الوداع الأخير للعقاد الصغير!

فجعت يوم الأربعاء 1430/8/28هـ بالنبأ الحزين الذي نقله إلي هاتفيا الزميل الصحفي (الكاتب خالد الحسيني) عندما باغتني بإبلاغي بوفاة المخرج الإعلامي الابن عصام حسن رواس فهتفت دون ترو قائلا: يا الله رحمتك.. وكيف كان ذلك؟

لقد كان الفقيد الشاب ملء السمع والبصر بيننا في مكة المكرمة وكنا على تواصل دائم معه وقد عرفناه شغوفا بالأدب العربي ورواده واقتناء كتبه والبحث عنها بعشق وجدية واهتمام، لاسيما كتب عملاق الأدب العربي الأستاذ عباس محمود العقاد (رحمه الله)، الذي ظل الابن عصام رواس معجبا به مرددا أقواله التي يحفظ بعضها عن ظهر قلب، بل إنه عندما مارس الكتابة الأدبية والثقافية قبل أعوام في ملحق الأربعاء كان ينافح عن أستاذه العقاد ولا يقبل من أحد أن يقارنه بأي رائد آخر من رواد الأدب العربي بل وينفي عن أسلوب العقاد مزاعم الذين يدعون أنه معقد ويرى أنه أسلوب راق جدا وأن صاحبه مدرسة فكرية وأدبية وفلسفية مميزة وهو كذلك حقا،

وكان لايدع مقالا أو كتابا أو بحثا ذكر فيه العقاد إلا ثابر من أجل الحصول عليه والاطلاع على ما فيه فإن وجد فيه جديدا فرح بما وجد وإلا أعلن أنه لم يجد فيما اطلع عليه أي جديد نظرا لسعة اطلاعه على حياة ومؤلفات الأستاذ الكبير، وقد بلغ به إعجابه بالعقاد حد الوله به حتى لقبه أصدقاؤه ومن حوله بلقب (العقاد الصغير)، وقد قرأت في تلك الفترة للابن عصام رواس مقالات نقدية وفكرية تدل على وعي وثقافة وفكر وقدرة على الكتابة بأسلوب ممتع وقوي، فنصحته أن يواصل الكتابة لأنه في نظري سيكون له شأن أدبي ولكن عصاما لم يأخذ بنصحي لأنه ملول ومحب للقراءة أكثر من حبه للكتابة وما يصاحبها من شهرة متوقعة لمثله واكتفى بالعمل الرسمي مخرجا إعلاميا مميزا في التلفاز وهذه الكلمة هي وداع أخير للعقاد الصغير!
فهو الآن عند رب رحيم غفور.

عكاظ 1430/9/1هـ