رجال تمتلئ نفوسهم حباً ونقاء

في تلك الحقبة الماضية والتي عشناها واقعا جميلا وأمام أعيننا منظر أولئك الرجال الذين تمتلئ نفوسهم صفاء ونقاء ومحبة وبعد ان استقر ذلك الرجل الصالح في مهبط الوحي ومنبع الرسالات السماوية مكة المكرمة بدأت علاقاته تتوطد داخل المجتمع المكي وبين رجالاته وكنت اعرف تلك العلاقات التي كانت تربطه مع اولئك الرجال الذين فقدناهم ومحورها الصدق والحب، رجال كانوا كما كنت اسمع دائما من ذلك الرجل الصالح عندما كنت أتحدث معه فأقول له، جميل ان تسمع بالرجال ولكن الأروع أن تجلس وتخالط الرجال فيقول لي اولئك لا يصدون عنك بل يبسطون وجوههم بشرا وسرورا والعم عبدالعزيز محضر رحمه الله رحمة الابرار والصالحين احد اولئك الرجال الذين ربطتهم علاقة محبة مع رجال مكة وكانت اول مقابلة اعرف فيها العم عبدالعزيز محضر في منزل الاستاذ احمد كعكي رحمه الله ولامست اذني تلك القصيدة التي بدأ بها وتقول مطلعها:
يالله ارحمنا وانت مولانا يا الله واقبلنا مالنا غيرك

وهي قصيدة طويلة كلماتها جميلة ويتقنها العم عبدالعزيز. وكنت جالسا بجوار رجل الفضل الشيخ عبدالله بخش رحمه الله تعالى وكنا نتحاور عن كلمات هذه القصيدة وايضا لقد سمعت من العم عبدالعزيز ذلك الفن الجميل (الصهبة) وهو يشدو بها ويحفظ من مقاماتها الشيء الكثير بكل التفاصيل في العديد من المناسبات، تلك الفترة والحقبة نذكر فيها كثيرا من الاسماء التي رحلت الى دار البقاء وتركوا فراغا كبيرا وفيهم من الوفاء ما يسطر ويكتب بماء الذهب، نعم لقد كان العم عبدالعزيز من الرجال الذين تأنس للجلوس معهم رحابة صدره واتساع افقه وهكذا هم اهل مكة جيران البيت الحرام يعرفون قيم الوفاء والصدق والاخلاص في المحبة والقيام بحق الصحبة وهذا ديننا يعلمنا تلك الاخلاق التي كانوا عليها ويتحلون بها، ونحن نعرف وندرك ان مرور الزمن كفيل بمحو الذاكرة، ولكن هناك مساحة مضيئة تحتفظ بها الذاكرة وفيها كثير من العطاءات الانسانية والذكريات لمن اكرمهم الله عز وجل وسخرهم فوهبوا وقتهم وجهدهم لمن يعرفون ومن لا يعرفون حبا وصفاء.

* رسالة: إن إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في عام 2003م ومشاركة كثير من رجال الدين والأكاديميين يمثلون ولأول مرة مختلف الاتجاهات المذهبية في السعودية، وناقشوا قضايا الوحدة الوطنية ودور العلماء في ترسيخها لهي خطوة مباركة ونرى ان البدايات القديمة لهذه الفكرة العملاقة تمت في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله ثم كانت الفكرة الرائدة في نفس اكثر ابنائه فانتجت لنا اعظم وحدة في التاريخ الحديث بقوة الارادة وتوافق مصالح الحوار الوطني لوطن قادر على اعطاء ابنائه كل محفزات التقدم بعيدا عن الوقوع في مهاوي الغلو والتطرف والتعصب. وجاء دور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكانت عيناه مفتوحتين فجعل -حفظه الله- قضايا الحوار الوطني ضرورة من ضرورات المرحلة، التي أسست لثقافة المصارحة والمكاشفة وتبادل الرأي والنقاش والجدال بالتي هي أحسن، بمشاركة كل فئات المجتمع. وكان مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على مستوى المسؤولية والتحدي، فقد جسد بحمدالله ثم بما توافر له من رعاية سامية ومباركة من لدن خادم الحرمين طموحات المجتمع السعودي من خلال آفاق الحوار بالرأي والراي الآخر.

المدينة 17/11/1430هـ