نعم .. هذا هو خادم الحرمين !!

لعلنا من فرط حبنا ، وكبير تعلق آمالنا بوالدنا ووالد الجميع خادم الحرمين الشريفين ، الملك عبد الله بن عبد العزيز ، انتظرنا بفارغ الصبر السماع منه حفظه الله حول الكارثة المروعة التي تعرضت لها الأحياء الجنوبية الشرقية من مدينة جدة ، ولكن صدور أمره الكريم لمواجهة تبعات ما جرى بث في نفوسنا فرحاً كبيراً ، وفسّر لنا سبب الوقت الذي مضى قبل صدوره ..


فقد اشتمل الأمر على ما يدل على إحساسه العميق ومتابعته - وفقه الله- لما جرى ، وتشخيص دقيق للحالة ، وتسليط للضوء على أوجه القصور –لا كما درج عليه المسئولون من تنصل من المسئولية - ، وحرصاً على معرفة حقيقة أسباب ما جرى .. فقد تضمن الأمر كلاماً صريحاً وواضحاً يؤكد على براءة الأمطار والسيول ككوارث طبيعية ، في التسبب بهذه الفاجعة ، وأن هناك قصوراً وتقصيراً هو الذي أدى إلى مضاعفة الخسائر إلى حد الكارثة . حيث جاء في الأمر «وإن من المؤسف له أن مثل هذه الأمطار بمعدلاتها هذه تسقط بشكل شبه يومي على العديد من الدول المتقدمة وغيرها ومنها ما هو أقل من المملكة في الإمكانات والقدرات ولا ينتج عنها خسائر وأضرار مفجعة على نحو ما شهدناه في محافظة جدة وهو ما آلمنا أشد الألم».

وركّز الأمر الكريم على مسألة المحاسبة وأفرد جزءاً كبيراً من ديباجته للحديث عنها ، ومما جاء في هذا السياق قوله حفظه الله «فإنه من المتعين علينا شرعاً التصدي لهذا الأمر وتحديد المسؤولية فيه والمسؤولين عنه - جهات وأشخاصاً - ومحاسبة كل مقصر أو متهاون بكل حزم دون أن تأخذنا في ذلك لومة لائم تجاه من يثبت إخلاله بالأمانة ، والمسؤولية الملقاة عليه والثقة المناطة به»

لذلك فإننا نتطلع أن تخلص اللجنة إلى تحديد المسئوليات بشكل دقيق ، حيث إن هناك عدة جهات يؤدي تقصيرها في أداء الأمانة التي تحملها في حدوث مثل هذه الكوارث ، غير تلك التي تركز حديث الصحافة حولها ، وهي أمانة مدينة جدة ، منها وزارة المالية ، وهي المعنية باعتماد الميزانيات اللازمة لإنجاز مشاريع البنى التحتية في مدينة جدة ، والتي تم عرض جانب من تعاطيها مع احتياجات جدة ، أثناء اللقاء الذي جمع أهالي جدة بسمو النائب الثاني وفقه الله في رمضان الماضي ، حيث لا يتم اعتماد سوى عُشْر المطلوب في بعض الحالات. وبالمناسبة الآن يدور همس حول تلكؤ الوزارة في صرف التعويضات للمتضررين ، ونرجو أن لا ينسحب ذلك على التعويضات التي أمر بها خادم الحرمين لذوي شهداء سيول جدة ، ومحاسبة المسئولين فيها إن حصل..

ومنها الجهات الرقابية ، مثل ديوان المراقبة العامة ، وهيئة الرقابة والتحقيق ، يترتب عليها مسئوليات بسبب دورها في مراقبة تنفيذ المشروعات خلال العقود الثلاثة الماضية ..

وأيضاً وزارة الشؤون البلدية والقروية ، عليها مسئولية تجاه ما جرى باعتبار صلاحياتها ومسئولياتها تجاه أمانة مدينة جدة ، وتجاه متابعة أداء الأمناء الذين تعاقبوا على الأمانة خلال العقود الماضية ..

وجهات أخرى تتحمل أجزاء من المسئولية ، لا نشك في أن اللجنة ستنتهي إلى كشفها ، لتتم محاسبتها كما أمر خادم الحرمين الشريفين ، فقد تجاوزنا - بإذن الله وبحسب مضامين الأمر الملكي الكريم - مرحلة المعالجة على طريقة عفا الله عما سلف ، فالفاجعة أليمة ، والمصاب جلل ..

أختم هذا التعليق العاجل على أمر خادم الحرمين الشريفين بأن أقول بصدق بإنني عاجز عن التعبير عن فرحي وشكري وتقديري لخادم الحرمين لصدور بيانه وأوامره الكريمة .. وأدعو الله بأن يسدده ويشد عضده بإخوانه ومعاونيه وبرجال صالحين يدلونه على الحق دائماً ..

مع صادق التعازي والمواساة للمتضررين من أهلنا في جدة في مصابهم ، ونسأل الله أن يخفف عنهم ، وأن يلهمهم الصبر وأن يعوضهم خيراً.

المدينة 14/12/1430هـ