التطوير غاية ولكن؟
كانت الدولة ـ وفقها الله ـ تقوم بمفردها حتى عهد قريب، بفتح الشوارع الجديدة وتوسعة الشوارع القديمة وإزالة أجزاء من الأحياء العشوائية نتيجة توسعة أو فتح تلك الشوارع، وكان ما ينزع من ممتلكات لصالح مشاريع التوسعة والتحسين والتطوير ينطبق عليه قاعدة نزع الملكية للمنفعة العامة، وكانت التعويضات المقدمة لأصحاب العقارات المنزوعة تصرف من خزينة الدولة، ثم رأت جهات الاختصاص أن تسمح للقطاع الخاص بالمشاركة في تطوير الأحياء العشوائية عن طريق تنفيذ مشاريع استثمارية في المناطق المستهدفة بالتطوير، فرحب المجتمع بهذه الخطوة الطيبة، لما لها من أثر إيجابي على المدن والمحافظات وتخليصا لها من الأحياء والمناطق العشوائية.
ولكن المجتمع نفسه لم يجعله تحمسه واستحسانه لفكرة مشاركة القطاع الخاص والمستثمرين في تطوير العشوائيات، ينسى أن يتم كل ذلك بوسائل عادلة ومنصفة ومقبولة لأن الملكية الخاصة محترمة في الإسلام، ولذلك فإن الاستثمارات التي أخذت في حسبانها تطبيق وسائل العدالة والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه دون ادعاء أو «هنجمة»، نالت رضى وقبول المجتمع ونال القائمون عليها الدعاء الصالح من أفراد المجتمع وقيل لهم بورك فيكم وفي أعمالكم وفي استثماراتكم، وقد نالت مشاريعهم بركة الدعاء وتسهلت أمورها ومضت خطوات إلى الأمام وأينع بعضها وحان قطافه، ومن تلك المشاريع مشروع تطوير جبل الكعبة، المطل على المسجد الحرام من الجهة الشمالية الغربية الذي تبنته مؤسسة عبد اللطيف جميل رحمه الله وبارك في أبنائه وبناته وعلى رأسهم القائم على شؤون هذا المشروع الأستاذ يوسف جميل، وهناك مشاريع جديدة آخذة بالنهج نفسه مثل درب الخليل وطريق الهجرة والشامية وجبل المصافي في العاصمة المقدسة، وقبل هذه المشاريع كان هناك مشروع روابي أجياد، ولم نسمع حتى الآن شكاوى أو تظلمات أو ادعاءات حول هذه المشاريع الاستثمارية، وإن حصل شيء من ذلك فلابد من معالجة أي شكوى معالجة شرعية عادلة، لأن عملية التطوير وإن كانت غاية إلا أن وسائل تحقيقها لابد أن تكون مشروعة، وهذه القاعدة يجب مراعاتها فعلا لا قولا عند السماح للقطاع الخاص بعمليات الاستثمار في مجال العقار، حفاظا على الحقوق الخاصة والعامة، والله الهادي إلى سواء السبيل
المصدر / جريدة عكاظ 29/7/1430هـ