أخطاء متداولة.. وقفات للمراجعة

قبل أكثر من ثلاثين عامًا، وتحديدًا على طريق جدة/مكة القديم، وبعد دخول منطقة الشميسي ببضعة أمتار، كنا نشاهد لوحة مكتوبًا عليها “بلدة طيبة ورب غفور”، فاقترن في أذهان كثير من الناس بأن المقصود بها مكة المكرمة -شرفها الله- والآية في الحقيقة تعني بها سبأ في اليمن.

كذلك الحال فيما درج عليه الناس عند التهنئة بقدوم رمضان، أو الاعياد فيرددون “كل سنة وأنت طيب”.. وللتصحيح فقط إن العام والسنة يطلقان على زمن واحد، من حيث عدد الشهور، لكن المتعارف عليه استخدام “عام” حيث إنها مقترنة بالحياة الطيبة، والرخاء، والسرور، والتفاؤل، بينما “سنة” وردت مقترنة بالقحط، والمجاعة، والإنذار بانقطاع الغيث، وقد وردت في أكثر من موضع في القرآن الكريم، ولهذا فمن المناسب القول “كل عام وأنتم بخير”.

كما أن فروقًا بسيطة ينبغي معرفتها بين مكة وبكة، يقول المولى سبحانه: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ)، ويقول سبحانه: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ)، وما أردت إيضاحه أن بكة غير مكة، فبكة هي جزء من مكة، وهي بطن مكة، أي منطقة المسجد الحرام والكعبة المشرفة وما حولهما، أمّا مكة فهي كل المدينة من الكعبة المشرّفة إلى البطحاء، حتى تسمية مكة المكرمة بأم القرى قد لا تكون مناسبة، فقد وردت في القرآن على شكل الإنذار (لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)، وإن كان يُقال إنّها سُمّيت أم القرى لأنها سرة الأرض، وقبلة كل قرية.

كذلك الحال في تسمية المدينة المنورة بيثرب، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث: (يقولون يثرب وهي المدينة)، ومعناه أنهم يسمّونها يثرب، وأنا أُسمّيها المدينة. يقول عيسى بن دينار: ويُقال إن مَن سمّاها يثرب كُتبت عليه خطيئة، وفي كل الأحوال فتسمية يثرب كانت قبل الإسلام، أمّا بعد الإسلام فإن اسمها طيبة، وطابة، والمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم.

بعض المسمّيات القديمة تطغى أحيانًا على أذهان الناس.. ففي أحد الأحياء بمكة وهي المنطقة التي يقع فيها انتركونتننتال كانت تُسمّى (أم الدود)، إلى أن أُقيمت إحدى المناسبات برعاية الملك فيصل -يرحمه الله- فأطلق عليها (أم الجود)، إلاَّ أن بعض القدامى لازالوا يستخدمون المسمّى القديم،

وكذلك الحال في التسمية الجديدة لشارع التحلية بجدة، والرياض، فقد تم تغييره إلى شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز، ومع هذا فلا زالت التسمية القديمة هي السائدة لرسوخها في أذهانهم، لكن الدليل الإرشادي (Navigator) لا يعترف إلاَّ بالاسم الجديد المزوّد من القمر الصناعي.

واختم بالخطأ الشائع في استخدام مبروك، ففي المعجم الوسيط “بارك الله الشيء وفيه وعليه: جعل فيه الخير والبركة، فهو مبارك. وجاء أيضًا: برك البعير: أناخ في موضع، فلزمه. فالأمر مبروك عليه. فقل إذن: نجاحك مبارك، ولا تقل نجاحك مبروك. وقل إذن: بيتك مبارك، وعيدكم مبارك، ولا تقل مبروك عليكم مع خالص الأمنيات.

المدينة 18/9/1430هـ