الحجــاج وفـــد الله

اليوم وقد هل شهر الحج الذي حل فيه ضيوف الرحمن بالحرمين الشريفين مستمتعين بما وفرته حكومة خادم الحرمين الشريفين من تسهيلات تيسر لهم أداء فريضة الحج، تنشط جميع الجهات والمرافق المختصة لتحضير الاستعدادات لتصعيد الحجاج إلى المشاعر المقدسة لأداء الفريضة التي كتبها الله على كل مسلم مرة في العمر بقوله تعالى: «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه برواية الإمام البخاري رحمه الله قال: «خطبنا رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ فقال: يا أيها الناس إن الله كتب (أي فرض) عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها الرجل ثلاثاً، فقال ــ صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه».

وعن ابن عباس رضي الله عنهما فيما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم قال: «خطبنا رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ فقال: يا أيها الناس كتب عليكم الحج، فقام الأقرع بن حابس وقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا الحج إلا مرة، فمن زاد فهو تطوع».

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «جاء رجل من الأنصار إلى النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ فقال: يا رسول الله كلمات أسأل عنهن؟ فقال النبي ــ صلى الله عليه وسلم: إن شئت أخبرتك عما جئت تسألني، وإن شئت تسألني وأخبرك، فقال: لا يا نبي الله أخبرني عما جئت أسألك؟ فقال: جئت تسألني عن الحاج ما له حين يخرج من بيته وما له حين يقوم بعرفات؟ وما له حين يرمي الجمار؟ وما له حين يحلق رأسه؟ وما له حين يقضي آخر طواف بالبيت؟ فقال: يا نبي الله والذي بعثك بالحق ما أخطأت مما كان في نفسي شيئاً، قال: فإن له حين يخرج من بيته أن راحلته لا تخطو خطوة إلا كتب له بها حسنة أو حط عنه بها خطيئة فإذا وقف بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا فيقول: انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً اشهدوا إني قد غفرت لهم ذنوبهم وإن كانت عدد قطر السماء ورمل عالج، وإذا رمى الجمار لا يدري أحد ما له حتى يتوفاه الله يوم القيامة فإذا قضى آخر طواف بالبيت خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».

وفي ما روى الإمامان البخاري ومسلم رحمهما الله: «أن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». وخرج الطبراني بإسناده عن عبد الله بن جراد رضي الله عنه قال: «قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم: حجوا فإن الحج يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدرن». وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «سمعت رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ يقول: ما يرفع إبل الحاج رجلا ولا يضع يداً إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة أو رفعه درجة».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال: «اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج». وخرج البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم: الحجاج والعمار وفد الله عز وجل يعطيهم ما سألوا ويستجيب لهم ما دعوا، ويخلف عليهم ما أنفقوا الدرهم بألف ألف».

والحاج مأمور برفع صوته بالتلبية، فقد روى ابن ماجه والحاكم بإسناد صحيح: «أن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال: جاءني جبريل فقال: مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها شعار الحج».

وللحاج أن ينفق ما استطاع لما صح عن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ القائل: «النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله الدرهم بسبعمائة» .فاللهم تقبل من ضيوفك واغفر للجميع.

عكاظ 1/12/1430هـ