مشواري على البلاط 1-2

أستطيع أن أزعم أنني عشت مشوار رفيق الدرب أخي الأستاذ عبد الله عبد الرحمن الجفري عليه رحمة الله في معظم خطواته.

وفي الجزء الرابع والأربعين من ( كتاب الاثنينية) رصد لمسيرة مؤلفه الأستاذ الجفري رحمه الله، وقد صدر بعنوان:

مشواري على البلاط
وفي المقدمة التي كتبها الناشـر صاحب الاثنينية الأديب الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجة يقول: الأستاذ السيد عبد الله الجفري بما وهب من بلاغة وفصاحة وبيان، استطاع أن يحول هذا الكتاب الذي ينطق عنوانه بمحتواه، من مجرد سرد تاريخي، إلى ما يشبه القصة.. أو يحكي
(قصة حياة) الكاتب بشيء من التفاصيل التي تميل إلى الناحية العملية والوظيفية أكثر من كونه (مدونة) يوميات تجمع شتات ما حفلت به سنوات العمر .. وهو بهذا يخرج من سمت كتب ــ المذكرات ــ إلى الرصد الدقيق لمسار الكاتب المبدع في المؤسسات الصحافية التي عمل فيها منذ بواكير صباه، وحتى لحظة إنجاز هذا الكتاب.

عرف عن الأديب الأستاذ السيد عبد الله الجفري التزامه بمدرسته الخاصة في الكتابة، وحنجرته التي صاغها على مدى عقود ليقول كلمته وفق أسلوبه الخاص الذي يميل إلى الرومانسية حتى اصطبغ بها والتصقت به، وقد رآها البعض تهمة، مما حدا به إلى الإشارة إليها قائلا : «أعتز بهذه «التهمة» الجميلة التي تمنحني قدرة الانسكاب في وجدان كل قاريء وقارئة ينطقون باللغة الشاعرة» .. بهذه العبارة كرس الأستاذ السيد عبد الله الجفري (الرومانسية) أسلوبا يستمتع بنثره وكأنه ينظم درر كلماته عقود جمان يزين بها عمرا قضاه على «البلاط» .

بهذه الصفحات يلتفت الأستاذ السيد عبد الله الجفري ليقول كلمته محاولا بقدر وافر من الجرأة أن يعبر حقول التجربة متلفعا بما أشار إليه من ضرورة التمسك بالحلم على أساس أن (الحلم) هو الوجه المشرق للحياة ووقودها الذي يحترق لينتج نفسه من جديد متفرعا لحلم آخر في سلسلة لا نهائية تمثل تيارا من العطاء المتصل، واتكاءات تساعد المبدع ليمضي سريعا وسويا على الطريق الذي اقتنع به وإن شابته الكآبة وحلت في واديه سباع وضباع وآفات قد يبارزها، أو يهرب منها، لكنه لا يستسلم لها.

أهمية هذا (المشوار ) لا تقتصر على زاوية الحدث ورد الفعل، وإن كان ذلك مدعاة تأمل في حد ذات.. لكن الأمر يتعدى ذلك ليتأطر ذات المشوار في شكل حلقات أو دروس وعبر يفيد منها القاريء في كل مجالات الحياة، خاصة الراكضين على بلاط صاحبة الجلالة / الصحافة .. فالتاريخ إن لم يعد نفسه، إلا أنه قد يكرر بعض فصوله بشكل أو بآخر.. والدارس المتأمل لتجارب الآخرين تستوقفه إشارات وعلامات في الطريق: تسليه، أو تنسيه، أو تواسيه، أو تتألم معه.

إن (مدرسة) الأستاذ السيد عبد الله الجفـري الصحافية قمينة بتخريج أجيال ممن يحملون أمانة (الكلمة)، من زاوية أنها موقف، ورسالة، ومسؤولية .. فالصحافة لم تكن قط تسويد صفحات، وتصفية حسابات، بقدر ما هي نكران للذات في خضم تسابق محموم من أجل أهداف تنويرية، يتفاعل معها القاريء سلبا أو إيجابا.. فالصراع على صفحاتها وساحاتها ليس صراع مكسب أو خسارة، بل صراع تحديات متصلة تنمو، وتزهر، وتثمر .. وأحسب أن مبدع هذا العمل قد أدى دوره قدر المستطاع ليبرىء ذمته أمام محبيه. وليقول كلمته بكثير من الحميمية، والصدق، والعفوية، والجرأة .. ومثل سائر الأعمال الإبداعية يبقى هذا العطاء في إطار اتفاق أو اختلاف المتلقي مع المبدع، لكن تبقى القمم الإبداعية في شموخها تتحدى الزمن).

وإلى الغد لنرى ماذا يقول صديق العمر عبد الله عبد الرحمن الجفري عليه رحمة الله.

عكاظ 3/1/1431هـ