القراء الأعلام في البلد الحرام

في محكم التنزيل يقول رب العزة والجلال بسورة الإسراء: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)، وفي موضع آخر بالسورة نفسها يقول الحق سبحانه وتعالى: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً).

وفيما روى الإمام أحمد وابن ماجه والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله أهلين من الناس. قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته».

وفي كتاب وضعه الدكتور أحمد بن محمد المغربي عن قارئي القرآن بمكة المكرمة بعنوان: «القراء الأعلام في البلد الحرام.. من القرن الأول حتى نهاية القرن السابع للهجرة النبوية»، يقول في المقدمة: كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقرئ أصحابه ويعلمهم ما ينزل عليه من القرآن لثلاث عشرة سنة، هي الفترة المكية من بعثته الشريفة حيث نزل ما يقرب من ثلاثة أرباع سُور القرآن، أو ما يقرب من ثلثيه حسب المقدار الكمي.

وسجل تاريخ المسلمين أن السابقين الأولين منهم كانوا يقرئون بعضهم بعضاً القرآن، ففي قصة اسلام عمر بن الخطاب أن خباب بن الأرتّ كان يقرئ فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد رضي الله عنهم سورة طه من صحيفة مكتوبة.

أما القراء الأعلام من السابقين الأولين، فأشهرهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم».

وقد اتبع المؤلف في كتابه طريقين:

الأول:
يتعلق بالجانب التاريخي للمترجم له، بذكر المعلومات الهامة المتوفرة عن سيرة حياته، مما يتعلق باسمه وشهرته وكنيته وسنة وفاته، على أن يكون المترجم له من أهل مكة، أو ممن استقر وأقرأ القرآن بها. وبذلك فلم يترجم لكثير ممن أقرأ القرآن في المسجد لفترة وجيزة مثل: محمد بن صالح المري البصري، مع أنه روى الحروف سماعاً عن شبل بن عباد وروى القراءة عنه عرضاً ابن أبي بزة، وكذلك الإمام ابن الجزري لأنهما لم يستقرا بمكة إلا مؤقتاً.

كما ترجم لبعض أهلها الذين تلقوا فيها القرآن وأقاموا بها، وإن يكن قد استقروا في آخر حياتهم في غيرها. ولم يترجم لمن أقام بها -ولو طويلاً- لطلب العلم ثم رجع إلى بلاده، مثل ابن ثعبان البكي.

الثاني:
الجانب العلمي للمترجم له، وأسماء شيوخه الذين تلقى عنهم الذكر الحكيم، وتلاميذه الذين عرضوا المصحف عليه أو رووا عنه أو سمعوا قراءته، في غير التزام بالتفريق بين العرض والسماع والرواية».

فجزى الله المؤلف خيراً وعساه يتبع هذا الجزء بالجزء الثاني عن القراء بالبلد الحرام من بعد القرن السابع لعصرنا الحاضر، والشكر لأخي الأستاذ عبدالرزاق حمزة الذي أهداني نسخة من الكتاب.