرب. أما وقد وجد بيننا أهل العقل والرشد فإن محاسبة النفس ‏واجبة، والرجوع للحق فضيلة، ولنعمل معاً لتوعية الحجاج بشكل ‏عصري مميز إذا أردنا أن نجني بحق السلوك الحضاري المميز، وإن ‏الله يعز بالسلطان ما لا يعز بالقرآن، وبالله التوفيق .

المدينة 5/1/1431هـ