مكة و حجة الخبراء الأجانب

كتب الأستاذ عبد الله خياط في زاويته مع الفجر في عكاظ الأحد 22/5/1422هـ ، يحث الشيخ عبد الرحمن فقيه على إنشاء الكلية الفندقية الأولى التي يعتزم إنشاءها ، و رصد لها حوالي 54 مليون ريال ، بجدة بدلاً من مكة المكرمة ، و ذلك بحجة الخبراء الأجانب الذين برعوا في علوم الفندقة ، و الذين لن يتمكنوا من العمل في مكة المكرمة .

و نسي الأستاذ عبد الله أن الخبراء الأجانب برعوا في شتى المجالات و ليس الفندقة فقط ، فهل يعني هذا أنه مطلوب من رجال الأعمال في مكة المكرمة عدم تأسيس أية مشاريع كبرى بحجة الخبراء الأجانب ، و هل كان مثلاً على الشيخ عبد الرحمن فقيه أن يؤسس شركة مكة للإنشاء و التعمير في جدة لكي يضمن لها النجاح ، بسبب إمكانية الاستفادة الخبراء الأجانب الذين برعوا في مجال البناء و التعمير ، و -إن كنت لا أريد القول- هل كان علينا نقل المسجد الحرام أيضاً لنفس السبب إلى جدة لكي نتمكن من أن نستجلب له خبراء العمارة ..

ثم إن هناك الكثير من الخبراء الأجانب المسلمين ، سواء في مجال الفندقة و السياحة أو في غيرهما ، و هؤلاء يمكنهم الإسهام في المشاريع التي تُقام في مكة المكرمة ، بل و بعضهم يتمنى ذلك ..

و أما مركز مكة الطبي كمثال لفشل المشاريع في مكة فهو استشهاد في غير محله ، لسبب بسيط و هو أن هناك مستشفيات عديدة خاصة في مكة المكرمة ، و في مواقع أبعد بكثير من موقع مركز مكة الطبي ، ناجحة و رابحة ، و بعضها يتوسع بشكل مستمر ، في حين أن مركز مكة الذي تهيأ له من أسباب النجاح الشيء الكثير و أهمها تصميم المبنى و تجهيزاته و بناه التحتية ، يحقق خسائر بالملايين ..

إن مشكلة مركز مكة الطبي الحقيقية منذ بداية تشغيله هي مشكلة إدارية تشغيلية ، و هذا الكلام سبق لي أن كتبت حوله و ناقشته ، سواء عبر الصحافة ، أو خلال الجمعيات العمومية للشركة ، و شاركني في ذلك آخرون ، و ما لم يتم تدارك هذا الأمر سيضمحل المشروع و يتلاشى رأسماله بالكامل ..

وإذا عرفنا أن مركز مكة الطبي يُدار عن بُعد(بالريموت كنترول)، من خارج مكة المكرمة، حيث يقيم معظم أعضاء مجلس الإدارة ، و يعقدون اجتماعاتهم أحياناً هناك ، يمكننا الحكم على إمكانية نجاح المركز من عدمه ..

لكم عانت مكة المكرمة بسبب حجة الخبراء الأجانب ، و كم روّج الكثيرون لهذه الحجة ، بما في ذلك بعض الجهات الحكومية التي ليس لها علاقة بالخبراء الأجانب ، و التي تُعد بالنسبة لبعضهم محض فرية ، و لو فتشنا عن الأسباب الحقيقية لما وجدنا سوى رغبتهم و أسرهم الإقامة في جدة ، ليس إلاّ ، حتى و إن تعارض ذلك مع المصلحة العامة ..

و أما إشارة الأستاذ عبد الله إلى أن الشيخ عبد الرحمن فقيه قد أسس مشاريع استثمارية في جدة ، و أصبح له مسكن في جدة ينتقل إليه بعض أيام الأسبوع ، فكأني به يريد أن يقول أنه أخيراً ثبت للشيخ عبد الرحمن فقيه أن الاستثمار في جدة أفضل ، و بالتالي فهو يحثه على أن ينتقل إليها بشكل دائم ، و ينقل إليها استثماراته حيث الخبراء الأجانب و العائد الأفضل ..، وهو أمر ثبت للأستاذ عبد الله صحته بالتجربة من خلال هجرته باستثماراته إلى جدة منذ عقود ..

أنا أعرف أن الشيخ عبد الرحمن فقيه لن يتخذ قراره بناءً على ما أكتب ، أو حتى بناءً على ما كتب الأستاذ عبد الله خياط ، لأنني أعرف أن قراره يُبنى على دراسات علمية و موضوعية ، و إن كان لا يخفي حبه و انحيازه إلى مكة المكرمة و ما يخدمها و أهلها دائماً ..

فهل لنا  أن ندعو رجالات مكة إلى الاستثمار في مكة المكرمة ، وندعو الطيور المهاجرة إلى العودة ، بدلاً من الدعوة إلى هجرتها .. و الله المستعان ..

 

نُشر يوم : الاثنين الموافق 23/5/1422هـ في صحيفة : الندوة        رقم العدد :13025