الدكتور الحارثي .. أضعناه حياً فكيف ننصفه ميتاً؟؟
* انتقل الى رحمة الله -فجأة- عالم الآثار السعودي الدكتور ناصر الحارثي، وكنا نتطلع من اعلامنا وصحافتنا ان تنصفه قبل رحيله وخصوصاً ان هذا العالم قد اشتغل في ميدان علمي نخاله هامشياً او ثانوياً -ولاسباب لا داعي للتفصيل فيها- وتخاله الامم المتقدمة ريادياً.
* الفقيد الحارثي نشر ما يقرب من 30 كتاباً وفي مقدمتها موسوعات علمية مثل موسوعة الاثار الاسلامية في محافظة الطائف، والمعجم الاثري لمحافظة الطائف، وكذلك عمله الموسوعي المتميز والموسوم (الاثار الاسلامية في مكة المكرمة) والذي جاء فيما يقرب من 800 صفحة، وغيره من الاعمال الاخرى.
* ومعلوم في عالمنا ان العالم الذي يتوطن نفسه حب المعرفة وتقصي الحقيقة يعتمد بدرجة كبيرة على جهوده الذاتية بينما تتسع دائرة الاعمال الموسوعية في الغرب لتشمل اعداداً كبيرة من الباحثين ومساعديهم وطلابهم.
* واذا كانت وسائل الاعلام في بلادنا قد قصرت في حق العالم الاثري في حياته فاننا نتطلع منها الى دور تثبت من خلاله ان عملها ينصب على قيمة الدكتور “الحارثي” العلمية بعيداً عن الجري وراء الاثارة الصحافية المنصبة على ظروف موته المفاجئ وكلها تخرصات كما ذكر بعض افراد العائلة المكلومين بفقده.
* حياة الدكتور “الحارثي” ذكرتني بحياة عالم الاثار والتاريخ في المدينة المنورة الشريف ابراهيم العياشي الذي كان يقضي الايام بعيداً عن اهله في وديان الميادين وجبالها بحثاً عن مواقع الاثار في الماضي ومقارنتها بالادلة والشواهد بموقعها الحالي ولم ير كتابه الهام في تاريخ المدينة والموسوم (المدينة المنورة بين الماضي والحاضر) النور الا قبل رحيله بسنوات قليلة وظلت الكثير من اعماله مخطوطة واخال ان دارة الملك عبدالعزيز قد تنبهت الى قيمة هذه المخطوطات فاولتها عناية خاصة -وهو جهد يحمد لزميلنا معالي الدكتور فهد السماري امين عام الدارة- ولعلها مناسبة ملائمة اتوجه فيها الى جامعة ام القرى والتي يقف على هرمها انسان مثقف وهو معالي الدكتور وليد ابو الفرج وكذلك لكل من نادي مكة ونادي الطائف الادبيين لتبني مشروع العالم الحارثي الكبير عن الاثار في بلادنا ووضعه امام الاجيال الحاضرة لترى حجم التضحيات التي قدمها هذا الانسان الفذ لوطنه وتاريخه ومعالمه واثاره الجديرة بالدراسة والصون والرعاية .
المدينة- الثلاثاء 24/10/1430هـ