جامعة أم القرى: انطلاقة جديدة

من الممارسات الطبيعية في المؤسسات التعليمية الرائدة اختيار شخص من خارج المؤسسة لقيادتها، لعدة أسباب منها حياديته المطلقة، فلا هو محسوب على هذه الكلية أو تلك، فلا تضييق ولا محاباة. ومنها الروح الجديدة واللمسة الطازجة التي تهب المؤسسة انطلاقة مختلفة وتوجهًا جديدًا.

والأمثلة على ذلك كثيرة، فهذا الدكتور روبرت شيلتون تم اختياره رئيسًا لجامعة أريزونا، نقلاً من وظيفته السابقة نائبًا تنفيذيًّا لرئيس جامعة كارولينا الشمالية في مدينة شابل هيل. وهذه الأستاذة القديرة الدكتورة دور جيبلين فوست ترأس جامعة هارفارد، نقلاً من وظيفتها الأكاديمية داخل الجامعة، لكن بعد 25 سنة قضتها في جامعة بينسلفانيا. والدكتورة ماري كولمان ترأست جامعة ميتشجن، نقلاً من وظيفتها السابقة رئيسة لجامعة آيوا.

طبعًا هذه الاختيارات لا تعني أنها الحل الأمثل، لكنها قد تكون هي الأفضل من بين الخيارات المطروحة، بالنظر إلى وضع المؤسسة التعليمية. وجامعة أم القرى ضربت مثلاً محليًّا آخر عندما تم اختيار معالي الدكتور وليد أبو الفرج من خارج الجامعة ليتسلّم زمام قيادتها. ولا ريب أن جودة الاختيار تعتمد على قدر القيمة المضافة التي يمثلها القادم الجديد.

ويوم الخميس الماضي قرأتُ في أحد المواقع الإليكترونية عن انعقاد ورشة العمل الثانية لرسم الخطة الإستراتيجية لجامعة أم القرى، بحضور مدير الجامعة، ووكلائها، وعماداتها المساندة، والمعاهد العلمية، وهو -على حد علمي- توجّه مختلف لدى الجامعة، يُحسب لقيادتها الجديدة التي تسعى لإشراك كل المستويات الإدارية الأكاديمية في عملية اتّخاذ القرار بشأن مستقبل الجامعة تخطيطًا، وتطويرًا، وتحديدًا للأولويات، وترتيبًا لها، وسعيًا لتحقيقها.

وسرّني ما علمته عن الحماس الذي أبداه المشاركون في الورشتين الأولى والثانية، ففي النهاية هي جامعتهم التي يحبون ومؤسستهم التي بها يفتخرون. ولئن كانت أولى عتبات النجاح هي (التخطيط أولاً)، فإن خير التخطيط ما يبدأ بالإستراتيجي، فهو وإن كان تنظيرًا في شكله العام، إلاّ أنه يشكّل معالم واضحة في الطريق، ومشاعل نور في ظلمة الحيرة والتردد.

نجاح الجامعة يكتبه رجالها ونساؤها، لكن تظل القيادة الواعية المحرّك الأول الذي يدفع بالنجاح في كل اتجاه.

المدينة 1/12/1430هـ