الله عليك ياملك!

بصوت واحد وهتاف جماعي انطلقت حناجرنا، تزغرد فرحا بمضمون البيان الملكي الذي كفكف دموع الحزن، وربت بيد رحيمة حكيمة على كتف المواطن المقهور والمكظوم والمحزون، وجاء كنسمة لطيفة خفضت حرارة مشاعر السخط على فساد المسؤولين عن كارثة الأربعاء الأسود، فانفرجت الأسارير وانطلق الهتاف مدويا: «الله عليك يا ملكنا، الله عليك يانصير المواطن الضعيف الذي افترسته سيول الأربعاء الأسود، الله عليك ياملك الإنسانية والرحمة والعدل» لا أستطيع سرد كل تلك العبارات التي أنهت الجدل العقيم حول الكارثة، الذي كان دائرا في اجتماعنا العائلي الذي تأجل إلى مساء الاثنين الماضي، المساء الذي انتشرت فيه التحذيرات من تسربات بحيرة المسك، فأصبحت هواتفنا مباحة للرسائل الإخبارية المتوالية، وأصبح كل منا محاطا بالقلق والخوف، ومستثارا بصورة محبطة، وهو يسرد الحكايات ويعرض صور المأساة كما سمعها أو قرأها متوترا بالألم ومشحونا بالآهات لشعوره بالعجز، وهو عجز إنساني طبيعي في مواقف الكوارث الكبرى.

في لحظة تغيرت الأحاديث، وأشرقت الوجوه بالفرح ونحن نستمع لكلمات المليك: «وإنه ليحز في النفس ويؤلمها أن هذه الفاجعة لم تأت تبعاً لكارثة غير معتادة على نحو ما نتابعه ونشاهده كالأعاصير والفيضانات الخارجة وتداعياتها عن نطاق الإرادة والسيطرة في حين أن هذه الفاجعة نتجت عن أمطار لا يمكن وصفها بالكارثية.

وإن من المؤسف له أن مثل هذه الأمطار بمعدلاتها هذه تسقط بشكل شبه يومي على العديد من الدول المتقدمة وغيرها ومنها ما هو أقل من المملكة في الإمكانات والقدرات ولا ينتج عنها خسائر وأضرار مفجعة على نحو ما شهدناه في محافظة جدة وهو ما آلمنا أشد الألم.» أجل هي هذه الحقيقة «غرقنا في شبر موية» لأن هناك من فرط في الأمانة، واستحل أموال الدولة وثقتها ولم يراع الله في عمله، ومع ذلك ألقيت المسؤولية على المواطن الذي يبحث عن مأوى على قد «لحافه» لكنه تحول إلى متهم! «الله عليك ياملك» صورت انفعالاتنا التي انتقلت بسرعة البرق من الإحباط والحزن الذي خيم على مدينة جدة في أهم المناسبات الدينية، عيد الأضحى والأجواء الربيعية،إلى حالة من النشوى والفرح: «الله عليك ياملك» خرجت من سويداء القلب، مغلفة بالحب لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبد العزيز، تبعتها الدعوات بأن يديم الله عزه ونصره، ويؤازره بالبطانة الصالحة، أما الحب الذي يملأ قلوب شعبه فهو حب صادق خالص لايشوبه مصلحة ولا نفاق، حب مكين ومستكين لأن قلب مليكنا أيضا عامر بالحب والخير والعدل، لذلك تأتي قراراته بلسما شافيا للجراح، مهما كانت عميقة ونزفها متدفقا، لأن القرار يصدر من القلب والعقل معا كما حدث في البيان الصادر يوم الاثنين 13/12/1430هـ الذي لم يغفل حرقة القلوب على ضحايا الغرق، فضمد جراح كل أسرة فقدت غريقاً بمليون ريال، ساوى بين أسر الشهداء وأسر الغرقى، هناك شهداء الذود عن الوطن وهنا شهداء الإهمال والفساد، ليس هذا فقط، بل أمره السامي بتكوين لجنة لتقصي الحقائق، لمعاقبة كل من فرط في المسؤولية وخان الأمانة معاقبة كائن من كان، هذه العبارة أطلقت تيارا من القشعريرة في بدني، لن يكون هناك كبير أمام القانون لن يحتمي مقصر ولا فاسد ولا مرتشٍ ولا جشع بمركز أو عائلة أو قبيلة أو قرابة أو أو أو....

ضع ما شئت من الأوّات، لا أحد فوق ولا تحت القانون وللجنة كل التسهيلات للقيام بمهمتها الجليلة بعد أن وضع في ذمتها الأمانة فهي لا بد وبكل تأكيد ستهتدي إلى كل المسؤولين عن كارثة الأربعاء الأسود!
لخص أمير منطقة مكة المكرمة كل الجدل الدائر في الصحف وفي الحوارات بمستوياتها في أربعة أسباب رئيسية وهي: - السيول الطبيعية
2- إقامة الأحياء في بطون الأودية ومجرى السيل
3- تأخر تنفيذ مشاريع الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار
4- خلل التخطيط والتنفيذ والتطبيق

المدينة 18/12/1430هـ