أين المطوفة ؟

بالأمس ذكرت بعض النقاط التي يعاني منها المنتسبون لمؤسسات الطوافة، واليوم سوف استكمل تلك المعاناة على أمل أن تلتفت الجهات المعنية لما يدور في هذه المؤسسات، لأن أي خلل بها سيلحق بالبلد كاملا وليس المؤسسات ذاتها، وسوف أبدأ اليوم بمقولة (من أجل عين تكرم مدينة) وهو المثل الذي يفتح باب المجاملات على الواسع؛ حيث تقوم بعض مؤسسات الطوافة بمجاملة العديد من الجهات العاملة وذات العلاقة بالحج باستضافتها في مخيماتها في المشاعر المقدسة، وفي المربعات المخصصة لحجاج المؤسسة الأصليين ،والمساحات التي تتناسب والأعداد التي تقوم بخدمتهم المؤسسة من الحجاج القادمين إليها. الأمر الذي يؤدي سنويا إلى تضييق تلك المساحات على الحجاج الموزعين على المؤسسة أصلا، الذين دفعوا ثمنا باهظا لسكناهم الأمر الذي يضطر معه المطوف مجبرا من قبل المؤسسة على تسكين أكثر من ستة عشر حاجا في خيمة واحدة؛ وبالتالي مجازاته بالإيقاف والغرامة من قبل الجهات الرقابية أثناء جولاتها التفقديه على المخيمات للتفتيش ومتابعة مستوى الخدمة المقدمة للحجاج. وهم بالطبع من غير التابعين للمؤسسة بسبب تكدس الحجاج في اعتقاد منهم أنه إجراء من قبل المطوف الهدف منه توفير مساحات لتسكين أكبر عدد ممكن من الحجاج بهدف الربح ليس إلا من قبل المطوف الذي لاناقة له ولاجمل في عمليات الاستضافات والمجاملات التي تقوم بها المؤسسة.

وفي ظل الاجتهادات الفردية وغياب العمل التنظيمي الجيد والذي يفترض أنه يجمع جميع هذه المؤسسات تحت مظلة واحدة قامت بعض المؤسسات بإنشاء قسم نسائي داخلي مستقل داخل مجالس إدارات هذه المؤسسات، في حين أن هناك مؤسسات ترفض تماما التعليمات والتوجيهات التي تصل إليها في مثل هذه المبادرات بالنظر إلى أن هناك مؤسسات تتجاوز أعداد مطوفاتها أكثر من خمسين في المائة من أعداد المطوفين وهناك مؤسسات أتاحت للمرأة المطوفة مجالا للمشاركة في العمل خلال الموسم وهناك مؤسسات اختصرت هذه المشاركة على لجنة نسائية مكونة من عشر مطوفات جلهن من المقربات للمسؤول الأول في المؤسسة وتنحصر مهامها في زيارة المستشفيات للحاجات المرضى، ومازالت حتى هذا التاريخ مؤسسات متمسكة باللاءات الثلاثة الشهيرة (لا) لحضور المطوفة للتصويت في الجمعيات العمومية أو انتخابات مجالس إدارات هذه المؤسسات (لا) لمراجعة المطوفة لقضاء وإنهاء معاملاتها لدى إدارة المؤسسة (لا) لمشاركة المرأة في العمل فعليا خلال موسم الحج وأما الـ (لا) الشهيرة فهي لا افتتاح أو إنشاء قسم نسائي . والمصيبة الكبرى مايصرح به مسؤولو هذه المؤسسة من أن للمرأة المطوفة مشاركة فاعلة في خضم أعمال المؤسسة لكننا لانعلم عن ماهية هذه المشاركة .

فمن أجل حضور الجمعية العمومية تحتاج المطوفة إلى توكيل من ينوب عنها توكيلا شرعيا، ومن أجل العمل خلال موسم الحج تحتاج المطوفة إلى توكيل من يعمل عنها توكيلا شرعيا وشريطة أن يكون محرما لها وهذا يضع المطوفات سنويا في متاهات ومساومات وأمور يخجل المرء من ذكرها من مساومة على نسبة المكافأة حيث إن المؤسسة تصرف شيك المكافأة مناصفة بين المطوفة وبين وكيلها وفي الواقع نادرا مايوافق الوكيل الذي ينوب عنها وأغلبهم يشترطون قرابة خمسة وسبعين في المائة من قيمة المكافأة والخمسة والعشرين الباقية هي للمطوفة عدى أنه ومن الأساس تجهد المطوفة وتلاقي ماتلاقيه من عناء في عملية البحث عن هذا الوكيل في صورة من أبشع صور الإهانة للمرأة وللأسف الشديد.

كما يلاحظ انعدام التدريب العملي تماما للجيل القادم من أبناء وأحفاد المطوفين، خاصة المؤهلين منهم، بل إن بعض مؤسسات الطوافة منعت منذ العام الماضي قبول طلبات المشاركة لأحفاد المطوفين الذين يمثلون نواة حقيقية للجيل القادم من أبناء المهنة. من المطوفين في حين أن مشاركتهم كانت تمثل تدريبا عمليا، وواقعيا لمجريات سير العمل في مهنة الطوافة، وفي قرار فردي كذلك، وفي المقابل نجدها تتعاقد مع إحدى شركات التوظيف لتزويد المؤسسة بالعمالة الوظيفية اللازمة، وفي إجراء إداري متناقض تماما والهدف منه على حد ماتناقله المطوفون هو فقط إشعار الجهات العليا بأن مؤسسات الطوافة تطبق الأساليب التجارية في عملها، بيد أن مهنة الطوافة يجب أن تبتعد تماما عن هذا المنطق في خدمة ضيوف الرحمن أليس كذلك ياوزارة الحج .؟

عكاظ 16/7/1430هـ